عراقيل إسرائيلية تعصف بصفقة إنهاء الحرب على غزة

عراقيل إسرائيلية تعصف بصفقة إنهاء الحرب على غزة

عراقيل إسرائيلية تعصف بصفقة إنهاء الحرب على غزة وتمسك الوسطاء بضرورة تحقيق اختراق في مفاوضات الدوحة
بقلم:سليمان حاج إبراهيم

الغموض ما يزال سيد الموقف، بشأن الوساطة القطرية المصرية الأمريكية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، بسبب ضبابية المشهد في تل أبيب التي ترفض أطرافها التوصل لأي اتفاق ينهي الحرب، ومحاولة الحصول على مكاسب من دون تقديم أي شيء ملموس للفصائل الفلسطينية.
ومع وصول وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، لاستئناف المفاوضات، ساد بعض الأمل المحفوف بالمخاوف، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وتتحدث مصادر متابعة للملف عن تذبذب في اتجاه منحى الوساطة، وسط تسريبات عن «تقدم بطيء» يحاول الوسطاء إبقاءه «مستمراً».
ومؤخراً تراجعت الآمال بقرب التوصل لاتفاق بين تل أبيب وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» يفضي إلى صفقة تبادل للأسرى، وينهي الحرب الإسرائيلية على غزة، وسط تباين في أهداف الأطراف المعنية، وتحديداً مع تزايد حدة مناورات حكومة أركان حرب بنيامين نتنياهو.
وتأتي التحركات في ظل جهود قطرية، ومحاولات البيت الأبيض تسريع وتيرة الاتصالات لتحقيق الإدارة المنتهية ولايتها خطواتها قبيل وصول الرئيس الجديد دونالد ترامب للسلطة.
وتشير المصادر المتابعة إلى استمرار وجود الفجوات بين الأطراف، وهي التي تنسف أي جهد لتحقيق اختراق يؤدي إلى إبرام صفقة. والفريق الإسرائيلي الموجود في الدوحة مهني، وليس فيه رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد برنيع.
ويقدم الوفد الإسرائيلي خلال المفاوضات المنعقدة في الدوحة، مقترحا جديدا لحل الخلاف بشأن قائمة الأسرى الأحياء الذين تطالب إسرائيل حماس بتقديمها قبل المضي قدما في المفاوضات.
لكن حسب مصادر مقربة من حماس، فإن سلطات تل أبيب ترفض تقديم أي تنازل لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وذلك على خلفية التقارير التي تتحدث عن حالة جمود في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس. ونقلت مصادر عبرية أن «الحرب لن تنتهي ما دامت حركة حماس تسيطر عسكريا ومدنيا في غزة»، وهذا العامل هو أحد عقبات التوصل لاتفاق بشأن الصفقة، مع وجود فجوات بين فهم إسرائيل وفهم حركة حماس، في ما يتعلق بالأسرى الذين يتم تصنيفهم بالقائمة «الإنسانية».

عائلات المختطفين

وتضغط عائلات المحتجزين الإسرائيليين على حكومة أركان بنيامين نتنياهو، وتزيد من احتجاجاتها أمام مقر رئاسة الوزراء. ومؤخراً أصدرت بيانا قالت فيه إنه لا وقت لأي تراجع في المفاوضات، ورحبت بإرسال فريق لاستئناف التفاوض في الدوحة.
ويطالب البيان نتنياهو بعقد اجتماعات مستمرة مع عائلات الأسرى والمخطوفين وتزويدها بمعلومات بشأن المفاوضات وجهود التوصل إلى صفقة. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن والدة محتجزة في غزة قولها «أبرموا اتفاقا، فلا أحد يريد عودة الأسرى جثثا في أكياس». ولأشهر كان رئيس الوزراء يتنصل من أي التزام لعائلات الأسرى، بشأن التوصل لاتفاق، حيث يسعى جاهداً لتحقيق ما صرح به في مناسبات عدة، بضرورة تحقيق أهدافه من الحرب.
ومؤخراً توجه وفد قيادي من حركة حماس إلى القاهرة، والتقى مسؤولين مصريين، وأجرى مباحثات بشأن تطورات الجهود التي تبذلها مصر وقطر لاستئناف المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين مع إسرائيل.
وحسب مصادر متابعة لملف الوساطة فإن حماس تبدي مرونة لتحقيق اختراق، بالمقابل تماطل حكومة أركان الحرب الإسرائيلية حتى الآن، وتحاول أن تتفاوض مع الرئيس الجديد، مولية ظهرها للرئيس جو بايدن، الذي فشل طيلة سنوات عهدته الأخيرة، في دفع نتنياهو للموافقة على اتفاق أعلن عنه قبل أشهر ينهي الحرب. وسربت مصادر إعلامية عبرية، نقلاً عن مسؤول بالحكومة الإسرائيلية قوله إنّ نهاية الحرب على قطاع غزة تقترب لكن ليس قبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه.

تحركات اللحظات الأخيرة

وبعد أشهر من الجمود، بدأت تظهر دلائل جديدة على أن إسرائيل وحماس تقتربان من وقف إطلاق النار في غزة وإبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، ذلك بعد انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة عدة مرات في الماضي. وما تزال الأنباء ضبابية حتى الآن. وتتوالى الأنباء من مختلف العواصم، بشأن احتمالات التوصل لاتفاق لتبادل المحتجزين والأسرى، لكن يظل في مناسبات يراوح مكانه.
وحسب تسريبات من العاصمة القطرية الدوحة، فإن حماس تريد منح فرصة للأطراف الدولية لوقف الحرب والذهاب قدماً نحو خطوات فعلية تفضي إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة مقابل مناورات نتنياهو الذي يريد استعادة أكبر عدد من الأسرى الأحياء، ولكنه لا يريد الانسحاب الكامل من غزة وخاصة محور نتساريم خشية سقوط حكومته وعدم تحقيق مفهوم «الانتصار المطلق».
وذكرت مصادر دبلوماسية، أن حماس تراجعت عن نقاط رئيسية لضمان التوصل إلى اتفاق. ووفقاً للمسؤولين وافقت حماس على بقاء القوات الإسرائيلية في غزة مؤقتاً بعد وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وستقدم حماس قائمة شاملة بالرهائن، بمن فيهم المواطنون الأمريكيون، الذين سيتم إطلاق سراحهم. وقالت المصادر إن حماس ستشهد أيضًا إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين من قبل إسرائيل كجزء من الصفقة. وقالت حركة حماس إن المحادثات التي جرت في قطر بهدف التوصل إلى هدنة في غزة وتبادل محتجزين وأسرى كانت «جادة وإيجابية» غداة وصول وفد إسرائيلي إلى الدوحة للقاء الوسطاء.

تفاؤل أمريكي

توالت تصريحات عدد من المسؤولين الأمريكيين، التي أعطت الانطباع لقرب التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في غزة، مع استمرار المفاوضات بالشأن. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن المفاوضات اقتربت من هدفها. وأكد سوليفان أنه مع ضغط الوسطاء والتزام إسرائيل وحركة حماس يمكن تحقيق ذلك. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي إن العقبات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تتعلق بالتفاصيل، وتحديداً أسماء الرهائن والسجناء الذين سيطلق سراحهم، وتوزيع القوات الإسرائيلية في القطاع خلال وقف إطلاق النار.
وتتمسك إدارة بايدن ببصيص أمل لتحقيق اختراق في المسار، وتتويج جهود البيت الأبيض قبل تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم الشهر الجاري. وتدرك واشنطن، أن تل أبيب تناور حتى الآن، لتحقيق مكاسب مع الرئيس الجديد، وعدم منح أي استحقاق لبايدن، وهو ما يدفع المسؤولين للتحرك على جميع الأصعدة لدفع ملف الوساطة، نحو محطته الأخيرة.
وتواصل قطر بذل المزيد من الجهود للتوصل لاتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة، إدراكاً منها بحساسية الوضع في القطاع المحاصر، في ظل تعقد الوضع في الميدان.
وكشفت وزارة الخارجية القطرية أن رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بحث آخر المستجدات بشأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة مع وفد من حركة حماس برئاسة القيادي البارز خليل الحية في الدوحة كما بحث قبل فترة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب اردوغان -في أنقرة- العلاقات الإستراتيجية وتطورات الأوضاع الإقليمية. وشملت المحادثات أيضا المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خصوصاً الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى آخر التطورات في سوريا.
وتزامناً تتواصل في الدوحة، الاجتماعات الدولية، لتحريك ملف الوساطة، وبحث فرص تحقيق أي اختراق من شأنه أن يتوج الجهود باتفاق. وبحث مدير وكالة المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» وليام بيرنز في الدوحة مفاوضات صفقة التبادل مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.


Share: