خلال مؤتمر صحفي .. مطالبات بإرسال وفد طبي دولي للإشراف على صحة الأسرى في ظل تصاعد انتشار "كورونا" بينهم
رام الله- طالبت اللجنة الوطنية العليا لإنقاذ حياة الأسرى المرضى ووزارة الصحة، مؤسسات المجتمع الدولي وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالضغط على حكومة الاحتلال لإنقاذ حياة الأسرى المرضى، والإفراج عنهم في ظل تصاعد انتشار عدوى فيروس كوفيد 19 المُستجد بين صفوفهم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله اليوم الأربعاء.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية في كلمتها، بأن سلطات الاحتلال لا تزال تمعن بإيذاء وإهمال الأسرى بشكل يخالف كافة الأعراف والقوانين الدولية، لافتة بأنه منذ انتشار الوباء بين صفوف الأسرى أي منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، تجاوزت أعداد الإصابات (300) إصابة، والنسبة الأعلى سُجلت بمعتقل "جلبوع" يليه سجني "النقب وريمون".
وتابعت كيلة أن الاحتلال يتعمد استخدام فيروس "كورونا" كأداة قمع وتنكيل بحق الأسرى، دون أدنى اهتمام بالمخاوف المحيطة بهذا الوباء، حيث تشكل بيئة السجون بيئة محفزة لانتشار المرض خاصة مع انعدام إجراءات الوقاية والسلامة العامة لمنع تفشي المرض.
وأضافت أن وزارة الصحة الفلسطينية خاطبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية عدة مرات من أجل تكثيف الجهود والعمل على إنقاذ حياة الأسرى لا سيما المرضى منهم، ومن الخطر الذين يعيشونه في ظل الاكتظاظ الكبير داخل غرف الأسرى وتحول السجون لبؤر للوباء.
وأكملت أن وزارة الصحة الفلسطينية قلقة بشأن الأوضاع الصحية لكل من الأسير أيمن سدر والذي جرى نقله للمشفى نتيجة مضاعفات فيروس "كورونا"، والأسير خالد غيظان وباسل عجاج وعبد المعز الجعبة، وطالبت منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة ترتيب زيارة لهم للاطمئنان على أحوالهم الصحية، وشددت على أهمية تشكيل لجنة دولية محايدة تتابع أوضاع الأسرى داخل السجون وتشرف على متابعة إعطائهم التطعيمات ضد عدوى فيروس "كورونا".
من جانبه استعرض اللواء قدري أبو بكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين آخر التطورات داخل معتقلات الاحتلال والظروف المأساوية التي يعيشها الأسرى في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد الارتفاع الملحوظ بأعداد الإصابات بفيروس "كورونا" بين صفوف الأسرى، وتدهورت أوضاعهم الصحية نتيجة لمضاعفات هذا المرض كحال الأسيرين خالد غيظان وأيمن سدر.
وتابع أبو بكر أن إدارة سجون الاحتلال تتعمد زج الأسرى المصابين بهذا الفيروس بأوضاع اعتقالية قاسية، وتكتفي بتقديم (حبة ليمون ومسكن) من أجل مقاومة هذا المرض، عدا عن ذلك فإن إدارة السجون تماطل بأخذ العينات من الأسرى في حال ظهور أعراض الفيروس عليهم.
وتناول أبو بكر أيضاً موضوع بدء إعطاء اللقاحات للأسرى في مختلف السجون، مشيراً بأن جزءاً من الأسرى رفضوا تلقي اللقاح، بسبب تخوفهم وقلقهم، خاصة مع التجربة التاريخية الطويلة المرتبطة بسياسات إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى، ومنها سياسة الإهمال الطبي، واستخدام أجسادهم كحقول للتجارب، وهناك أسرى آخرين لم يتلقوا الطعم بذريعة أن إدارة السجون تتابع دراسة ملفاتهم الطبية قبل إعطائهم اللقاح.
وعن وضع الأسير حسين مسالمة قال أبو بكر أنه بوضع حرج وخطير، مشيراً إلى أن الأسير مسالمة كان يعاني من أوجاع حادة في جسده منذ شهور، لكن إدارة سجون الاحتلال ماطلت بنقله لتلقي العلاج لتعلن بعدها إصابته بمرض سرطان الدم (اللوكيميا).
