يديعوت: السنوار ونتنياهو غير معنيين بدفع الأثمان للتوصل إلى اتفاق
يديعوت: السنوار ونتنياهو غير معنيين بدفع الأثمان للتوصل إلى اتفاق
بقلم: ناحوم برنياع / يديعوت أحرونوت
في المداولتين اللتين أجريتا الأربعاء الماضي، إحداهما ظهراً في محفل ضيق والأخرى في مكالمة مؤتمر ليلية، كان نتنياهو صفى فرصة التقدم في المفاوضات. انتهى الاحتفال، في هذه المرحلة على الأقل. اللواء اليعيزر طوليدانو رئيس شعبة الاستراتيجية في هيئة الأركان، كان يفترض أن يسافر ليلاً إلى القاهرة إلى جانب مسؤولين من “الشاباك” إلى محادثات مع المصريين. كما أن منسق الأعمال في “المناطق”، اللواء غسان عليان، كان يفترض أن يسافر إلى هناك. هذه رحلات عبثية، قال أمس مصدر مشارك في الاتصالات. وهكذا سيكون اللقاء اليوم بين وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ورئيس الوزراء. القمة التي يزمع عقدها في نهاية الأسبوع، مع طاقم المفاوضات الإسرائيلي ومندوبي الوسطاء، كفيلة بأن تلغى أو تؤجل أو تجرى لأغراض استعراضية فقط. التفاؤل الذي نشأ عن تقارير وسائل الإعلام الأجنبية في الأيام الأخيرة كان مناورة إعلامية. أحد ما في الجانب الأمريكي آمن بفعل السحر: إذا قالوا إن الاتفاق يقترب فسيقترب.
لا مناص من العودة لقول الحقيقة: السنوار ونتنياهو غير معنيين بدفع الأثمان التي ينطوي عليها الاتفاق. “نحن نجري مفاوضات أخذ وعطاء وليس عطاء وعطاء”، قال نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة. أما الحقيقة فمختلفة تماماً: لا عطاء وعطاء ولا أخذ وعطاء. عبث، عبث، عبث.
كان الانفجار حول محور فيلادلفيا، ولكن كان يمكنه أن يقع حول سلسلة من المواضيع الأخرى. محور فيلادلفيا طريق بطول 14 كيلومتراً، من كرم أبو سالم حتى البحر، ما كان ذات مرة طريقاً، وهو اليوم قاطع رملي مغبر. من جهة، بقايا حائط إسرائيلي منمر باستحكامات حراسة مدمرة لحماس، ومن جهة أخرى، على طول الحدود الدولية، السور المصري. كان عدد السكان قليلاً في الكيلومترات الثلاثة الأولى من معبر كرم أبو سالم. حماس توافق على ما يبدو على وجود إسرائيلي هناك. معظم المحور يجتاز منشآت المعبر إلى مصر ويشرف على أحياء سكنية فلسطينية أصبحت أكوام خرائب. هذا هو العنصر الذي فجر الاتصالات: نتنياهو مصر على وجود عسكري إسرائيلي على طول المحور كله؛ وحماس مصرة على انسحاب إسرائيلي.
نتنياهو يعلل إصراره على شرط استراتيجي: إسرائيل ملزمة بإحاطة غزة من كل الجهات، 360 درجة. يمكننا السيطرة على البحر وعلى خط الحدود مع إسرائيل، لكن الانسحاب من فيلادلفيا سيفتح للغزيين محور تهريب من مصر. أما الجيش ووزارة الدفاع فيختلفان معه؛ أولاً التفتيشات التي أجراها الجيش الإسرائيلي منذ سيطرته على المحور تثبت أن معظم التهريبات كانت عبر المعبر. حماس دفعت والمصريون غضوا النظر. الأنفاق التي كانت صناعة مزدهرة عندما سيطرت إسرائيل على قطاع غزة، أهملت، وجرى سد معظمها من ناحية الجانب المصري. فضلاً عن ذلك، فإن الستة الأسابيع التي سينفذ فيها تحرير المخطوفين التدريجي لن تغير في محور فيلادلفيا كثيراً. بداية، فليتحرر المخطوفون ثم نرى.
نتنياهو مصر: سيصبح الاتفاق دائماً. إذا لم يضمن وجود للجيش الإسرائيلي على طول المحور، فلن يحدث اتفاق.
كان يمكن لهذا الجدال أن يكون معقولاً لو لم يكن 115 إسرائيلياً في أنفاق غزة، تركهم نتنياهو والمنظومة التي يترأسها. تركوا لمصيرهم مرتين: مرة في 7 أكتوبر، ومرة في مفاوضات لا تدار بنزاهة، ولا بأياد نقية. يريد نتنياهو أن يرى المخطوفين محررين، لكنه غير مستعد للتخلي عن وهمه في “النصر المطلق”. هو عالق في أوهامه.
الخصام بينه وبين غالنت لا يتلخص فقط في لطمات لفظية متبادلة: ثمة هوة استراتيجية كبيرة بينهما؛ فغالنت يرى في اتفاق المخطوفين – حتى وإن كانت مرحلة واحدة – فتحة لائتلاف إقليمي حيال إيران، مسنودة بعظمة أمريكية؛ أما نتنياهو فيرى في الاتفاق استسلاماً للعدو وتفككاً ائتلافياً وهزيمة شخصية. غالنت طلب من نتنياهو أن يأتي بتفاصيل الاتصالات إلى الكابنت. وهو يصف المعضلة بمفترق T والخيار بين واقع إقليمي جديد وحرب إقليمية. أما نتنياهو فرفض.
في هذه الأثناء تراجع نتنياهو عن التوافق مع الأمريكيين حول محور نتساريم كما انعكس في منحى بايدن – نتنياهو في 27 أيار. وحسب أحد المصادر، فإن مسألة عبور الفلسطينيين من وسط القطاع شمالاً، وما إذا كان سيجرى تفتيش إسرائيلي أم لا، فهي مسألة لم تبحث في الدوحة. رئيس السي.اي.ايه بيرنز، قرر التركيز على فيلادلفيا: إذا لم يكن توافق على فيلادلفيا فلا اتفاق.
اختلط بالأزمة ما لاح أنه ميل إيراني لعدم الرد في هذه المرحلة على تصفية هنية في طهران. إيران لا تعتزم على ما يبدو التورط في حرب إقليمية بسبب مواطن فلسطيني. البشرى الطيبة هي أن التهديد العسكري من الشرق ربما أزيل حالياً؛ البشرى الأقل طيبة هي أن حزب الله قد يعمل بقواه الذاتية. وأي هجمة صواريخ من الشمال، حتى لو كانت مقنونة، فإنها ستضيف حدثاً إلى حدث. لا غرو أن سكان الشمال سيبقون بجانب المجالات المحصنة.