هآرتس تقول بأن نتنياهو صادق الخميس بالكابينت على قتل الرهائن وليس فيلادلفيا

هآرتس تقول بأن نتنياهو صادق الخميس بالكابينت على قتل الرهائن وليس فيلادلفيا

هآرتس تقول بأن نتنياهو صادق الخميس بالكابينت على قتل الرهائن وليس فيلادلفيا

بقلم: عاموس هرئيل

في الطريق الطويلة المتواصلة نحو الأسفل يصعب أحياناً تشخيص كل علامات التحذير. ولكن في جلسة الكابنت الخميس، لم يعد ممكناً تجاهل علامات التحذير. أقام نتنياهو انقلاباً في اللحظة الأخيرة ومرر مشروع قرار يقول إن إسرائيل لن تغادر محور فيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر. كان غالنت المعترض الوحيد من بين الوزراء. وتجاهل نتنياهو أقوال رئيس الأركان هليفي، حين قال إن الجيش الإسرائيلي سيعرف كيفية إعادة احتلال محور فيلادلفيا إذا اقتضى الأمر ذلك بعد الانسحاب لتنفيذ صفقة المخطوفين.

المشاركون في الجلسة وصفوها نقطة حضيض تاريخية، وحتى في سجلات الحرب الحالية. تحذيرات وزير الدفاع بأنه قرار يدفن الصفقة ويترك المخطوفين الأحياء للموت، لم تساعد. وصل الخلاف بينه وبين رئيس الحكومة إلى درجة الصراخ. وأظهرت كل تصريحات في الفترة الأخيرة، ومنها محادثته الغريبة مع المخطوفات اللواتي رجعن من الأسر، أن نتنياهو لا يريد الصفقة الآن. ربما يعتقد أن استمرار الضغط على حماس سيجعلها تتنازل. الضائقة أنه حتى الآن لا توجد علامات تشير إلى مرونة في مواقف حماس، وفي هذه الأثناء ربما يموت عدد آخر من المخطوفين.

هذا خوف فعلي وليس نظرياً. مساء أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي عثوره على عدد من الجثث في القطاع. قبل عشرة أيام تقريباً، تم إنقاذ جثث ستة مخطوفين في خان يونس، أربعة من سكان “نير عوز” واثنين من “نيرعم”. كان هؤلاء على قيد الحياة حتى شباط أو آذار الماضيين. كانت على أجسادهم آثار إطلاق النار، ما يرجح اعتقاداً بأنهم قتلوا على يد آسريهم، بعد اقتراب الجيش الإسرائيلي لإنقاذهم. هذا الخطر ما زال يهدد حياة مخطوفين آخرين. وقال جهاز الأمن إن المخطوفين ما زالوا يعيشون في الوقت الضائع، وأن الخوف يزداد من المس بهم من قبل الخاطفين في كل عملية إنقاذ. الادعاء بأن الضغط العسكري وحده ما يعيد المخطوفين، لم يكن صحيحاً يوماً ما. والآن أصبح لا أساس له من الصحة.

من يتحدث الآن عن هزيمة حماس، بعد أن عمل الجيش الإسرائيلي بصورة منهجية في كل منطقة في القطاع باستثناء مخيمين للاجئين في الوسط، النصيرات ودير البلح، يدرك بأن هناك احتمالية كبيرة لموت عدد آخر من المخطوفين بشكل متعمد على يد حماس، أو بالخطأ على يد الجيش الإسرائيلي، خلال هذه العمليات. من الجدير القول للجمهور أيضاً: “ما الأمر الذي نريد تحقيقه في القطاع؟ وما الثمن الذي سيتم دفعه مقابل ذلك؟”.

تشير الاستطلاعات، وآخرها الذي نشر نهاية الأسبوع الماضي، إلى دعم للاتفاق من قبل الجمهور، إضافة إلى عدم الثقة باعتبارات نتنياهو ورغبة كبيرة في رؤيته خارج الحياة السياسية، رغم ضعف المعارضة. وإذا لم تترجم هذه المواقف إلى احتجاجات في الشوارع فسيموت المخطوفون الباقون. تظهر اللافتات المعلقة في شوارع الدولة أشخاصاً كثيرين لم يعودوا على قيد الحياة، أو الذين قد ينضموا لهذه القائمة قريباً. هذا ما يُستنتج من جلسة الكابنت الأخيرة.

تسريبات عديمة الجدوى

لا سبب الآن للتعامل بجدية مع تسريبات حول تقدم محادثات الطواقم العاملة على تقدم الصفقة. النقاشات الدائرة حول أسماء السجناء الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم والنسبة بين السجناء الفلسطينيين وعدد المخطوفين، أصبحت عبثية، ما دام نتنياهو يلمح بعدم نيته الانسحاب من محور فيلادلفيا وممر نتساريم. من الواضح أنه يريد الحفاظ على اشتعال الحرب في القطاع بشكل دائم، دون حسم قريب (باستثناء جهود لاغتيال رئيس حماس، السنوار). هذا أول تفضيلاته. أما الأثمان الباهظة الأخرى، مثل موت المزيد من الجنود وتآكل الوحدات النظامية والاحتياط، فهي أمور لا تقلقه.

