من علاء.. العناوين ليست كل شيء

من علاء.. العناوين ليست كل شيء


"هنا أردت أن أقول أن البدايات الجميلة تلفت الانتباه، لكن كثيراً من القصص تبدأ كغيرها بسيطة، دافئة، ضيقة، لكنها سريعاً ما تكبر، إذا ما تأملت بها وإن لم تعجبك بدايتها ربما سترى في عينيها لحن".. علاء صبيحات

رام الله-خبر 24

كتبت: أحرار جبريني

ترابها  أغلى من الذهب.. والشهادة لأجلها قمة الطلب.. هي فلسطين  أرض السلام وما خلقت يوماً للسلام.. هكذا تتلمذ علاء الدين توفيق علي صبيحات على يد والده الشهيد الذي ارتقى مكللاً بالعز أمام عيني ابنه الذي حمل مسؤولية الأسرة والدم وكلاهما حمل تنأى عن حمله الجبال، لكنهم أبناء فلسطين الذين لا تهتز أكتافهم من حمل الجبال.

اختار جده اسم علاء الدين وكأنه يطلقه من مصباح الحياة لرحلاتها التي لا تتوقف إلا مع الرمق الأخير.. وعلاء الدين الذي له من اسمه أكبر نصيب متزوج ولديه طفل اسمه عمر.. وهو أب جيد كما يعتقد يسعى لتوريث ما حَمَلهُ إياه والده لإبنه ويعلم ابنه كيف يكون باراً بوالده.. وهو زوج يبحث عن الكمال.. وهذه صفات الارض التي تنبت الرجال.. ويقطن في قرية رمانة بمحافظة جنين.. يحب الضيف ويكرمه.. ويكره أن يستغله أي شخص بأي شكل، سوى ابنه، فهو يحب استغلاله لعطفه عليه وحبه إليه.

تخرج بمعدل متوسط في الثانوية العامة، درس الحقوق لعامين ثم التحق بتخصص اللغة العربية والإعلام، في الجامعة العربية الأمريكية، ومن هناك كانت انطلاقته نحو الإعلام ، هذا الشاب ابن الارض والوطن حامل القضية والوصية التقيناه ليخبرنا أكثر عن رحلته مع الإعلام.

متى بدأت بالعمل الاعلامي وكيف كانت البداية مع الصحافة الرياضية ؟

بدأت بالعمل الإعلامي كصحفي متدرب في وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية "وفا"، ثم انتقلت بعدها إلى صحيفة الحدث الفلسطينية ثم إلى قناة فلسطين الرياضة والشباب ثم إلى شبكة فلسطين الرياضية وأنا اليوم أعمل في إعلام جمعية الكشافة الفلسطينية.

التحول الكبير من الإعلام السياسي إلى الإعلام الرياضي جاء بمحض الصدفة، لكنها صدفة وإن تكررت سأكون سعيداً جداً، صدفة دخلت منها إلى عالم كبير وواسع لا يعلمه إلا قليل، التقيت بأناس جزء من الملائكة وبشباب مبدع ساع إلى التميز رغم قلة الإمكانيات.

  • ماذا عن تحديات البداية التي واجهتها خلال مشوارك ؟

كانت البداية صدفة كما أسلفت، ودخولي إلى عالم الإعلام الرياضي لم يكن مخططاً له، واجهت صعاباً كثيرة، فلم أكن أعرف أسماء أغلب الأندية، ولا أعرف من نجوم الرياضة الفلسطينية سوى بعض اللاعبين، حتى الرياضات في فلسطين كانت أكثر من ما كنت أتخيل، والتنظيم الرياضي لأي حدث كان كبيراً جداً، لذا في البداية ذُهلت.

كان زملائي في البدايات يدعمونني بالمعلومات الرياضية، وكان يعلمونني كيف أحسب النتائج لأي حدث رياضي وما سيترتب عليه من نتائج لاحقة، وفي النهاية أصبحت متعة بالنسبة لي أن أشاهد أي حدث رياضي، وأحسب نتائج المسابقة في ذهني، والمتعة أصبحت شغفا.

  • كيف تصف لنا واقع الاعلام الرياضي الفلسطيني ؟

الإعلام الرياضي الفلسطيني قوي، والواقع الرياضي أقوى، كثير جداً من الأسماء المرموقة في الإعلام هي بالأصل نجوم كبيرة في الإعلام الرياضي على المستوى الفلسطيني، ما يحتاجه الإعلام الرياضي الفلسطيني حاليا هو "إعادة ضبط العدسة" على بؤرة في الصورة أصبحت أهم من الإعلام التقليدي، وهو الإعلام الجديد، أو إعلام الفضاء الإلكتروني، وهو إعلام بحاجة لمهارات ومعدات خاصة يجب تعلمها.

