بانتظار موسم من ذهب

بانتظار موسم من ذهب

الأغوار- على بعد أيام، تنطلق فعليا باكورة موسم قطف التمور في الأغوار الفلسطينية، وإن كانت هذا العام قد تأخرت قليلا؛ لسبب يتعلق بشكل رئيسي بالطقس والحرارة خلال فترة الصيف.

فثمار التمر المتدلية في قطوف بشكل دائري حول أعلى جذع الشجرة، تحتاج لدرجات حرارة مرتفعة صيفا؛ لتنضج في وقتها المناسب، لكن هذا الصيف كان دون موجات حارة مؤثرة بشكل مباشر، ما جعل الموسم يتأخر بضعة أيام.

وبالعادة، تبدأ الأيدي العاملة بقطف ثمار التمر خلال الثلث الأول من شهر أيلول/ سبتمبر من كل عام، غير أن موسم قطف التمور العام الحالي متوقع أن ينطلق في الثامن عشر من الشهر الجاري.

وتشهد مزارع التمور بالأغوار الفلسطينية، خلال موسم القطيف، حركة دؤوبة لمئات العمال.

لكن لا علاقة لموعد بدء موسم القطيف بالأيدي العاملة فيه.

يقول مدير دائرة البستنة الشجرية في وزارة الزراعة، عودة صباعنة: "هذا الموسم متأخر بضعة أيام بسبب الطقس(..)، هناك تأخير بحدود عشرة أيام".

يكرر الكلام ذاته أحمد دراغمة، أحد مزارعي التمور بالجفتلك، ويمتلك اليوم أرضا مزروعة بــ3000 شجرة نخيل بأعمار مختلفة.

وعلى قدم وساق، تسير التحضيرات عند دراغمة للبدء فعليا بموسم التمور.

مزارعون في الأغوار يعملون على تجهيز معداتهم للبدء بموسم قطف التمور. 

حتى عشر سنوات مضت، كانت مساحة أراض زراعية تقدر بــ250 دونما، تزرع سنويا بمحاصيل مروية في قرية الجفتلك بالأغوار الوسطى، لكن دراغمة وأشقاءه تحولوا بعد ذلك لزراعة التمور بدلا من المحاصيل المروية المعتادة في المنطقة.

والرجل الذي يمتلك بئرا جوفية في المنطقة، انتبه قبل سنوات قليلة لمشروع يدر عليه مردودا أضعاف ما كانت عليه الزراعة المروية.

فالأراضي الزراعية التي يحوزها دراغمة، أصبحت اليوم جميعها مزروعة بأشجار النخيل. وأمكن مشاهدة مساحات من الأراضي المزروعة بمئات أشجار النخيل بأعمار متفاوتة.

ويبدو أن الجزء الأكبر من تلك المساحات تتهيأ لقطفها في الفترة المقبلة.

وزراعة التمور إحدى القطاعات التي أخذت بالنمو منذ سنوات بشكل ملحوظ في الأغوار الفلسطينية.

ويمكن مشاهدة آلاف الدونمات الزراعية المزروعة بأشجار النخيل في القرية الواقعة ضمن الشريط الشرقي للضفة الغربية. وتبدو أشجار النخيل المزروعة في أسراب منتظمة بشكل مستقيم، تعطي حرية الحركة للآليات الهيدروليكية والجرارات الزراعية التي تشارك في عملية القطيف.

يقول صباعنة إن موسم قطف التمور يمتد من العاشر من شهر أيلول حتى العشرين من شهر تشرين الثاني، يمكن أن يتأخر يومين أو يتقدم يومين على اختلاف الموسم.

لكن هذا الموسم تأخر أكثر من يومين.

راهنا، بدت زراعة التمور تطفو على السطح في المنطقة الغورية.

فمنذ سنوات يتجه العديد من أصحاب رؤوس الأموال في الأغوار الفلسطينية الممتدة على طول الشريط الشرقي الضفة الغربية إلى زراعة النخيل.

والمعطيات الرسمية بخصوص هذا النوع من الاقتصاد الزراعي مثيرة للاهتمام. ففي الأرقام التقديرية التي أخبر بها صباعنة، أن 27250 دونما مزروعة بالنخيل في الضفة الغربية.

ويمكن لشجرة النخيل بعد سنوات أن تأخذ حيزا كبيرا في محيطها، ولهذا السبب يزرع في الدونم الواحد 12 شجرة فقط. وبعملية حسابية فإن عدد الأشجار المزروعة في الضفة الغربية وصل لــ327 ألف شجرة متفاوتة الأعمار.

وفي علاقة طردية مع عمرها، فالنخيل قبل عمر السنتين لا يعطي الثمار، لكن من عمر السنتين حتى أربع سنوات يكون الإنتاج خفيفا، ومن عمر 4 سنوات حتى 10 يكون الإنتاج متوسطا، وفوق الــ10 سنوات يكون الإنتاج عاليا.

وبحسب الأرقام المبنية على قاعدة علمية، فإن عمر الشجرة الواحدة يتراوح بين 30-35 سنة. لكن في الوقت الذي يبدأ فيه إنتاج الشجرة بالانخفاض، يعمل المزارعون على اقتلاعها وزراعة بدلا منها.

"إنه موسم من ذهب". قال دراغمة.

يقول صباعنة: "تراوحت كمية التمور التي قطفت العام الماضي بين 12_12.5 ألف طن، معظمها من التمر المجهول".

وهي كمية متوسطة. لكن تشير التوقعات لهذا العام إلى أن الإنتاج سيكون أعلى من المتوسط بقليل.

فالنسبة المئوية المرتفعة لنوع "المجهول" من مجمل إنتاج التمور، دليل واضح على ذلك.

والمجهول هو واحد من أفضل أنواع التمور التي يجري قطفها كل عام في الأغوار الفلسطينية، وهي بيئة ترتفع فيها درجات الحرارة صيفا.

وخلال أيام، يبدأ التجار بعرض أنواع التمر المختلفة، من الموسم الحالي في محلاتهم التجارية، لتضيف سببا آخر لنشاط السوق المحلية.

يقول صباعنة إن  90% من كمية الإنتاج العام للتمور هي من نوع "المجهول"، فيما تكون نسبة الإنتاج من نوع "البرحي" 4%، ومثلها لــ"دجلة نور"، وأقلها البلدي وهو ما نسبته 2% من مجمل الانتاج.

ذاته صباعنة قال إن السبب في أن الطلب الكبير على نوع "تمر المجهول" في بعض الدول، يعود إلى أن نسبة نجاحه في فلسطين مرتفعة كبيرة.

وبأرقام رسمية، فإن نسبة صادرات التمور الفلسطينية تصل لــ4% من إجمالي صادرات السلع الفلسطينية.

 فبناء على معطيات رسمية أخبر بها مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني، رشاد يوسف، مراسل "وفا"، فإن قيمة الصادرات من التمور الفلسطينية إلى الخارج، على سبيل المثال لا الحصر، بلغت عام 2020، ما يقارب 40 مليون دولار.

عن (وفا)