أما رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، فقد أكد على أن سلطات الاحتلال بكافة مؤسساتها وأجهزتها ماضية في ممارسة سياسة الإهمال الطبي المتعمد، فعلى مدار العقود الماضية تورطت كل مؤسسات "دولة" الاحتلال في رسم السياسات واتخذت القرارات وشرعت العديد من القوانين، وشكّل الجهاز القضائي للاحتلال غطاءً لتلك السياسات، فكلهم متورطون بجملة كبيرة من الجرائم التي راح ضحيتها العشرات من الأسرى، نتيجة للإهمال الطبي وسياسات تنكيلية أخرى.
وأشار فارس إلى أن محكمة الاحتلال رفضت الإفراج صباحًا عن الأسير المريض بالسرطان حسين مسالمة، الذي يواجه وضعًا صحيًا حرجًا في مستشفى "سوروكا"، حيث تدعي المحكمة أن هناك تحسنا على وضعه الصحي لذلك رفضت الإفراج عنه، علمًا أن الأسير مسالمة ما يزال بوضع صحي حرج في المستشفى، وحين ذهب والديه لزيارته التي استمرت 7 دقائق لم يتمكنا من معرفته بسبب الانتفاخات في وجهه وجسده.
وأكد فارس أن الأسير مسالمة تعرض لإهمال طبي على مدار الشهور الماضية، حيث أن إصابته بالمرض اُكتشفت بعد أن وصل لمرحلة صعبة، أما على صعيد واقع الأسرى المصابين بـ(الكورونا)، قال انهم يعانون أوضاعًا صعبة، فغالبية من أُصيبوا في سجن "ريمون" عانوا من أعراض ما بين متوسطة وصعبة، وهذا ما يُفسر نقل أسرى إلى المستشفى يوميًا، حيث تقوم إدارة السجون بنقلهم لساعات إلى المستشفى وتعيدهم إلى السجن، بذريعة حالة الاكتظاظ في مستشفيات.
ودعا فارس الحركة الوطنية للقيام بمسؤولياتها، وأن لا تختزل قضية الأسرى لدى وزارة الصحة أو هيئة الأسرى أو المؤسسات والجمعيات التي تتابع القضية، فقضية الأسرى هم وطني عام ويفترض أن ينخرط فيه الجميع، حيث أن مستوى الاهتمام الوطني يعكس نفسه تلقائياً على مستوى الإهتمام الدولي.
في حين قال حلمي الأعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، بأنه لا بد من دق ناقوس الخطر وذلك بعد تصاعد الإصابات بـ(الكورونا) بين صفوف الأسرى، حيث هناك خطر حقيقي يهدد حياة الأسرى خاصة المرضى منهم، فهم يتعرضون قبل ذلك لسياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة معتقلات الاحتلال، ومع تفشي الوباء بات الأمر أكثر صعوبة عليهم.
وشدد الأعرج بكلمته على ضرورة الالتفاف حول أسرانا وأسيراتنا ومساندتهم فهذا واجبنا كأبناء شعب فلسطيني واحد، وطالب مؤسسات المجتمع الدولي بالخروج عن صمتها وإدانة دولة الاحتلال وإجبارها على تحمل مسؤوليتها تجاه أسرانا في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية مع تفشي العدوى، والضغط على السلطات الإسرائيلية للسماح باستقبال وفد دولية أممية للاطلاع على واقع المعاناة التي يعيشها الأسرى حالياً.
بدوره أشار أمين شومان رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، أن حكومة الاحتلال وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تتعامل مع الأسرى بشكل يخالف كافة المواثيق والقوانين الدولية، بدليل ما جرى داخل المعتقلات منذ بداية جائحة (كورونا)، فإدارة السجون لم تقم بتوفير أي من الإجراءات الوقائية اللازمة في أقسام الأسرى، كمواد التنظيف والتعقيم للوقاية من هذا الوباء، كذلك لم تسمح لأي لجنة محايدة من أي جهة كانت سواء قانونية أو حقوقية أو صحية للاطلاع على أوضاع الأسرى وتحديداً المرضى منهم، كحال الأسير اللواء فؤاد الشوبكي، وحسين مسالمة، ومعتصم رداد، وموفق العروق، والأسرى المقعدين القابعين بما يسمى سجن "عيادة الرملة"، وغيرهم من الأسرى.
وطالب شومان بضرورة فضح هذه الممارسات التي تقوم بها إدارة سجون الاحتلال، كما طالب من الكل الفلسطيني بمختلف المستويات الشعبية والحقوقية والقانونية أن يتحمل مسؤوليته تجاه الأسرى والأسيرات، مؤكداً على ضرورة وجود خطة وطنية استراتيجية لإسناد الحركة الأسيرة بحراك شعبي وجماهيري يرتقي لمستوى آلامهم وعذابهم داخل السجون.