بعد رد فاشل قام به حزب الله قبل أسبوع تقريباً، عادت الحدود الشمالية إلى تبادل اللكمات بقوة أقل. ويظهر في الضفة الغربية ارتفاع في التوتر (في ليلة الجمعة، تم إحباط عملية تفجير عبوة ناسفة مزدوجة في “غوش عتصيون”، وجرى قتال شديد في جنين). ولكن ما دامت إيران وحزب الله لا يشاركان في حرب متعددة الساحات بشكل شامل، سيظل نتنياهو مستعداً لأخذ المخاطرة على مسؤوليته. على أقل تقدير، سيدعي بأن رجال الأمن لم يحذروه، وسيصدقه حينئذ جزء كبير من الجمهور.

رواية بديلة

المنشورات التي كان موضوعها رئيس المعارضة يئير لبيد، بشهادته المباشرة أمام لجنة التحقيق المدنية في إخفاقات 7 أكتوبر وتفاصيل أخرى من المحادثات التي أجراها مع نتنياهو ورئيس “الشاباك” رونين بار قبل اندلاع الحرب والتي تحدث عنها نداف أيال في “يديعوت أحرونوت”، أثارت عاصفة أخرى في أوساط الجمهور. تفاصيل تقشعر لها الأبدان: لبيد وصف محادثة له مع نتنياهو شارك فيها أيضاً سكرتير نتنياهو العسكري آفي غيل، الذي حذر من ازدياد الخطر الأمني وفقاً لتحليلات تقدمها المنظمات الإرهابية لأزمة داخلية عميقة في إسرائيل. ونشرت “يديعوت أحرونوت” أن بار حذر نتنياهو من “اندلاع حرب” على خلفية مشابهة، أثناء المواجهة السياسية حول “ذريعة المعقولية” قبل بضعة أسابيع. وقد تم إبلاغ لبيد بذلك أيضاً. كانت هذه خلفية التحذير العلني والاستثنائي الذي نشره قبل فترة قصيرة من اندلاع الحرب.

هذه المنشورات تسببت بهجمات مضادة للأبواق، هدفها الإثبات بأن بار، مثل رئيس قسم الأبحاث في “أمان” العميد عميت ساعر قبله، لم يقدم أي تحذير ملموس حول الحرب في غزة (إن السلوك الروتيني وحتى اللامبالي للجيش و”الشاباك” على الحدود مع القطاع لا يدل على أنهم ترجموا التخوفات إلى أفعال مطلوبة). ولكن لم يكن هناك أي نقاش على الإطلاق حول ذلك: معروف وواضح أن التخوفات لم تكن متعلقة بشكل محدد بساحة غزة، وأن رجال الاستخبارات كانوا قلقين أكثر من التطورات في لبنان والضفة الغربية. وليس هناك من يمكنه الدفاع عن أداء الجيش الإسرائيلي الفضائحي على حدود القطاع، أو الدفاع عن الخطوات المحدودة التي قام بها الجيش والأجهزة الأخرى عقب المشاورات الليلية التي جرت في الساعات التي سبقت هجوم حماس في الغلاف.

المشكلة أن رئيس الحكومة حصل أمام مثل هذه التحذيرات، على كثير منها خلال أشهر كثيرة، لكنه لم يفعل شيئاً رغم تجربته الأمنية والسياسية. في ظهوراته العلنية، بما في ذلك المقابلة المستخذية في القناة 14، قلل في تلك الفترة من أهمية التحذيرات، وقال إن الجيش الإسرائيلي يعرف كيفية التعامل مع الأخطار.

طرح مكتب رئيس الحكومة المزيد من الاتهامات المباشرة للبيد. في فترة لبيد القصيرة كرئيس للحكومة، يقول نتنياهو، إنه وافق على إدخال العمال من القطاع وأعطى الغاز لحزب الله. عملياً، سياسة إدخال العمال من غزة بدأت في ظل حكومة نتنياهو (تحت غطاء “رجال الأعمال”) في نهاية 2019، وتوقفت بسبب وباء كورونا، ثم استؤنفت وتوسعت بشكل خاطئ ومأساوي في ظل حكومة بينيت – لبيد في أزمة كورونا. بخصوص الغاز، لم يحصل حزب الله على أي قطرة غاز. إن اتفاق الحدود البحرية منح حكومة لبنان الحق في التنقيب عن حقول محتملة في شرق البحر المتوسط، الذي لم يعثر فيه على شيء.

لكن النقاشات مع رجال نتنياهو حول الحقائق تبدو كمحاولة اختراق حائط بواسطة اللكمات في هذه المرحلة. الحقيقة لا تغير شيئاً، ووسائل إعلام التيار العام لم تعد تعنيه تقريباً. الهدف هو إدخال الرواية البديلة إلى وسائل الإعلام التي يسيطر عليها، ومنها إلى القاعدة السياسية والشبكات الاجتماعية، حيث يمكن بيع تفسيرات أكثر ابتعاداً، مثل الادعاء الذي لا أساس له حول “خيانة من الداخل” لجهات رفيعة في جهاز الأمن، التي حدثت كما يبدو عشية 7 أكتوبر.

 


Share: