مريم والأرض

مريم والأرض

 

نابلس- تحاول الطالبة مريم العاصي من خربة يانون التابعة لبلدة عقربا جنوب نابلس، الاستيقاظ باكرا في تمام الخامسة فجرا، كي لا تفوت فرصة الوصول الى المدرسة بواسطة الحافلة، التي تعتبر أمانا لها ولأقرانها في ظل طريق تحفها مخاطر المستوطنين.

تجلس مريم ابنة الصف الرابع، على أحد الحجارة، والرياح تهب شرقا، تنتظر وصول زملائها للذهاب معا الى المدرسة، فيما تستغل وقتها في حفظ قصيدة محمود درويش على هذه الأرض ما يستحق الحياة، فهي كلمات الصباح التي ستلقيها في الطابور الصباحي.

وصلت الحافلة أخيرا، وانطلقت برحلة تستغرق دقائق معدودة، بين اشجار الزيتون الرومي، التي تعلوها ابراج الاحتلال ومستوطنيه الذين يعتبرهم الاهالي خوفا كامنا يمكن ان تفاجَأ بهم بأي لحظة.

تجمع الطلبة فوق أرض ترابية منحدرة ووعرة بلا سياج او اسوار وبدأوا لعب كرة القدم، التي لا تمكث سوى لحظات بين ارجلهم، قبل أن تتدحرج الى الأسفل، فيلاحقها بعضهم؛ في محاولة للحيلولة دون وصولها الى مسافات بعيدة.

وتعتبر خربة يانون إحدى المناطق التي تواجه صراع البقاء بعد الاستيلاء على مساحات شاسعة من اراضيها، عقب بناء خمس مستوطنات وبؤر استيطانية، ولم يتبق سوى 15% من مساحتها الأصلية التي تقدر بـ16450 دونما، قبل عشرات السنين.

ولم يغب عن مخيلة الطالبة مريم مشهد هجوم المستوطنين على منزل عائلتها، ما جعلها تشعر بالخوف الدائم منهم، حسب ما افادت به لمراسل "وفا".

وتقول "نضطر أنا وأخي للنهوض باكرا، كي نتجهز للمدرسة وانتظار الحافلة التي تقلنا الى المدرسة؛ فلا نستطيع السير وحدنا في الطريق كي لا نفاجَأ بوجود المستوطنين أمامنا".

رن جرس المدرسة وتهيأ الطلبة لطابور الصباح، واخذوا يرددون النشيد الوطني، لحين الوقت للحديث عن ذكرى استشهاد ابو عمار في الاذاعة المدرسية، وليعلو صوت الطالبة مريم بعدها بكلمات محمود درويش "كَانَتْ تُسَمَّى فلسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ".

ويبذل المعلمون في مدرسة يانون المختلطة، التي تضم اربعة صفوف مدرسية فقط، جهودا للحفاظ على اكبر عدد من الطلبة الذين وصل عددهم الى 22 طالبا وطالبة، باصطحاب اولادهم معهم اليها من القرى والبلدات الاخرى، كي تبقى ابوابها مفتوحة، في ظل تناقص اعداد الطلبة.

ويقول مدير المدرسة ايمن ابو شهاب، "في سنوات سابقة كان عدد الطلبة يترواح ما بين خمسة الى سبعة طلاب، اتجهنا نحو تسجيل الابناء ومن نستطيع اقناعهم من الجيران والاهل، حتى لا تغلق المدرسة".

ويضيف "نحن لا نستطيع البناء او عمل اي اضافات في المقر القائم؛ وذلك بفعل ممارسات الاحتلال، ما يضطر الطلبة اللعب فوق الارض الوعرة او بين ازقة المنازل القريبة".

خربة يانون كان يقطنها نحو 365 مواطنا قبل اندلاع انتفاضة الاقصى، واليوم يصل عدد أهلها الى 36 مواطنا؛ جراء مضايقات الاحتلال ومستوطنيه والاستيلاء على المزيد من اراضيها.

عن (وفا)