  • حدثنا عن أهم مشاركاتك في مشوارك الصحفي ؟

في المشوار الصحفي ترى كثيراً من الأحداث الهامة، أو بالأحرى يجب أن تبحث عن الأحداث الهامة لتنقلها، لكن هناك حدث زلزل كياني عندما نقلنا بث مباشر لأحد الصحف التي كنت أعمل بها، وإذ بشاب فلسطيني يدخل إطار الكاميرا وينفذ عملية طعن، كان حدثاً مؤثراً وصادماً وغير متوقع، وما تبعه من أحداث كانت أكبر وأصعب، الشاب أصيب وتنقل بين عدة سيارات إسعاف وجنود الاحتلال كانوا يحاولون اعتقاله وأبطال الهلال الأحمر كانوا يهربون به من سيارة لسيارة وكل سيارة إسعاف كان يدخل بها المصاب كان الجنود يصادرون مفاتيح السيارة ثم ينزله أبطال الهلال الأحمر وينقلونه إلى سيارة ثانية تكرر الأمر حتى تنقل المصاب بين 6 سيارات إسعاف، إلى أن حمله الأبطال على حمالة وهربوا به ركضاً على الأقدام وسط سعار الجنود وإطلاق الرصاص والقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل، ثم أعلن عن استشهاد الشاب لاحقا، كان يوماً محزناً ومبكياً للغاية، كانت تجربة أثرت فيّ كثيراً وأبقتني صامتاً لأشهر كثيرة بعد ذلك.

أما على صعيد الرياضة الفلسطينية كان أكبر وأهم الأحداث التي كنت جزءا منها وأعتز بمشاركتي بها كمنظم، هي مباراة فلسطين وأوزبكستان على أرض فلسطين في ملعب الشهيد فيصل الحسيني في الرام، كانت مباراة ضخمة وتحت المجهر لكل المراقبين، كان الصديق يأمل نجاح التنظيم والعدو يبحث عن ثغرة فيه.

فهي مباراة دولية ضمن التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة لكأس العالم في قطر 2022، وكأس آسيا في الصين 2023، والمنتخب الأوزبكي منتخب شرس وصعب للغاية، كان فوز فلسطين بهدفين دون رد في تلك المباراة فوزا غير متوقع، وكان لي الفخر في مشاركتي كأحد المنظمين للمباراة.

  •  كيف تقيم مستواك وهل أنت راضٍ بما قدمته أم انك طموح اكثر؟

مستواي الشخصي في الإعلام الرياضي مقبول، وأسعى لتطويره دائماً، لا أقول عن نفسي محترفاً لكنني أمتلك المهارة وأسعى لتطويرها.

  • شاهدت لك حوارت كثيرة فكيف تتهيأ لعمل حوارات ناجحة ؟

أحيانا التجهيز للمقابلة يكون طويلاً وشاقاً، فدراسة الشخص أو موضوع المقابلة والتحضير له وجمع المعلومات عنه وترتيبها يأخذ وقتاً طويلاً ومجهوداً مضنياً لإنجاح العمل الصحفي، وأحياناً تكون المقابلة عفوية وطارئة فلا يكون هناك وقت للتجهيز، وهنا يحتاج الصحفي لخبرته في كيفية طرح وتنظيم الأسئلة لصنع عمل صحفي ناجح.

  •  كيف تنتقي ضيوفك وهل هنالك لقاء ندمت على إجراءه؟

أنتقي ضيوفي بناء على العمل الصحفي الذي أنوي تصويره أو الكتابة عنه، فهم يخدمون القصة وليس على القصة أن تخدمهم، هذا جزء أساسي يجب أن يفكر به الصحفي، فعند التقرير الصحفي يجب التركيز على قضية التقرير وليس على الضيف، وهذا لا يعني أن يكون الضيف ضعيفا، بل يجب أن يكون قويا لكي يجعل بناء التقرير وموضوعه قويا، لكن يجب ألا تكون هناك أي أسئلة شخصية للضيف خلال تقرير صحفي يتحدث عن قضية طارئة أو عامة، أو حدث عاجل.

بالطبع ندمت على بعض الخيارات بين الضيوف، كان منهم المتعالي وغير المؤهل وكثير الكلام، لقد ندمت كثيراً، لكن تعلمت أكثر.

  • عن واقع الرياضة الفلسطينية تقييمك؟

الرياضة الفلسطينية أصيبت في الماضي برصاصة في النخاع الشوكي من بندقية الاحتلال، وأصابها شلل يحتاج لطبيب ماهر جدا لإعادة إحياء أطرافها، وبنظري فإن الفريق جبريل الرجوب استطاع إلى حد كبير إنعاش بعض أطراف الرياضة الفلسطينية، وهذا الأمر يحتاج لعمليات متكررة ومستمرة حتى يستطيع الجسد الرياضي النهوض من جديد.

  • كيف تنظر  للحياة ؟

الحياة هي البحث عن الأمن والأمان وبالتالي الحياة بالنسبة لي نوعين، إما أن تعيش داخل فلسطين أو خارجها، ولن تفهم هذا التقسيم إلا إذا عشت كفلسطيني في فلسطين، فنعمة الامن والأمان لا يمكن أن تمتلكها وانت في فلسطين، ومهما كانت ظروفك خارج فلسطين فأنت في أمن وأمان.

