عائلة "أبو حسن".. ارتباط وثيق بالأرض
سلفيت- لو كان بالإمكان اختيار ايقونة للفلاح الفلسطيني النشيط في محافظة سلفيت تحديدا، لوقع الاختيار على عصام أبو يعقوب "أبو حسن" (61 عاما) من بلدة كفل حارس شمال غرب سلفيت، الذي ولد على حب الأرض وفلاحتها، وعاش طفولته يحمل الماء على رأسه ليروي غرس الزيتون.
وُلِدَ "أبو حسن" لأب عاشق للأرض وخيراتها، وتزوج من امرأة مقاومة تسير معه كل صباح من الوادي حتى قمة الجبل مكتفية برغيف الخبز والقليل من الزيت والزعتر لتناول طعام الغداء، يتفقدان الأرض سوية، دون تعب أو ملل.
والده الحاج حسن مسعود اشترى في العام 1979 قطعة أرض بمساحة 32 دونما على المدخل الشمالي لمدينة سلفيت، وهو العام نفسه الذي أقام الاحتلال به مستوطنة "ارائيل"على أراضي المواطنين، والتي أصبحت واحدة من أكبر المستوطنات المقامة في الضفة الغربية.
يروي أبو حسن: "كان والدي فلاحا ماهرا، يشترى الأرض ويبدأ بزراعتها بأشجار الزيتون والتين والعنب فورا، متنقلا بين البلدة وأرضه في أماكن مختلفة على دابته، وفي موسم القطاف تشارك العائلة مجتمعة منذ ساعات الصباح وحتى مغيب الشمس جني المحصول".
وأضاف: بعد أن توفي والدي، أصبحت العناية بالأرض مضاعفة لأنها وصية والدي أولا، ولأنها تقف أمام وجه الاحتلال ومستوطنيه، نقوم بحراثتها وتقليمها منذ بداية العام لمساعدة الشجر في زيادة انتاجيته، ونحن نفتخر أننا قادرون على الحفاظ عليها حتى اليوم".
بدأت عائلة أبو حسن بقطف ثمار الزيتون في أرضها هذا العام منذ عدة أيام فقط، وفي كل عام يجتمع الأخوة والأخوات وأبناؤهم منذ الصباح الباكر، ومعهم معدات القطف ويتوجهون إلى الأرض.
يقول أبو حسن: "نتواجد بهذه الأرض باستمرار، لاثبات حقنا ووجودنا الحقيقي فيها، خوفا من أطماع المستوطنين بالسيطرة عليها، خاصة بعد أن استولت قوات الاحتلال على نحو 5 دونمات من أرضنا بالقوة لصالح مستوطنة "ارائيل".
ويؤكد: "الحفاظ على الأرض هي مهمتنا الأزلية التي ورثناها عن أجدادنا منذ مئات السنين".
ويشر إلى أن الاحتلال يقوم بإطلاق الخنازير البرية في المنطقة، والتي تقوم بتخريب كافة المزروعات وأغصان الأشجار، فيما يهاجمنا المستوطنون في بعض الأحيان لإرغامنا على الرحيل من الأرض.
ويوضح أبو حسن أن هذه الأرض تعتبر مصدر الرزق الوحيد طوال العام، وتنتج سنويا ما يقارب 150 تنكة زيت قيمتها نحو 10 آلاف دينارا.
تشارك النساء بقوة أيضا في موسم قطف الزيتون، وفي بعض الأحيان تجلب "أم حسن" فرن النار معها وتقوم بإعداد الخبز في أحضان الطبيعة، فيما يذهب الأطفال إلى طقوسهم الخاصة باللعب بالكرة بين أشجار الزيتون.
ويلاحظ في موسم القطاف أيضا مشاركة الوفود الأجنبية التي تزور فلسطين بحملات تطوعية لمساعدة المزارعين، حيث يشارك الحاج أبو حسن منذ عدة سنوات وفود أجنبية، وتطلع عن كثب على حياة المزارع الفلسطيني وما يعانيه من تعب ومشقة للحفاظ على أرضه وصموده فيها، وكيف يعتدي المستوطنون على اراضي المزارعين في مناطق مختلفة بمحافظة سلفيت.
من جهته، قال مدير زراعة سلفيت ماجد الخراز لـ"وفا": إن حوالي 65 ألف دونم مزروعة بأشجار الزيتون في المحافظة، ومنذ بداية العام الحالي تم تسجيل 700 اعتداء من قبل المستوطنين على المزارعين وأشجار الزيتون تمثلت في: تكسير، وحرق، واقتلاع الأشجار.
وأضاف: وزارة الزراعة تدعم المزارعين بكافة امكانياتها المادية والمعنوية تأكيدا منها على دعم المزارعين والوقوف الدائم بجانبهم خاصة في المناطق المحاذية للمستوطنات، وتعزيزا لصمود الأهالي فوق أراضيهم المهددة بالاستيطان، وفي هذا العام استصلحنا بالتعاون مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حوالي 73 دونما، وتم عمل سياج لحماية الأرض على ما يقارب 60 دونما، خاصة أن المزروعات تتعرض للتخريب بسبب الخنازير البرية التي يطلقها المستوطنون في الحقول، كما تم بناء 24 بئر جمع، وشق طرق زراعية بطول 11 كم لتسهيل وصول المزارعين إلى أراضيهم واستصلاحها وفلاحتها.
عن (وفا)