نتنياهو لن يجرؤ على تكرار ما فعله باوباما عام 2016
بقلم: نداف ايال / يديعوت أحرونوت
سيكون الأمر مختلفاً هذه المرة، يقولون في “القدس”. نتنياهو لن يهاجم الإدارة الأمريكية، ولا حتى بالتلميح. ولن تكون هناك لحظة ذروة في حالة انتخابات إسرائيلية، بل حضيض غير مسبوق في العلاقات بين الدولتين. لن يفهم من أقوال رئيس الوزراء نقداً حاداً على رئيس ديمقراطي داعم لإسرائيل، يشعر مؤيدوه بإهانة وغضب يذكران لسنوات طويلة. بكلمات أخرى: خطاب 2024 لن يكون تكراراً لذاك الحدث البائس إياه مع إدارة أوباما. ثمة يهود في الولايات المتحدة، بمن فيهم أولئك المقربون من ترامب أيضاً، حذروا نتنياهو ورجاله: لا تظهروا وكأنكم تتدخلون في الانتخابات. مجرد وصولكم خطير في هذا الوقت. ابتعدوا عن مياه سامة للسياسة الأمريكية العاصفة. ضعوا لأنفسكم هدفاً: أن تعودوا إلى الديار بسلام.
ثمة جو حار وبارد الآن في واشنطن. أمس، مرت بضع سحب سريعة في سمائها. آخر ما يهم العاصمة في هذه اللحظة هو الشرق الأوسط. الحقيقة، آخر ما يهمها هي أوكرانيا، لكن الشرق الأوسط ملتصق بها تماماً.
يحاول الحزب الديمقراطي تهدئة نتيجة الانقلاب الداخلي ضد الرئيس بايدن وإعطاء إحساس بالوحدة. تضميد جراح حرب أهلية قصيرة ووحشية ينسحب في نهايتها رئيس قائم من السباق، بعد أن فاز في الانتخابات التمهيدية. حدث غير مسبوق. يبذل الجمهوريون كل جهد مستطاع للمس بفرص كمالا هاريس إن لم يكن شطبها تماماً حتى قبل أن تبدأ في رواية أي قصة جديدة عن انتخابات 2024. يقول ترامب إن هاريس أسوأ من بايدن (الذي هو “الرئيس الأسوأ في التاريخ”). لكن من خلف الكواليس، قيادة ترامب قلقة. الطريق التي مست بها المحكمة العليا بحقوق النساء في موضوع الإجهاض قد تؤدي إلى جرف في صالح مرشحة امرأة خطت على علمها حقوق النساء. حملة بايدن صفت نفسها في المواجهة، أما هاريس فلا تزال كاملة وربما تحاول توحيد الحزب من خلفها. لا حاجة للمبالغة في القلق: فنائبة الرئيس لا تعتبر سياسية مميزة حتى الآن، في منصبها الحالي. وهذا على أقل تقدير. في كل الاستطلاعات، ترامب هو المفضل للنصر. صورته بعد الاغتيال صورة منتصر.
يصل نتنياهو إلى هذا المعمعان، مع سؤال خفي ومركزي واحد: ما معنى قرار بايدن للأشهر القريبة القادمة. إسرائيل تعمل بضعة أيام إلى الأمام، أسابيع في الحد الأقصى. والأشهر القادمة، حتى أداء الرئيس أو الرئيسة الجديدين لليمين الدستورية حرج لمصير الحرب في غزة، والوضع في الشمال، وصفقة المخطوفين، والتطبيع، والتصدي لإيران. الخوف في حكومة نتنياهو هو أن الرئيس بايدن، بعد أن تحرر الآن من كل حساب سياسي، محوط بطاقم ذي حساب طويل مع الحكومة الحالية، سيتطلع لتقرير حقائق حادة: من جهة، دعم حل سياسي وأعمال على نمط أوباما في نهاية ولايته، ومن جهة أخرى ضربات ضد اليمين المتطرف اليهودي، بشكل غير مسبوق. هذه مسيرة بدأت الآن.
الأمل ليس معاكساً تماماً: في ضوء إحساس بايدن، الرجل الذي يعلن عن نفسه أنه صهيوني، بات عليه التركيز من الآن فصاعداً على إرث اتفاقات سلام، وتحقيق التطبيع مع السعودية، ووضع كل الحسابات السياسية والغمز للجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي– الذي يوجه انتقاداً لاذعاً للغاية لنتنياهو وللحرب- جانباً.
أمس، قبل لحظة من صعوده إلى الطائرة، وعد نتنياهو بأنه سيشكر بايدن على ما فعله من أجل إسرائيل على مدى السنين. هناك ما يمكن الشكر عليه. إلى جانب وقفة استثنائية للرئيس الأمريكي إلى جانب الإسرائيليين بعد 7 أكتوبر، بما في ذلك إرسال حاملات الطائرات، فإن بايدن ورجاله هم الذين أصدروا المقترح الإسرائيلي لحماس؛ فقد اتخذوا خطوة استثنائية، غير دبلوماسية على نحو ظاهر، ورفعوا مبادرة نتنياهو إلى الوعي العام – الشرق أوسطي والعالمي. فهموا أنهم بهذا يثبتون حكومة إسرائيل بالمقترح الذي صاغته هي نفسها. وعانقوا، عانقوا بقوة، وهنأوا رئيس وزراء إسرائيل على مبادرته غير المسبوقة.
بالتوازي، اتخذ الأمريكيون سياسة ثابتة، منذ شهرين، تلقي المسؤولية الكاملة على حماس. لو لم يناور البيت الأبيض بايدن بهذا الشكل ربما ما كنا سنصل إلى اللحظة شبه المتفائلة الحالية: صفقة على جدول الأعمال، تعيد المخطوفات والمخطوفين الذي يذوون ويقتلون ويموتون في أسر حماس. هذا أهم من كل خطاب أو لقاء في واشنطن.