مقال في معاريف عن رغبة نصر الله بوقف الحرب
![مقال في معاريف عن رغبة نصر الله بوقف الحرب](https://khabar24.net/khabar24/public/storage/2024/june/nsr-allh-bokf-alhrb.jpeg)
معاريف: هل بدا خطاب نصر الله الأخير نداء نجدة واستجداء؟
بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم/ معاريف
يعرض الإعلام الإسرائيلي خطاب نصر الله الأخير قبل نحو أسبوع على أنه “خطاب تبجح” ويصفه كمن لا يخاف من حرب شاملة. هذا الوصف يناسب صدام حسين، وليس نصر الله. كان الخطاب مهدداً بالفعل، لكنه كان نداء “نجدة” واستجداء: “دخيلكم، أيها الأصدقاء، لا توسعوا الحرب”. نصر الله شيعي، لكنه ليس انتحارياً شيعياً.
وضعه في لبنان سيئ؛ فائتلافه فقد أغلبيته في البرلمان في انتخابات أيار 2022. وفي أكتوبر 2022 فقد أيضاً الرئيس ميشيل عون الذي كان منفذاً لكلمته، ولا رئيس في لبنان. في 7 أكتوبر الأسود، فقد أيضاً تأييد نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة (المؤقتة) في لبنان. ميقاتي معارض حاد للحرب ويطالب بتنفيذ قرار 1701 لمجلس الأمن، الذي يعني انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني ونزع سلاحه. هذا لم يحصل: عسكرياً، هم المسيطرون في لبنان. ومع ذلك، حرج من ناحيتهم ومن ناحية أخيهم الأكبر في طهران أن تبدو سيطرتهم ديمقراطية، وهم الآن يفقدون هذا المظهر.
60 في المئة على الأقل من الشعب اللبناني يعارضون الحرب، لذا يعارضون حزب الله. وهذا يتضمن حتى شيعة كثيرين. نصر الله في ضائقة: بقدر ما يتمنى إنهاء الحرب، فإنه لا يستطيع إيقافها ما استمرت الحرب في غزة. السنوار فاجأه، هاجم، وعندها طالبه بتنفيذ التزامه العلني في آذار 2023 للقتال كتفاً بكتف ضد إسرائيل. مكانته الإسلامية وكذا رأي طهران ألزماه بعمل شيء ما، لكن حذره المميز ألزمه بألا يفعل أكثر مما ينبغي. والنتيجة حرب استنزاف. غير أن هذه الحرب بدأت تقلقه بعد ثمانية أشهر: تكلفه قتلى أعزاء، وضرر مادي هائل، ولديه في بيروت نحو 100 ألف لاجئ شيعي من الجنوب. الاقتصاد اللبناني كان انطفأ قبل ذلك، وما تبقى الآن يتحطم.
مؤخراً، ورطته إسرائيل أكثر حين أعلم زعماؤها بأنهم يفكرون بحرب شاملة بل وحركوا القوات. لعله كان بأسلوب “أمسكوا بي”، لكن اللبنانيين فزعوا وبدأوا بهروب جماعي. نصر الله صدم، وجراء ذلك ألقى خطابه الهستيري. احتلال الجليل؟ قبرص؟ وماذا بعد؟ صحيح أنه مع الصواريخ والمقذوفات الصاروخية والمسيرات باستطاعته ضرنا بشكل شديد للغاية: “فقط” ألف رأس متفجر “عادي” في اليوم ستزرع دماراً عظيماً في مدن إسرائيل، وهذا إضافة إلى الصواريخ الدقيقة. لكنه يعرف ما يمكننا فعله في لبنان. لقد أخطأت إسرائيل حين قررت ألا تهاجمه في 11 أكتوبر. كانت فرصة لتوجيه ضربة هائلة لحزب الله وترميم الردع. يدرك نصر الله بأننا نمسكه من عنقه.
هو قلق أيضاً من موقف جديد للأخ الأكبر في طهران. في الأشهر الأولى من الحرب، طلبت إيران وقف نار فورياً. أما اليوم فيريدون استمرار حرب الاستنزاف. فقد توصلوا إلى استنتاج بأنهم نجحوا في حمل إسرائيل إلى المكان الذي أرادونا فيه. برأيهم، الجيش الإسرائيلي التي يقاتل في عدة جبهات، يستنزف بالتدريج ولا يملك ما يكفي من المقاتلين. الاقتصاد الإسرائيلي يغرق. طهران تتسلى برؤية إسرائيل تدفع بجبال من التموين إلى غزة، وتنبذ في الغرب على صورة قاتلة، وبايدن يوقف القذائف. ميناء إيلات مشلول، وطهران تخطط أن غلق الحوثيون والعراقيون حيفا وأسدود أيضاً. برأي طهران، المجتمع الإسرائيلي يتمزق إرباً. الزعيم الأعلى خامنئي يفرك يديه فرحاً وينتظر بصبر تفتت إسرائيل، لكن حزب الله يدفع الثمن في هذه الأثناء. فما الحل؟
يأمل نصر الله أن تعلن إسرائيل عن النصر وتوقف النار مقابل استعادة الرهينات والرهائن، وعندها يضع هو سلاحه. ويفترض أن تقنع إسرائيل بايدن بأن لها شرعية في فرض قرار مجلس الأمن. هو سيرفض بالطبع سحب قواته من الحدود، لكن إذا ما خططت إسرائيل حقاً إلى حرب شاملة مع دعم أمريكي كامل بالسلاح وبالمعلومات وفي الأمم المتحدة، فهناك احتمال أن يضطر للموافقة على الانسحاب. حينئذ سيعود سكان الجليل وجنوب لبنان، وسيضطر الجيش الإسرائيلي لمضاعفة القوة البشرية على الحدود بثلاثة أضعاف. في غضون شهر، يعرف نصر الله بأن شبابه المتميزين سيبدأون بالتسلل مرة أخرى، وكل شيء سيعود ليكون مثلما كان بعد 2006. برأيي، إذا كانت القيادة الإسرائيلية حازمة، فسنتمكن من منع هذا بالنار. هم يتسللون، ونحن نطلق النار، وننظر من يتمسك بالمهمة أكثر.
القدس؟ هي في قلب نصر الله دوماً. لكن لا شيء ملح. برأيه، ينبغي إنهاء هذا الحرب اللعينة التي فرضها السنوار. كفى.