خاص- وكالة 24- ترامب يعود بخطة مفاجئة: الرخاء الاقتصادي طريقه للوحدة أو بداية انفجار جديد؟"
في وقتٍ تتسارع فيه التحديات المحلية والعالمية، يبدو أن دونالد ترامب عازم على العودة بقوة إلى الساحة السياسية في أمريكا. لا يتحدث هذه المرة عن العودة إلى ماضيه أو ماضي حزبه، بل يطرح رؤية جديدة لعقيدة أمريكا الكبرى؛ رؤية يعوّل فيها على توحيد البلاد من خلال ما يصفه بـ "الرخاء الاقتصادي". لكن هل حقًا يمكن للرخاء أن يكون الحل السحري لوحدة الأمة؟ وهل سيظل ترامب، كما كان في الماضي، يثير الانقسامات أكثر مما يعالجها؟
التجارة والهجرة: تهديدات جديدة أم خطوات حاسمة؟
لطالما كانت التجارة والهجرة في قلب سياسات ترامب، وهذه المرة لا يبدو أنه سيخفف من نهجه المتشدد. بعد تجربة التعريفات الجمركية على الصين، يهدد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 25% على المكسيك وكندا ما لم تكبحا الهجرة غير الشرعية. لا يزال يصف التعريفات الجمركية بأنها "أجمل كلمة" له، ويبدو مصممًا على أن تصبح تلك الكلمة أداة ضغط جديدة في يده. لكن خلف هذه السياسة تكمن أسئلة كثيرة: هل سيؤدي هذا النهج إلى عزلة اقتصادية لبلاده؟ أم أن الدول المجاورة ستجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات؟
الناتو: العودة إلى السياسة الواقعية
ترامب لا يتراجع عن سياسته المتمثلة في "أمريكا أولًا"، بل يعيد صياغتها ضمن سياق أكثر تحديًا. في ما يتعلق بحلف الناتو، لا يبدي ترامب أي استغناء عن هذا التحالف، لكنه يشترط أن تكون الدول الأوروبية أكثر عدلاً في مشاركتها بتكاليف الأمن العالمي. ويشدد على ضرورة أن تساهم الدول الأعضاء في الناتو بمبالغ تتناسب مع إمكانياتها، متوعدًا بأن أي تلاعب سيجعله يعيد النظر في استمرار التحالف. هل ستكون هذه ضربة حاسمة لعلاقات أمريكا مع أوروبا، أم أن الحلفاء سيضطرون إلى تلبية مطالبه لتجنب القطيعة؟
الهجرة: هل هذا هو التحول الذي انتظره البعض؟
في مفاجأة ربما تكون الأكبر في تصريحاته، يظهر ترامب استعدادًا للعمل مع الديمقراطيين بشأن حماية "الحالمين" — أولئك الذين دخلوا الولايات المتحدة كأطفال. وهو يعترف بأن كثيرًا منهم أصبحوا في منتصف العمر ولم يعودوا يتحدثون لغات بلادهم الأصلية. هذا التحول الواضح عن سياساته السابقة يثير تساؤلات عن جدية الموقف الأمريكي تجاه قضايا الهجرة، في وقتٍ يرى البعض أن ترامب سيظل ثابتًا في موقفه الصارم ضد الهجرة غير الشرعية. هل سيتحقق هذا التوازن بين أولوية الأمن القومي وبين حماية حقوق الأفراد؟
الرعاية الصحية: تحول في الموقف أم مجرد تغيير في الخطاب؟
منذ أن أطلق حملته في 2016، كان ترامب من أكثر المنتقدين لقانون الرعاية الصحية الذي أقره الرئيس السابق باراك أوباما. لكن في هذا السياق، يعترف بأنه بذل قصارى جهده في محاولات إصلاح النظام الصحي، قائلاً إنه أحيانًا يشعر بالندم على عدم استبداله. هذه الإشارة تبدو كدعوة لتخطي الماضي والتركيز على إيجاد حلول عملية لتخفيض تكاليف الأدوية والرعاية الصحية. لكن هل يكفي التعديل في الخطاب ليحسن الوضع؟ أم أن قطاع الرعاية الصحية يحتاج إلى تغييرات جذرية عميقة تتجاوز تصريحات وتعديلات آنية؟
العدالة والتحقيقات: هل انتهى زمن الانتقام السياسي؟
أكثر ما يلفت الانتباه في تصريحات ترامب هو إعلانه صراحة أنه غير مهتم بالتحقيقات الانتقامية. لا يريد التحقيق في انتخابات 2020 أو في المسائل التي تخص خصومه السياسيين. هذه الرسالة تبدو كمؤشر قوي على أنه يفضل التحول إلى الأمام، محاولًا نزع فتيل الاحتقان الذي دام لسنوات. لكن هل سيكون هذا كافيًا لكسب دعم قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي التي قد ترى في هذه المسألة جزءًا من إعادة العدالة السياسية؟ أم أن ترامب يواجه توازنًا دقيقًا بين تحقيق العدالة وتفادي التصعيد؟
الوحدة من خلال الرخاء: هل يكون الاقتصاد هو الحل؟
رسالة ترامب الأخيرة، وربما الأكثر جرأة، تتمثل في إيمانه العميق بأن الرخاء الاقتصادي هو مفتاح وحدة الأمة. "النجاح الاقتصادي سيجمعنا"، هكذا يرى ترامب أمريكا المستقبل. هذه الفكرة تحمل معها أملًا في إنهاء الانقسامات التي باتت تعصف بالبلاد، لكن هل يمكن للرخاء الاقتصادي أن يكون حلاً سحريًا يعالج التصدعات العميقة في المجتمع الأمريكي؟ أم أن التاريخ أثبت أن الاقتصاد وحده لا يمكن أن يوحد الشعوب إذا لم يكن مصحوبًا برؤية شاملة للعدالة الاجتماعية والسياسية؟
يبدو أن ترامب عازم على تنفيذ رؤيته بقوة، سواء لقيت قبولا أم لا. فبينما يطرح حلولًا قد تكون جذابة للكثيرين، فإن التطبيق العملي لها قد يواجه تحديات كبيرة. الأيام المقبلة قد تكشف لنا إلى أي مدى سيسهم "الرخاء" في توحيد أمريكا، أو ربما سيكون بداية فصل جديد من الانقسامات المتزايدة