  • اي الكتابات تستهويك ولمن تقرأ من الصحفيين أو من تتابع؟

تستهويني الكتابات التاريخية، فمن لا يعرف تاريخه لا يأمن مستقبله، ومن لا يدرس التاريخ يقع في أخطاء الأوائل، أتابع عدداً من علماء التاريخ في الشرق الأوسط على رأسهم الدكتور فاضل الربيعي.

  • ماذا يعني لك  التحدي ؟

التحدي هو فرصة لتطوير المهارة وتسوية النزاع بين الزند والعقل.

  •  والحرية ؟

هي فكرة رمزية تبدأ من العقل وتتوسع لتصل كل جزء في الحياة، إيمانك بها يجعلك تعيش وفقا لمقولة مظفر النواب في إحدى قصائده "سبحانك، كل الأشياء رضيت سوى الذل وأن يوضع قلبي في قفص في قصر السلطان"

  • والهروب من الواقع؟

أمر يحمل وجهتي نظر، منهم من يرى الهروب من الواقع أملا في القفز عن الحواجز البيروقراطية في الحياة، وهذا يمكن أن أعتبر نفسي جزءا منه "فمن ينسحب قبل التجربة هو انهزامي"، ومنهم من يراه مكانا آمنا ليعيش به لأنه لا يرى في الواقع شيئا يمكن تغييره، وإليهم أقول: "من ينسحب قبل التجربة هو انهزامي"

  • وأين هو الحظ بالنسبة لعلاء هل انت محظوظ ؟

الحظ كلمة خطيرة، فالمحظوظ هو من تجاوزه أمر سيء، وبالنسبة لي أنا محظوظ بشكل محزن.

  • متى قلت اكون او لا اكون ؟

في إحدى مراحل عملي الصحفي كان هناك من اتخذ قرار بإعدامي صحفيا، وقرر إقالتي من العمل، كنت قد حددت موعد زفافي وأوشك على دخول الحياة بمعنىً مختلف، كان قراره مبنيا على مصلحته الشخصية، وكاد أن يدمرني، لكن وجدت من الأصدقاء من وقف بجانبي ودعمي وخفف همي.

  • ماهي النصيحة التي تتوجه بها لمرتادي الصحافة والاعلام الرياضي؟

وسّع مداركك ولا تتخصص في رياضة واحدة وكن ملما بكل الأحداث.

  • لو سألتك عن أشهر وافضل صحفي رياضي عربي؟

بنظري أفضل صحفي رياضي عربي على الرغم من أنه لا يقدم نفسه على أنه صحفي بل معلق مباريات، هو حفيظ الدراجي.

  • لاعب/ة فلسطيني  يستهويك اداءه؟

لاعبة فلسطينية اسمها حلا القاضي بطلة عالمية في الكاراتيه، أنجزت ما لم ينجزه أحدا في مجالها، بارعة ومستعدة ومقاتلة من الطراز الرفيع، أنصح ابني بمشاهدتها دائما، خطفت قلبي الرياضي منذ أول مباراة شاهدتها لها، فازت يومها بالمباراة الأولى في النقاط والثانية حققت الفوز بضربة ملتفة عكسية على وجه خصمها، أثارت الرعب في نفس خصمها الثالث فانسحبت الفتاة الثالثة من المباراة النهائية وتوّجت حلا.

  • مالذي ينقص الرياضة الفلسطينية لنُقارنها مع بعض قرنائها العرب ؟

ينقصها أن تمتلك معبر آمن لتنقل اللاعبين، وفتح المجال أمام اللاعبين الأجانب.

  • اشرح لنا عن السوشيال ميديا وما الذي استهواك للغوص بها؟

السوشيال ميديا هي وسيلة إعلام حديثة فرضت نفسها على الإعلام القديم، وأصبح المواطن صحفياً، ولسعة انتشار هذه المنصات، وكثرة مدعي الصحافة كان لزاما علينا كصحفيين عاشروا الجيلين، القديم والحديث، أن نفهم المحتوى الجديد وننقحه، وهناك كانت الشرارة بالنسبة لي، شرارة أصبحت هدفا ثم شغفا، أصحبت ملما جيدا بهذه التكنلوجيا الجديدة، لمعرفتي بالأهمية الكبيرة في تنقيح الأخبار، وبنائها في الطريقة الصحيحة، ولكثرة المدعين كان واجبا علي أن أُلم بهذا العلم عن طريق التجربة والخطأ والمتابعة الدقيقة لكل التحديثات.

  • عن تجربتك باعداد برنامج هوايات مخفية؟

تجربة إعداد البرامج لم تكن جديدة بالنسبة لي، لكن هذا البرنامج بالذات أضاف لي الكثير على مستوى المهارات الصحفية ومهارات التواصل وبناء العلاقات مع الأفراد والمؤسسات، كان برنامجا ملهما بالنسبة لي، واستطعت الاستفادة كلياً من إعداده.