قولوا لبايدن: لا يوجد شريك فلسطيني

قولوا لبايدن: لا يوجد شريك فلسطيني

 

قولوا لبايدن: لا يوجد شريك فلسطيني

زلمان شوفال

علم في الآونة الأخيرة أن السلطة الفلسطينية «بدأت تمارس ضغطاً شديداً على الإدارة الأميركية بهدف الحصول في أثناء الزيارة (للرئيس بايدن) على بادرة طيبة ذات مغزى». ومع أنه من الصعب أن نرى السلطة الفلسطينية «تمارس ضغطاً» على الولايات المتحدة، لا شديداً ولا على الإطلاق»، وفي هذه الأثناء فان الزيارة التي كانت ستتضمن السعودية أيضاً قد تأجلت على اي حال، ويحتمل أن تتأجل أكثر، سواء بسبب الحكومة المنهارة في إسرائيل أم بسبب المعارضة في أوساط أجزاء واسعة من الكتلة الديمقراطية في الكونغرس وبخاصة في الجناح اليساري لتحسين العلاقات مع السعودية؛ بسبب ازمة النفط، كانت الزيارة الى السعودية احد الأهداف الأساس للرحلة، لإسرائيل أيضا توجد مصلحة في عدم التصعيد بين واشنطن والرياض – سواء لأجل إقامة العلاقات مع السعودية على أساس دائم وأكثر علانية، أم لتعزيز الجبهة الإقليمية ضد إيران، وكنتيجة لذلك مقاومة ميول العودة الى الاتفاق النووي في اميركا.

لن يكون الموضوع الفلسطيني في مركز الزيارة المخطط لها، اذا ما جرت، لكن يمكن الافتراض بأن الرئيس سيكون مطالباً بالفعل بأن يقدم بادرات طيبة معينة تجاه السلطة الفلسطينية وذلك أيضاً لأجل إرضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي اصبح عداؤه لإسرائيل احد البنود الأساس في أجندته السياسية. ذكرت مواضيع مثل زيارة المستشفى العربي في شرقي القدس، إعادة فتح مكتب م.ت.ف في واشنطن، واولا وقبل كل شيء، فتح قنصلية أميركية منفصلة في القدس الشرقية، الفعل الذي معناه العملي والقانوني هو الإلغاء الفعلي للاعتراف الاميركي بالقدس الموحدة كعاصمة اسرائيل.
ليس لدى العصبة المنقسمة والمتعثرة التي تسمى «حكومة التغيير» على اي حال العمود الفقري السياسي والقدرة الفكرية للتصدي لمعظم التحديات التي امام دولة اسرائيل، وهذه ستكون مهمة الحكومة التالية، سواء أقامت في الكنيست الحالية ام بعد الانتخابات. اسرائيل لا تعيش وحدها، والازمة العالمية حول الحرب في اوكرانيا، التصدي المحتدم بين فكرين متنافسين حول النظام العالمي، والتهديد بأزمة اقتصادية عالمية تشدد ذلك بقوة اكبر. ولكن في تناول الموضوع الفلسطيني الذي يتعلق بنا مباشرة يوجد تشوّش، سوء فهم وانعدام خط توجيه، وليس فقط في اليسار. أولئك الذين في اليسار يدّعون بأن إسرائيل مذنبة في عدم تحقيق السلام ويتجاهلون، عن وعي او عن غير وعي، ان الشرط الأساس للفلسطينيين، سواء أكانوا زعماء معتدلين اكثر، مثل أبو مازن، ام المتطرفين مثل حماس، لكل حل هو حق العودة للاجئين الى إسرائيل، الذي يعني شطب دولة إسرائيل. كل ما تبقى، بما في ذلك حل الدولتين، ليس سوى وسيلة انتقالية لتحقيق هذا الشرط.

وأكثر من ذلك، فإن إقامة دولة فلسطينية الآن معناه ليس فقط دولة بسيطرة «حماس» او محافل متطرفة أخرى بل أيضا جلب إيران الى حدودنا الشرقية، تهديد على مواصلة وجود الأردن، وموجة لا تتوقف من الحروب. ان من خاض المفاوضات من الإسرائيليين الى اتفاقات أوسلو في حينه تجاهلوا هذه الحقيقة، جلبوا الى البلاد قيادة م.ت.ف برئاسة ياسر عرفات وأسسوا بذلك التكاتف الفكري والعملي بين الشتات الفلسطيني وسكان الضفة الغربية وغزة. بالمقابل، في أجزاء من اليمين يأملون بأن بناء مكثفاً في كل يهودا والسامرة سيقلب الواقع رأساً على عقب بينما في الهوامش يوجد نوع من الحلف غير المكتوب بين عضوي الكنيست كسيف وبن غفير اللذين يسعيان، لأسباب متعاكسة بالطبع، كل على حد طريقته، الى دولة واحدة من البحر الى النهر، ما يعني القضاء على إسرائيل كدولة يهودية.
النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الذي جذوره ايديولوجية وليس اقليمية في اساسها، ليس النزاع القومي الوحيد في العالم الذي لم يوجد له حل. لكن هذا لا يعني أنه لا تحتمل تسويات جزئية تخفض لهيب العنف، تضمن المصالح الاسرائيلية الامنية والصهيونية والى جانب ذلك توسع المجال الفلسطيني لادارة شؤونه بذاته. في هذه اللحظة لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك لأي تسوية، جزئية كانت ام غيرها، وعليه فسيستمر على ما يبدو الوضع الراهن الحالي – وهذه هي الرسالة الوحيدة التي يمكن للرئيس بايدن، إذا ما جاء، ان يأخذها معه في طريق عودته الى واشنطن.
"معاريف"