اليسار الإسرائيلي يريد "احتلالاً متنوراً"

اليسار الإسرائيلي يريد "احتلالاً متنوراً"

اليسار الإسرائيلي يريد "احتلالاً متنوراً"

بقلم: ينيل ليفي

ثمة قضيتان حدثتا مؤخرا كشفتا ضعف خطاب حقوق الإنسان في إسرائيل فيما يخص الفلسطينيين. الأولى، اعتبار منظمات حقوق إنسان فلسطينية منظمات "إرهابية". والثانية، كشف "واشنطن بوست" ومنظمة "نحطم الصمت" عن نظام الرقابة البيومتري ضد فلسطينيين في الضفة.

تركز انتقاد قرار وزير الدفاع، بني غانتس، حول منظمات حقوق الانسان الفلسطينية، على الخطاب الليبرالي – القانوني، بسبب السهولة التي نشرت فيها الأوامر ضدها ودرجة ترسخ المعلومات واسهام هذه المنظمات الفلسطينية وبراءتها وما شابه. لذلك، طلبت منظمات حقوق الانسان الإسرائيلية من وزير الدفاع إلغاء إعلانه. لنفترض أنه استجاب لذلك، فما الذي كان سيتغير بشكل استثنائي من ناحية المنظمات الفلسطينية؟ منظومة سيطرة إسرائيل على السكان الفلسطينيين كانت ستبقى دون أي ضرر، وربما أن وكالات تصنيف الاعتماد الاخلاقي العالمي كانت ستحسن قليلا علامات إسرائيل.
الامر الجوهري هو أن المنظمات الإسرائيلية، التي تدافع عن المنظمات الفلسطينية، تقبل بالفعل بمجرد كونها اسيرة للخطاب القانوني بوجود السكان الفلسطينيين تحت سيطرة إسرائيل دون حقوق سياسية كنقطة انطلاق، وكأن الامر يتعلق برعايا إسرائيليين. يجب علينا، الآن، فقط أن نفحص هل يستخدم الوزير بصورة مناسبة سلطته عليهم؟
اضافة الى ذلك، منظمات حقوق الانسان الإسرائيلية، مثل مراسلي "هآرتس"، تفترض أن النضال ضد سيطرة إسرائيل يجب أن تدفع به قدما منظمات حقوق الانسان الفلسطينية وليس المجتمع الفلسطيني. "السلطة الفلسطينية وقيادة (فتح)... غير قادرة على الدفاع عن مواطنيها الذين يتعرضون للهجوم من قبل المستوطنين والجنود"، كتبت عميره هاس ("هآرتس"، 9/11). وجدعون ليفي يتخيل "جنودا يقتحمون كل ليلة غرف نوم الاطفال، وإسرائيليين مصممين ينتظرون هناك وهم يحملون الكاميرات" ("هآرتس"، 31/10). هذا تعبير ملخص لمساهمة بعيدة المدى لمنظمات حقوق الانسان، والخطاب الذي يدفعونه قدما ونجاحاتهم القانونية التي تأتي احيانا لتقليص الضغط الدولي على إسرائيل وتخفيف معارضة السكان الفلسطينيين لآليات السيطرة الإسرائيلية.

مثل خيبة الامل التي يثيرها المس بمنظمات المجتمع المدني، هكذا ايضا خيبة الامل في قضية الخزان البيومتري، ليست سوى تعبير للتوق الى "احتلال متنور". وانشاء المخزون كان انجازا كما يبدو لمنظمات حقوق الانسان التي هاجمت دخول الجيش الى بيوت الفلسطينيين لغرض "رسم الخرائط".

على ذلك رد الجيش الإسرائيلي بالقول، إن المخزون البيومتري استهدف "تحسين جودة حياة السكان الفلسطينيين" (وتمكين الجيش من العثور على مراكز المقاومة بالطبع). حتى أن الجيش أبلغ المحكمة العليا أنه بفضل تكنولوجيا بديلة قرر التوقف عن رسم الخرائط. ربما أن القصد هو، ضمن امور اخرى، المخزون البيومتري.

يوجد للجيش آليات سيطرة بديلة تقلص الاحتكاك مع السكان. وبالتالي تقلص العنف الجسدي. ولكن أليس هذا ما يستهدفه بالفعل خطاب الحقوق؟ تحويل الاحتلال الى احتلال متنور بدلا من وقفه؟

صرخ خطاب الحقوق بصوت عال ضد استخدام تشخيص الوجوه في اطار التكنولوجيا البيومترية بدلا من مناقشة السيطرة على السكان بحد ذاتها. ويمكن القول، إن منظمات حقوق الانسان تعمل، حتى لو بغير قصد، على تحويل الاحتلال الى احتلال انساني بدلا من وقفه. وربما هذه هي مأساة معسكر اليسار في إسرائيل.

عن "هآرتس"

 


Share: