انفجارات تل أبيب الغامضة: عملية مفبركة لتصفية الضفة الغربية

ما زال الغموض يكتنف حادث انفجار الحافلات الإسرائيلية الذي وقع ليلة الجمعة جنوب تل أبيب. بدأت القصة مساء 20 فبراير، عندما انفجرت خمس حافلات فارغة ومتوقفة في ساحة بالقرب من مدينة بيت يام، جنوب تل أبيب. انفجر أربعة منها بينما فشلت العبوات في البقية. عقب الحادث، قدمت الشرطة الإسرائيلية رواية غير منطقية وسريالية حول ما جرى، متهمةً بأن العبوات التي تزن 5 كغم كانت معدة للتفجير في وقت لاحق، ولكن خللاً في ساعة الضبط أدى إلى انفجارها قبل موعدها.
وتوالت الادعاءات، ليظهر المشهد وكأنه سيناريو هوليودي غير واقعي. حتى لو قبلنا فرضية وقوع الحادث في مكانه المزعوم، تبقى الأسئلة قائمة: كيف دخل المنفذون إلى تلك المنطقة شديدة الحراسة؟ ولماذا انفجرت العبوات بطريقة خاطئة دون أن تسبب أي أضرار أو إصابات؟
ومن الغريب أنه بعد فترة قصيرة من الحادث، أعلنت الشرطة عن اعتقال ثلاثة أشخاص، بينهم اثنان من اليهود. كما تم تحديد المسؤولية عن الهجوم ووجهت أصابع الاتهام إلى "حركة حماس في مخيم طولكرم"، مدعيةً أن إيران هي من تقف وراء العملية، من خلال تمويل الأسلحة والمال.
لكن بالنظر إلى تفاصيل الحادث كما أوردتها الشرطة، تبرز العديد من التساؤلات. فأسلوب زرع العبوات في حافلات فارغة ليس من أساليب حركة حماس التي ارتبطت في الماضي بالعمليات الانتحارية داخل الحافلات المأهولة. إضافة إلى ذلك، لا يتماشى توقيت العملية مع مصالح حماس، التي تركز على الحفاظ على الهدنة الهشة في غزة.
من المعروف أن العديد من رجال المخابرات الإسرائيلية يتحدثون العربية بطلاقة، ولكن في أحيانٍ قد تكون هناك صعوبة في التمييز بين بعض الحروف العربية. على سبيل المثال، الفرق بين حرفي "السين" و"الصاد" قد يكون محيرًا للبعض، وهو ما قد يثير التساؤلات حول كتابة أسماء معينة بطريقة غير دقيقة في تصريحات الشرطة الإسرائيلية.
من الواضح أن الهدف من هذه العملية هو تقديم مبرر لتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية وشن المزيد من الهجمات على سكانها، وخصوصًا في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة. وهذا ما تحقق بالفعل، حيث قررت القيادة السياسية في تل أبيب مباشرةً شن عمليات عسكرية واسعة في المنطقة، مع التركيز على مخيمات اللاجئين.
ما صرح به الوزير الإسرائيلي المتطرف سموتريتش، عندما قال إنهم سيهدمون "منازل أكثر مما يبنون"، في إشارة إلى الفلسطينيين، يبدو أنه جزء من خطة معدة مسبقًا لهذا التصعيد.
الكثير من المحللين اعتبروا أن هذه العملية هي جزء من سيناريو مفبرك، وهو ما يسهل تمريره بفضل الدعم الأمريكي من قبل الرئيس السابق ترامب، الذي كان دائمًا يطلق العنان للحكومة الإسرائيلية لاستمرار انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، متجاهلاً جميع المناشدات الدولية لوقف هذه الممارسات.
التحقيقات الأولية أظهرت أن القنبلة التي عثر عليها في حولون، والتي لم تنفجر، كانت تحمل كتابة باللغة العربية: "الانتقام لطولكرم". وهذا التصريح دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إلى التوجه إلى المنطقة، حيث التقطوا صورًا مع الجنود من داخل منزل فلسطيني تم تهجير سكانه، فيما توعدوا بالقتل والتدمير في مخيمات الضفة الغربية.
في ردود الفعل على اقتحام نتنياهو لطولكرم، اتهمت السلطة الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي بمحاولة تنفيذ مخططاته العدوانية ضد الفلسطينيين من خلال سياسة التهجير والقتل. أما حركة حماس، فقد اعتبرت ذلك "استعراضًا سياسيًا" يعكس فشل نتنياهو العسكري والسياسي، مشيرة إلى أنه نفس الرجل الذي هرب من مواقع هامة في غزة سابقًا.
لتذكير، يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على شمال الضفة الغربية منذ عدة أسابيع في إطار عملية "الجدار الحديدي"، حيث أسفرت العمليات عن مقتل وتهجير واعتقال المئات من الفلسطينيين.