لقاء نتنياهو مع آخر الصهاينة بالبيت الأبيض!!
لقاء نتنياهو مع آخر الصهاينة بالبيت الأبيض!!
بقلم: ناحوم برنياع / يديعوت أحرونوت
رئيس إسرائيل مدين لبايدن بالكثير، قد يكون آخر الصهاينة في البيت الأبيض، اعترف أمس بالمحتم وانسحب من السباق. القرار يتحدث في صالحه؛ فهو يدل على الاحترام الذي يكنه لقواعد اللعب الديمقراطية واستعداده للاستماع إلى أصوات الجمهور. هذا لم يكن سهلاً، فقد كان قراراً منطوياً على عذابات كبيرة. كان يتعارض مع أمانيه وغرائزه السياسية. لكن لا مناص أحياناً.
يقف الحزب الديمقراطي الآن أمام تحد غير بسيط. ثلاثة أسابيع فقط حتى مؤتمره في شيكاغو. وحسب الأنباء من يوم أمس، يتبنى بايدن ترشيح نائبته، كمالا هاريس، وهي مرشحة معروفة، لكن غير شعبية. سنواتها الأربع في ظل بايدن لم تعزز مكانتها لدى الرأي العام والقاعدة الديمقراطية. من جهة أخرى، فإن القفزة عنها إلى مرشح أو مرشحة أخرى له ثمن سياسي لا بأس به.
كل رئيس في أواخر ولايته يعتبر إوزة عرجاء: أمريكا تتعلم أن تدير نفسها بدونه. هذا صحيح أساساً في الساحة الداخلية. فترة الخبو تبدأ في اليوم الذي يختار فيه المؤتمر مرشحاً جديداً أو عشية الانتخابات في تشرين الثاني والتي بعدها، حسب القانون، هناك شهران ونصف يستعد فيها الرئيس المنتخب لولايته والرئيس المنصرف يحزم أمتعته.
بيان بايدن أمس يجعله إوزة عرجاء على مدى ستة أشهر؛ أكثر مما ينبغي. على هذه الخلفية، هناك من اقترح اعتزال بايدن الآن، وفقاً لوسائل إعلام أمريكية، ليخلي كرسيه لهاريس، وهكذا يسمح لها ان تبني ترشيحها وتختار لنفسها نائباً مع قوة جذب خاصة بها. قرار كهذا يتطلب من بايدن سخاء استثنائياً قد يكون غير مسبوق. الكثير متعلق بوضعه الصحي: لم يتصور أحد إمكانية تفككه في المواجهة مع ترامب.
ما كان ينبغي لبايدن أن يعرض ترشيحه لولاية أخرى. ليس بسبب مؤشرات الشيخوخة التي طلت بقوة أكبر في الأسابيع الأخيرة، بل لادعائه أنه سيعطي أمريكا رئيساً بوظيفة كاملة. كل ناخب يفهم بأن ادعاء كهذا محكوم بالاحتقار. يفترض برئيس الولايات المتحدة أن يستوعب كمية كبيرة من المعلومات يومياً ويترجمها إلى قرارات مصيرية. وهو مكشوف على عين الجمهور دائماً. كل تلعثم وكل وجه نسيه وكل كبوة على الدرج، تحدث جلبة سياسية وحزبية وتدهور أسهم البورصة. ليست لابن 85 حالة يقوم بها وينجح فيها.
لكن الدراما حول تردداته لن تكون إلا ملاحظة هامشية في حياة سياسية ممتازة بلغت ذروتها في ثلاث سنوات ونصف له في البيت الأبيض. فقد كان رئيساً مشرعاً، ذا التزام اجتماعي عميق لشعبه والتزام قيمي لدول أنظمتها ديمقراطية. وقد أخرج الولايات المتحدة من كورونا، وأنقذها من الأرض المحروقة التي خلفها ترامب وراءه، وفعل كل ما في وسعه لتقليص الاستقطاب الداخلي، ومد اليد، بما فيها المساعدة العسكرية السخية لأوكرانيا وإسرائيل، الدولتين الديمقراطيتين اللتين علقتا في حرب رغم أنفهما. لقد كان رئيساً إيجابياً في عصر كله سلبية. معظم الأمريكيين سيشتاقون للعم جو.
يصل نتنياهو إلى واشنطن في توقيت بائس. له مصلحة في المدينة؛ أما المدينة فلا مصلحة لها به. عندما سمع نتنياهو انسحاب بايدن من السباق توتر. على أي حال، كان له لقاء مع كلينتون في 1998. كنت هناك. بعث كلينتون نتنياهو ووفده لوجبة غداء خارج البيت الأبيض ولم يكلف نفسه عناء القول لنتنياهو لماذا، حيث نشبت في ذاك الوقت قضية مونيكا لوينسكي، المتدربة في البيت الأبيض التي أقام معها كلينتون علاقات جنسية. وتم شطب إسرائيل من جدول الأعمال دفعة واحدة.
هذه طبيعة واشنطن: عندما تنشب دراما سياسية فإنها تفرغ كل الأكسجين في المدينة. بيان بايدن أمس، هو دراما من هذا النوع. هي ليست كبيرة مثل هجمة مؤيدي ترامب على الكونغرس قبل أربع سنوات، أو فيتنام، أو بيان انسحاب الرئيس جونسون من السباق في 1968 لكنها كبيرة بما يكفي كي تنسي مشاكل الشرق الأوسط لبضعة أيام.
سيكون للقاء بين نتنياهو وبايدن، إذا ما عقد غداً، معنى عملي محدود. سينظر بايدن إلى ما وراء كتف نتنياهو، إلى القرارات السياسية العاجلة التي تنتظره؛ وسينظر نتنياهو إلى ما وراء كتف بايدن إلى الرئيس، أو الرئيسة التاليين. لم يجلب نتنياهو بشرى لواشنطن، لا في موضوع المخطوفين، ولا في موضوع اليوم التالي؛ المسائل التي لن تقوم بدونها جبهة إقليمية واسعة ضد إيران. عشية الرحلة، وعد نتنياهو رسله الأمريكيين بأنه سيكون حراً من ضغط بن غفير وسموتريتش في نهاية دورة الكنيست، وسيمدد الحبل الذي يعطيه لطاقم المفاوضات. حتى هذا الوعد بات تاريخاً الآن.
عندما يخرج نتنياهو من اللقاء، سيكثرون من سؤاله عن وضع الرئيس، هل كان يقظاً، هل تحدث موضوعياً، هل شفي من كورونا. قلة سيستمعون لرسائله عن غزة، وحزب الله، واليمن، وإيران، والمخطوفين.
هذا صحيح أيضاً بشأن خطابه في الكونغرس بعد غد. رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، دعا نتنياهو كي يحرج الديمقراطيين. المجموعة المناهضة لإسرائيل في الجناح اليساري من الحزب: الـ “سكوير” الكسندرا أوكسيو بورتو، وإلهان عمر، ورشيدة طليب، مع خمسة آخرين، تعتزم الوصول لمقاطعة الخطاب. الناخبون اليهود سيشاهدون ويتأثرون. ستتخذ إسرائيل صورة الحليف لحزب واحد. هذا ليس جيداً لإسرائيل، لكنه جيد للجمهور.