رؤية سموتريتش للضم: هل هو واقع قادم أم مجرد أوهام؟

رؤية سموتريتش للضم: هل هو واقع قادم أم مجرد أوهام؟

في تصريح مفاجئ، أكد وزير المستعمرات الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عزمه على تحويل حلم "السيادة الإسرائيلية" على مناطق "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) إلى واقع في عام 2025، مما يعكس نهجاً جديداً في التعامل مع القضية الفلسطينية والمنطقة بشكل عام، بحسب تصريحات سموطريتش، يخطط لتمرير قرار حكومي للضم خلال العام المقبل، وهو ما يعتبر امتدادًا للمواقف اليمينية المتطرفة التي تبنتها حكومة الاحتلال مؤخرًا.

لكن هذا التوجه، رغم طموحاته الكبيرة، يثير الكثير من التساؤلات حول المستقبل الإقليمي والسياسي لإسرائيل، وكذلك ردود الفعل الدولية التي قد ترافقه.

 

 

حلم مستمر: السيادة على "يهودا والسامرة"

يشير سموتريتش إلى أن عام 2025 سيكون نقطة تحول، حيث سيتم تطبيق "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية بشكل رسمي، ورغم أن دعوته لم تشمل قطاع غزة أو حتى جنوب لبنان، إلا أن ما يتم التلميح إليه هو تحول كبير في سياسة الاحتلال الذي قد يعيد رسم الخرائط الإسرائيلية بشكل يتجاوز الحدود الحالية.

 
على الرغم من أن غزة ولبنان تحملان مكانة أقل في العقلية الصهيونية، إلا أن فرض "السيادة" على الضفة الغربية يثير تساؤلات حول مستقبل غزة، خاصة بعد أن بدأت إسرائيل في بناء مستوطنات جديدة في شمال القطاع.

 

هل يوافق العالم؟

من المؤكد أن إعلان سموطريتش سيواجه معارضة شديدة على الصعيد الدولي، وهو يدرك أن تطبيق هذا الضم سيشكل تحديًا كبيرًا على المستوى الدبلوماسي، خاصة في ظل غياب التأييد من دول أخرى، حتى من الدول التي أبرمت اتفاقات سلام مع إسرائيل.

في حال إقدام إسرائيل على هذا الإجراء، من الممكن أن يشهد العالم عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، خاصة مع احتمال انسحاب الدول العربية الموقعة على اتفاقيات "أبراهام" وعودة المقاطعة الدولية، الحديث عن موافقة محتملة من الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، على هذه السياسات يبدو غير كافٍ لضمان دعم دولي واسع.

 

الضم والإبقاء على الفلسطينيين: "الترحيل الطوعي" أو "الأبرتهايد"؟

رغم أن سموتريتش يزعم أن الضم سيشمل "حلًا منظمًا" للفلسطينيين في المناطق المضمومة، إلا أن خطته تتضمن وضع معايير صارمة لتحديد الحقوق والواجبات بين العرب واليهود في "يهودا والسامرة". يشير إلى أنه سيتم تطبيق نموذج "إقامة جماعية ذاتية" للفلسطينيين في الضفة، مع إمكانية منحهم الجنسية أو المواطنة الإسرائيلية بناءً على معايير مثل الإخلاص لإسرائيل والخدمة العسكرية أو الوطنية.

 
في غضون ذلك، يحمل هذا النموذج في طياته تهديدًا للمساواة والعدالة بين العرب واليهود في المناطق المحتلة، مما قد يؤدي إلى نظام "أبرتهايد" جديد.

على الرغم من دعوته إلى أن يكون هذا النظام "مؤقتًا"، فإنه من غير المحتمل أن يتقبل الفلسطينيون في الضفة الغربية أو المجتمع الدولي فكرة إنشاء دولة إسرائيلية تضم 5 ملايين فلسطيني تحت نظام تمييزي. المقترح الذي يعرضه سموتريتش يعكس أساسًا رؤية عنصرية تجاه الفلسطينيين، حيث يتضمن تقسيم الحقوق بناءً على العرق والدين، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذا النظام على الاستمرار دون خلق مزيد من التوترات الداخلية والإقليمية.

 

الانعكاسات الداخلية: كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي؟

من الملاحظ أن إسرائيل قد اعتادت على التعايش مع العزلة الدولية في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت حكومة الاحتلال تتعامل مع العزلة كأمر طبيعي بعد أن عانت من انتقادات متزايدة حول ممارساتها في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إسرائيل قد تطورت إلى مجتمع يعتاد على تحمل ضغوط وتحديات دولية متزايدة، بما في ذلك التهديدات الاقتصادية والانتقادات الدبلوماسية.

ومع ذلك، فهذه السياسة قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي بين القوى السياسية الإسرائيلية، خاصة مع الرفض المحتمل لهذه الخطط من قبل الأحزاب اليسارية والوسطية، وكذلك منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية، كما أن تكاليف هذه السياسات، بما في ذلك زيادة التوترات مع الفلسطينيين والعالم العربي، قد تدفع الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة النظر في خططها المستقبلية.

 

هل سيكون الضم حلاً أم تهديدًا؟

في نهاية المطاف، تبقى القضية الفلسطينية محورًا أساسيًا في السياسات الإسرائيليةـ بينما يرى البعض أن الضم قد يكون خطوة حاسمة لتحقيق "أمن" إسرائيل و"توسيع حدودها"، فإن النتائج طويلة الأمد قد تكون غير محمودة العواقب. فبدلاً من حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، قد يؤدي الضم إلى تفاقم النزاع وفتح جبهات جديدة من المقاومة والمقاطعة.

من جهة أخرى، سيظل الفلسطينيون في الضفة وغزة في صراع دائم من أجل البقاء والمطالبة بحقوقهم، في وقت سيعيش فيه الإسرائيليون في تزايد من الشعور بعدم الاستقرار نتيجة هذه السياسات، قد تكون رؤية سموطريتش "حلماً صهيونياً" في نظر البعض، لكنها في الواقع قد تكون وصفة لمزيد من الصراع المستمر الذي سيطول أمده ويعقّد الحلول الممكنة.

 

 
 

Share: