جائزة لمجلس المستوطنين

جائزة لمجلس المستوطنين

جائزة لمجلس المستوطنين

جدعون ليفي*

“ عميقا في قلوبهم عرف الجميع هنا بأن المستوطنين هم خلفاء حملة السلب والطرد والقمع الكولونيالية التي لم تتوقف في أي يوم. فما بدأ في حنيتا يتواصل في سوسيا. وعلى ذلك يستحق مجلس “يشع” جائزة إسرائيل “.

​جائزة إسرائيل لانجاز العمر عن مساهمة خاصة للمجتمع تم حجبها في هذه السنة: يهودا ميسي زهاف لم يعد مرشح للجائزة. محاولة منح جائزة مشروع الحياة لمشروع ميت – جمعية زكا – لم تنجح. الآن يجب إيجاد مرشح آخر للجائزة. وقد حان الوقت لمنحها لمن يستحقها حقا، ومن قدم للمجتمع والدولة، أكثر من أي جهة أخرى، إلى درجة أنه غير تماما وجه الدولة وحدودها وصورتها، وحتى نظامها. وقد حان الوقت لمنح الجائزة لمجلس “يشع”، لا يوجد من يستحقها أكثر منه.

​عدد من ممثلي مشروعها حصلوا على الجائزة؛ مثلا، كبير سارقي الفلسطينيين في القدس، دافيد باري، مدير عام جمعية (العاد). ولكن هذا كان تقدير جزئي، محدد، مقلص، تقدير لم يشاهد كل الصورة. ومنح الجائزة لمجلس يشع أو لسابقته جمعية غوش ايمونيم أو لأحد رؤسائها، زئيف حيفر (زمبيش) أو دانييل فايس أو إسرائيل هرئيل، سيعكس بصورة صادقة روح العصر، وبالأساس المساهمة المصيرية للمجتمع، الذي تستهدف الجائزة تقديره. وقد حان الوقت لكل صهيوني لتقدير المستوطنين. فهم قصة النجاح الكبيرة للصهيونية منذ إقامة الدولة. لا يوجد اليوم صهيونية بدون المستوطنات، ولا يوجد مثل المستوطنات من اجل التعرف على طبيعة الصهيونية الكولونيالية.

​هذه الأقوال لم تتم كتابتها كتحد. لو أن المستوطنات لم تنشأ لكانت لنا الآن إسرائيل مختلفة، بمساحتها وطابعها. يجب الاعتراف بذلك. يجب الاعتراف باستقامة بأن المستوطنين قد انتصروا منذ زمن. كولونياليتهم، خلافا لجميع الحركات الكولونيالية الأخرى في التاريخ، هي كولونيالية لا يمكن الرجعة عنها. فقط تخيلوا إسرائيل بدون مستوطنات. هي ستكون دولة مختلفة، أصغر وأكثر أمنا وعدلا. لا توجد لاهاي أو ابرتهايد.

​ربما كان احتلال الضفة الغربية سيستمر فترة أخرى من الوقت بسبب “الاعتبارات الأمنية”، لكن كان من السهل جدا إنهاؤه. إحدى عمليات السلام التي لا حصر لها كانت ستعمل على إنهائه، بعد أن يتمكن أحد رؤساء حكوماتها من استجماع الشجاعة لفعل ذلك. وعلى كل المنطقة كانت ستقام دولة فلسطينية حقيقية، مثلما يستحق الفلسطينيون. ولكن بسبب وجود المستوطنات لم يكن ولن يكون هناك أي حل للتقسيم. هذه المستوطنات بنيت أيضا من اجل إفشال هذا الحل. وقد نجحت بدرجة كبيرة، والآن حان الوقت للاحتفال بالانتصار.

إسرائيل بدون مستوطنات كانت ستكون مجتمعا مختلفا، ولما كان الجيش سينشغل تماما في مهمات سيطرة استهدفت بالأساس حماية المستوطنين، وأجيالا أخرى من الشباب كانت ستتربى هنا، شباب لن يدخلوا في أي يوم مع البنادق والكلاب إلى غرف النوم في كل ليلة من اجل أن يختطفوا بدون محاكمة سكان البيوت، شباب لن يقفوا على الحواجز أو يطاردوا الأولاد. وهم ما كانوا سيدمنون على العنف والقوة، أو على التفكير بأن كل شيء مسموح لهم. الاحتلال ليس العامل الوحيد لعنف إسرائيل والتطرف القومي والتعالي والعدوانية. لكن يوجد له تأثير حاسم.

تخيلوا لو أنه كان في جنوب لبنان مستوطنات: إسرائيل كانت ستبقى هناك إلى الأبد. كان سيكون لنا إسرائيل مختلفة، أكثر كولونيالية وأكثر عنصرية. كانت هناك مجرد خطوة بيننا وبين إقامة مستوطنات بين صور وصيدا، مثلما تم بناء مستوطنات بين شرم الشيخ وطابا، وبين غزة ورفح. ألم يستوطن في شمال ارض كنعان يهود؟ في نهاية المطاف، حيرام، ملك صور، قدم أشجار الأرز للهيكل، واحيئاف ملك إسرائيل، تزوج من ايزابيل ابنة اتباعل، ملك صيدا – أليست هذه ارض التوراة؟ أليست جميعها لنا؟ ألا نستحق ذلك؟ فقط كانت هناك خطوة.

​ولكن ما تم تفويته في جنوب لبنان واخلاؤه في سيناء المصرية وفي غزة الفلسطينية سيبقى إلى الأبد في يهودا وبنيامين. يوجد لذلك الآن حوالي 700 ألف ضمانة. صحيح أن كل إسرائيل، يمينا ويسارا، خضعت للضغوط والتخويف والابتزاز، ولكنها فعلت ذلك عن طيب خاطر. عميقا في قلوبهم عرف الجميع هنا بأن المستوطنين هم خلفاء حملة السلب والطرد والقمع الكولونيالية التي لم تتوقف في أي يوم. فما بدأ في حنيتا يتواصل في سوسيا. وعلى ذلك يستحق مجلس “يشع” جائزة إسرائيل.

عن صحيفة "هآرتس" العبرية

جدعون ليفي صحفي إسرائيلي يعتبر من أشد منتقدي سياسات الاحتلال