"الجثامين المحتجزة".. أهالي الشهداء يقاتلون وحدهم

"الجثامين المحتجزة".. أهالي الشهداء يقاتلون وحدهم

كتبت: يُمنى محمد حميدي

" لو وضعنا وجعَ الثكلِ في كفة، ووجعَ احتجازِ الجثمانِ في كفةٍ أخرى لرجحت كفةُ الاحتجاز"

بهذه الكلمات وصفَ محمد عليان الناطقُ باسم عائلات الشهداء ووالد الشهيد بهاء وجعَ أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، فعلى الرغم من أن الاحتجازَ يتنافى مع القوانين الدولية إلا أن سلطات الاحتلال ما زالت تتبعُ هذه السياسة التي ازدادت وتيرتها مع الأحداث التي شهدها عام 2015، وحدوث انتفاضة القدس أو ما تُعرف بـ "ثورة السكاكين" والتي نتج عنها سقوطُ ما يقارب مئتين وخمسينَ شهيد، بدأت الحكومةُ الإسرائيلية باحتجازِجثامينهم في الثلاجاتِ ومقابرِ الأرقام كعقابٍ جماعي بحجةِ ادعاءاتٍ غير إنسانيةٍ ومجحفةٍ بحق أهالي الشهداء أنفسهم، فكيف قاتلت عائلات الشهداء في سبيل استرداد جثامين أبنائها؟

أطلقت عائلاتُ الشهداء حملةً شعبيةً لاسترداد جثامين أبنائها، كانت هذه الحملةُ الخطَ الأول للدفاعِ عن هذه القضية، وحشدِ الرأي العام المحلي والدولي حولها، كما استطاعت هذه الحملة بعد الوصولِ إلى المحافلِ الدوليةِ الإفراجَ عن ما يُقارِبُ مئتي شهيد من الثلاجاتِ قانونياً وشعبياً، إضافةً إلى ذلك قامت بالتوجه إلى محكمة العدل العليا الاسرائيلية للنظرِ في جثامين الشهداء المحتجزة والمطالبةِ بالإفراجِ عنها، وذلك بحسب ما صرح به الناطق باسم عائلات الشهداء المحامي محمد عليان.

ماذا أقرت محكمة العدل العليا؟

حول هذا الموضوع قال عليان بأن الحكومة الإسرائيلية قدمت جملةً من الادعاءاتِ لمحكمة العدل العليا للإبقاء على قرارِ احتجازِ الجثامين تمثلت بأن الاحتجاز يحمي من حدوث انتفاضةٍ أخرى، كما أنه وسيلةٌ لمعاقبة الأهالي، وبعد فشلِ الادعاءات المذكورة قدمت ادعاءً آخر يتمثل بأن الاحتجاز هو وسيلةٌ للضغط على "حماس" والفصائل الأخرى لتسليم الإسرائيليين المأسورين لديهم بحسب زعم الاحتلال، وبذلك أقرت محكمة العدل العليا في 9/9/2019 أنه يحق للجيش والشرطة احتجاز جثامين الشهداء ضمن ثلاثة شروط أهمها أن يكون الشهيد ينتمي لحركة حماس، وأنه قام بعمليةٍ نوعية، وآخرها أن يتم احتجازهم في مقابر مؤقتة، والجدير بالذكر أنه وقبل فترةٍ قصيرة أقرت مرةً أخرى بأن يتم احتجاز جثمان أي شهيد بغض النظر عن فصيله.

وتؤكد أزهار أبو سرور والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور الذي استشهد في 2016، وأقرت محكمة الاحتلال دفنه بعد عام في مقابر الأرقام أنها ما زالت تعمل على ترجمةِ الملف الطبي المتعلق بتفاصيل استشهاد ابنها.

وما يلفت الانتباه بأن عائلات الشهداء وحدها في صلب هذه المعركة، معركةُ استرداد جثامين أبنائها، ليتسنى لها دفن أبنائها في مقابرَ تليقُ بمكانتهم، فهذه والدة الشهيد أبو سرور ما زالت تزور قبر ابنها المفتوح، وتعتني به وتزرعه بالورود وأضافت: "أخذنا أرض من الأوقاف من جانب المقبرة، وبنينا فيها صرحا للشهداء بأسماء شهداء مخيم عايدة، وبروح بزور قبر ابني المفتوح جنب الصرح وبزرعه بالورد، هذا بعطيني شعور بالطمأنينة، ولكن بضل في جرح إنه قبر ابني ما زال مفتوح".

أما عائلة الشهيد يوسف العنقاوي الذي استشهد في عام 2019، خاضت معركةً فردية إذ نصبت العائلة خيمةً في ساحة منزلها في بلدة بيت سيرا غرب مدينة رام الله لتنظم يوماً تضامنياً من كل شهر بحضور عائلات الشهداء وأبناء البلدة للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة، ودعوة المؤسسات للوقوف عند مسؤولياتها في التعامل مع هذا الموضوع.

يذكر أن اثنين وسبعين شهيداً ما زالت دولة الاحتلال تحتجزُ جثامينهم من بينهم سبعة أسرى، كان آخرهم الأسير كمال أبو وعر من جنين، الشهيد عاهد قوقاس من بلدة بيت أمر، الشهيد الطفل عطالله ريان من سلفيت، الشهيد محمد عمرو من بلدة حلحول.