نوبل للآداب للكاتب التنزاني من اصل حضرمي عبد الرزاق قرنح

نوبل للآداب للكاتب التنزاني من اصل حضرمي عبد الرزاق قرنح

نوبل للآداب للكاتب التنزاني من اصل حضرمي عبد الرزاق قرنح

 

أوسلو- مُنِحَتْ جائزة نوبل للآداب للروائي عبد الرزاق قرْنَح لأجل "كتاباته التي نفذت بتعاطفٍ ودون هوادةٍ إلى آثار الاستعمار ومصير اللاجئين في الفجوة بين مختلف الثقافات والقارات".

 

نشأ قرْنَح في واحدةٍ من جزر زنجبار، قبل أن يُقاسي الاضطهاد ويصل لإنجلترا كطالبٍ في العام 1960. نشر عشر روايات بالإضافة إلى عددٍ من القصص القصيرة. يقول أندريس أولسون رئيس لجنة نوبل بأن روايات الكاتب التنزَاني، بدايةً من روايته الأولى "ذاكرة الرحيل" (Memory of Departure)، وتناولت الثورة الفاشلة بالبلاد وصولاً لأحدث أعماله "حيوات بعد الموت" (Afterlives)، وصدرت في العام 2020، "تُحجِم عن الأوصاف النمطية، وتفتح أعيننا على التنوّع الثقافي بشرق إفريقيا الذي لا يوجد مثله في العديد من أجزاء العالم".

 

لم ينل أيّ كاتبٍ إفريقيّ أسود جائزةَ نوبل منذ أن حصل عليها وولي سوينكا في العام 1986.. قرْنَح هو أول كاتب تنزاني ينال الجائزة، وبهذا يُصبح الروائي التَنْزَاني أول كاتب أفريقي أسود ينال جائزة مرموقة منذ 35 عامًا.

 

أُدْرِجَت رواية قَرْنَح الرابعة "الفردوس" (Paradise) في قائمة جائزة البوكر للعام 1994.. يقول أولسون بأن "لديها صلة واضحة بجوزيف كونراد في رسْم رحلة بطل الرواية الشاب البريء يوسف إلى قلب الظلام".

 

وكان أولسون صَرَّح للصحافيين في ستكهولم "نَفَذَ قرنح بعنادٍ وبعطفٍ كبيرٍ إلى آثار الاستعمار على شرق إفريقيا، وإلى آثاره على حيوات المشرّدين والمهاجرين من أفراده"، مشدداً على أن قرنح كان في المطبخ عندما أُعْلِمَ بفوزِه، وبأن اللجنة حظيت بمناقشة "طويلة وإيجابية للغاية" معه.

 

تقول ألكسندرا برينجل، محرِّرَة قرنح منذ القِدَم، ورئيسة تحرير دار نشر بلومزبري بأن فوز قرنح "مستحَقّ تماماً" لكاتب لم ينل من قبل ما يستحقُّهُ من اعتراف.

 

تقول "إنه واحدٌ من أعظم الكتاب الأفارقة الذين على قيد الحياة، ولم ينتبه له أحدٌ من قبل، وهذا غمَّني.. في الأسبوع الماضي نشرتُ بودكاست قلتُ فيه بأنه واحدٌ من المغمورين، وبعدها حدث هذا".

 

ونشدّد برينجل على أن قرنح دائماً ما يكتب عن التهجير، "ولكن بأكثر الطرق جمالاً وتأثيراً وكأنها تنتزع البشر وتُلقي بهم عبر القارات".

 

وتتابع: موضوع رواياته ليس دائماً البحث عن مأوى، ولكن هناك العديد من الموضوعات، قد تكون التجارة، قد تكون المقايضة، قد تكون الدراسة، أو الحب. أول روايةٍ له تولَّيْتُها في بلوزمبري كانت تُسمّى "بجوار البحر" (By the Sea)، وفيها ذلك المشهد المؤثِّر لرجلٍ وصَلَ لتَوّهِ لمطار هيثرو ومعه صندوق بخور منحوت، وكان هذا كل ما يملكه، وصل ولم يقل سوى كلمةٍ واحدةٍ وكانت "مأوى".

 

وترى برينجل أن قرنح ككاتبٍ يقع في مثل مكانة تشينوا أتشيبي "كتاباته -بوضوح- جميلةٌ وبليغةٌ، وأيضاً ساخرة ولطيفة وحسّاسة. إنه كاتبٌ استثنائيٌّ يكتب حول أشياء شديدة الأهمية".

 

هذا، ونُشِرَت في العام الماضي روايته "حيوات بعد الموت" (Afterlives) التي تسرد قصة إلياس الذي اختطفه جنود الاحتلال الألماني من والديه طفلاً، والذي يعود لقريته بعد أعوامٍ من القتال في حربٍ ضدّ أبناء وطنه.

وتصف صحيفة "الغارديان" الرواية بأنها "رواية ساحرة، رواية تجمع معاً كل الذين كُتِبَ عليهم النسيان، ولكنهم يرفضون المحو".

 

يقول أولسون: "في عالم قرنح الأدبي يبدو كل شيءٍ في تبدُّل: الذكريات، والأسماء، والهويات.. وربما السبب في ذلك أن مشروعه لا يمكن إتمامه بإدراكٍ واحدٍ نهائيّ".

 

ويضيف: "في كل كتبه استكشافٌ لا نهائيّ يقودُهُ شغفٌ أدبيٌّ، وهذا جليٌّ الآن في روايته "حيوات بعد الموت"، وهذا بدأ منذ أن استهلّ الكتابة وهو لاجئٌ بعُمْر الحادية والعشرين".

 

وُلِدَ قرنح في العام 1948، ونشأ في زنجبار لأبوين هاجرا من حضرموت، فوالدته من عائلة "باسلامة" الحضرمية، وعندما اندلعت الثورة في زنجبار في العام 1964، تعرَّضَ المواطنون ذوو الأصول العربية للاضطهاد، وأُجْبِرَ قرنح على الهروب من البلاد بعمر الثمانية عشرة.

 

بدأ الكتابة وهو لاجئٌ في إنجلترا، وتحديداً حين كان في الحادية والعشرين من عمره، واختار أن يكتب بالإنجليزية، ولكنه يكتب أيضاً بالسواحلية ـ لغته الأم.. روايته الأولى "ذاكرة الرحيل" نُشِرَتْ في العام 1987، ومنذ ذلك الوقت عمِلَ أستاذًا للأدب الإنجليزي وأدب حقبة ما بعد الاستعمار بجامعة كينت حتى تقاعده.

 

* عن "منصة الاستقلال الثقافية"، ترجمها محمد عثمان عن "الغارديان" البريطانية، يوم 7 /10/2021