الشهداء حقيقيون، والقصص واقعية، والألم ما زال متقدا

الشهداء حقيقيون، والقصص واقعية، والألم ما زال متقدا

الشهداء حقيقيون، والقصص واقعية، والألم ما زال متقدا

بقلم: د. عدنان ملحم

حكمت سعادة " أم علام" (64 عاما) الجارة الطيبة الصابرة المعطاءة، رحلت أمس إثر إصابتها بفيروس الكورونا ، تركت خمسة أبناء وزوج مكلوم.. امرأة من زمن الوفاء، أخذت على عاتقها مهمة رعاية المسنين من أسرتها، جدها، عمها، أمها، خالتها.. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، ودعها أولادها من خلف جدار، وبكت صباياها وجاراتها بصوت صامت.. رافقت وأسرتها جثمانها الطاهر في رحلته إلى مأواه الأخير في مقبرة عنبتا الغربية ..

منير العبوشي "أبو مجاهد" (66 عاما) الصديق والمناضل والمقاتل الذي ملأ الدنيا نشاطا وعطاء، في أواخر القرن الماضي، كان من أبرز علامات الانتفاضة الأولى، سجن وطورد وهرب تحت جنح الليل والصحراء من فلسطين إلى مصر ثم تونس وعاد بعد عام 1993 إلى الوطن، وتسلم أكثر من منصب آخرها محافظ سلفيت السابق.. وتوفي أمس إثر إصابته بفيروس الكورونا، وترك زوجة رائعة ما زال الوباء نفسه يحاصرها في المشفى، وشابا وصبية. رافقت جثمانه الطاهر ظهر اليوم وثلة من الأصدقاء إلى مأواه في مقبرة قرية كفر عبوش.

عبد الخالق رشاد جبارة "أبو رشاد" (54 عاما ) زميل الدراسة في الجامعة الإردنية، ومدير العلاقات العامة في بلدية طولكرم.. البشوش الطيب المتفاني في خدمة الناس على اختلاف مشاربهم، توفي اليوم إثر إصابته بفيروس الكورونا، وترك أربعة أبناء أصغرهم صبيا يافعا ما زال يدرس في المرحلة المدرسية الأساسية العليا . رافق الأصدقاء والأحبة اليوم جثمانه الطاهر، إلى مأواه في مقبرة بلدة كفر اللبد .

الزميل الدكتورعادل نصار (61 عاما ) المحاضر في كلية مجتمع المرأة في رام الله، المختص في مجال العلاج الطبيعي والرياضي رحل أمس إثر إصابته بفيروس الكورونا، وترك أربعة أبناء صغار، وزوجة وفية صابرة.. رافقت جثمانه أمس إلى مأواه في المقبرة الشمالية في عنبتا.

في 20/9/2020 كنت قد ودعت صديقي ابن أختي ماهر جميل صوص"أبو جميل" (62 عاما ) إثر إصابته بفيروس الكورونا.. ما زالت عائلته الصغيرة ، والدته ، وولده وصباياه ورفيقة عمره وإخوته، غير مصدقين حتى الآن تفاصيل رحيله المفاجئ ..

توقف يا كورونا عن أخذ الأحبة والأصدقاء والمعارف إلى فوهة بركانك المتقدة.. ارحل أرجوك بعيدا عن الناس، اتركهم وشأنهم.. ألم تشبع من الارتواء من دمعهم وأحزانهم وآلامهم؟!.. يا لفظاعة ما جنت يداك الملطختان بالجرائم والمحن؟ قاتل محترف متخف صامت. أيها النظارة في كل الأمكنة، هذه حرب ضروس تشنها الطبيعة على الإنسانية في وطننا الحزين والعالم أجمع.. بقية من الاهتمام والالتزام بأسلحة الدفاع عن النفس .

أيها الشهداء الراحلون إلى الضفة الأخرى من الحقيقة، السلام على أرواحكم وهي تصعد إلى العلا .. السلام على رسائل الشوق التي كتبتوها مغمسة بالوجع والصبر والعنفوان .

الشهداء حقيقيون، والقصص واقعية، والألم ما زال متقدا .

 


Share: