يوم المنتج الفلسطيني .. احتفاء يعكس سياسات الارتقاء
رام الله- صادق مجلس الوزراء في جلسته التي تحمل رقم (09)، والمنعقدة بتاريخ 17 من حزيران / يونيو 2019؛ على اعتبار الأول من تشرين الثاني / نوفمبر من كل عام يوماً للمنتج الوطني الفلسطيني.
واتخذ هذا القرار في إطار استراتيجية وطنية تقودها الحكومة، للانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي، عبر تعزيز القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، والمساهمة في دعم ثقة المواطن بالمنتجات فلسطينية المنشأ.
وتشمل الاستراتيجية تطوير الصناعات المحلية، ورفع حصة المنتج الوطني في السوق المحلي، بما يحفز عجلة الإنتاج والتشغيل، ويقلل من نسبة الفقر والبطالة.
ولا يقل أهمية عن ذلك، رفع مستوى الوعي الوطني والثقة الاستهلاكية لدى أبناء الشعب الفلسطيني حول جودة المنتجات والسلع الوطنية.
ويوم أمس، أعرب رئيس الوزراء محمد اشتية عن سعادته لوجود بضائع فلسطين في أندونيسيا، وسنغافورة، وبجودة عالية ومواصفات عالمية، وقدرة على المنافسة، مؤكداً أن المنتج الفلسطيني متميز، وصادراته سوف تتجاوز المليار دولار.
ولمناسبة يوم المنتج الوطني، شدد اشتية في كلمته خلال افتتاح جلسة الحكومة، على أهمية أن يكون المنتج الوطني أساساً لسلة المستهلك الفلسطيني، وأن يُعطى الأولوية دائما، مشيرا إلى أن الحكومة تقدم حزمة من المشاريع الداعمة للصناعة، والمنتج الوطني في مختلف المجالات، وبالشراكة مع القطاع الخاص، من أجل تخفيف كلفة الانتاج عبر الطاقة النظيفة وغيره.
وأصدرت وزارة الاقتصاد الوطني، ورقة حقائق حول يوم المنتج الوطني الفلسطيني، بينت أن هناك أكثر من 20 الف منشأة صناعية عاملة تشغل نحو 116 الف عامل، فيما يساهم القطاع الصناعي بحوالي 12% في الناتج المحلي الإجمالي.
وقدرت الوزارة إجمالي الصادرات السلعية الفلسطينية المرصودة لعام 2021 بحوالي 1.45 مليار دولار.
وبحسب ورقة الحقائق، فإن هناك 5 آلاف مواصفة فلسطينية، و108 تعليم فني إلزامي يجب تطبيقها على المنتجات، بينما وصل إلى 496 عدد المنشآت الحاصلة على شهادات الجودة والإشراف الفلسطينية، وعلامة الحلال والمنتجات الآمنة، والممارسات الزراعية الجيدة، وميثاق جودة عسل النحل، وميثاق جودة الصناعات الحرفية.
وذكرت وزارة الاقتصاد أن المنتج الوطني يحظى بأولوية في العطاءات والمشتريات الحكومية وبفارق 15% عن تكلفة المستورد، في حين فرضت رسوم جمركية بسقف لا يتجاوز 35% على 200 سلعة مستوردة لها بدائل وطنية في أربع قطاعات إنتاجية، الجلود والأحذية، الملابس، الأثاث، والألمنيوم، وذلك حماية للمنتج الوطني.
كما نفذت الحكومة مشاريع إنتاجية بقيمة إجمالية 62.5 مليون دولار لدعم القطاع الخاص في المجال الصناعي، وبلغ عدد الشركات الحاصلة على حوافز استثمار إلى 99 شركة، برأس مال بلغ 114.6مليون دولار.
وقُدرت حصة القطاع الصناعي (الصناعات التحويلية) في السوق المحلي بحوالي 43%، وأصبح للمنتجات الفلسطينية قدرة تنافسية وتسويقية في 80 سوق دولي عبر 200 شركة فلسطينية، حسب إحصائيات نشرتها وزارة الاقتصاد الوطني.
وكيلة وزارة الاقتصاد الوطني منال فرحان، أوضحت أن الهدف من إعلان يوم خاص للمنتج الوطني الفلسطيني، جاء ليعكس الاهتمام الذي توليه الحكومة، ولتركيز حملات الترويج بشكل سنوي للمنتج الوطني، لاطلاع المستهلك على أحدث ما توصلت إليه الصناعة الفلسطينية من منتجات أو من رفع للجودة أو من اتساع لدائرة الأسواق المستهدفة.
وقالت: "المنتج الوطني في كل يوم وليس في يوم واحد، ولكن ارتأت الحكومة أن يخصص تشرين الثاني/ نوفمبر للمعارض والبازارات وغيرها من الفعاليات الاقتصادية، لتسليط الضوء إعلامياً على المنتج المحلي الذي حقق قفزات نوعية في آخر خمس سنوات".
وأكدت فرحان أنه وخلال فترة "جائحة كورونا" برهن المنتج الفلسطيني نفسه بشكل واضح، لأنه تمكن من الحفاظ على الأمن الغذائي، وأثبت أنه قادر على احتلال مكان البضائع المستوردة، بعد الاضطرابات التي شهدتها عمليات الاستيراد والتصدير على المستوى العالمي.
وأضافت: "استطاعت بعض المنتجات الفلسطينية أن تحل محل تلك المستوردة، وعندما استخدمها المواطن وجد أنها تلبي رغباته وتطلعاته. وفي تلك الفترة تم إطلاق منتجات جديدة في مجالات تتعلق بالصناعات البلاستيكية أو بصناعة المعقمات ومواد التنظيف، وهنا أثبتت الصناعة الوطنية أنها قادرة على تزويد السوق الفلسطيني بحاجته في فترات الأزمات والطوارئ".
وذكرت وكيلة وزارة الاقتصاد الوطني، أن الوزارة وخلال العقد الماضي، اعتمدت الخطط والبرامج للوصول بالمنتج الفلسطيني إلى 25% من حصة السوق، وحالياً تم تجاوز الهدف وصولاً إلى ما نسبته 43%، فيما فاقت حصة بعض الصناعات كصناعات الألبان؛ حاجز الـ80%.
وقالت إن هذا دليل على الاهتمام الحكومي بالمنتج الوطني، والذي يتجسد بوضع السياسات والتشريعات الداعمة وتوفير الحماية، وعقد التدريبات حول جودة المنتجات، وتعزيز القدرة التنافسية، الأمر الذي وفر بيئة مواتية لنهضة المنتج الوطني.
وتابعت: "استطعنا بمنتجنا الوطني أن نصل إلى أكثر من 80 دولة، وهذا دليل على الجودة العالية، وهناك مجموعة كبيرة من منتجات الألبان والبلاستيك ومواد التنظف وحتى الأدوية أصبح لديها حضور أكبر محلياً ودولياً. الحكومة ساعدت عندما أقرت إعطاء الأفضلية للمنتج الوطني بنسبة 15% في العطاءات، وأصبح يستحوذ على حصة أكبر، خاصة في مجالي الأدوية والصناعات الغذائية اللذين استطاعا الحصول على حصة أوسع".
ولم تغفل فرحان دور القطاع الخاص الفلسطيني، الذي ورغم ما واجهه من معيقات وأزمات، إلا أنه غامر واستثمر، سواء في التكنولوجيا الحديثة، والدخول إلى أسواق جديدة، والحصول على شهادات جودة محلية أو دولية.
وكشفت فرحان، أن الحكومة والوزارة تعكفان على إطلاق الإطار العام للسياسات الصناعية الفلسطينية، والذي من شأنه أن يضع المحاور والبرامج الواجب العمل عليها لتطوير قطاع الصناعة في فلسطين، والنهوض بالمنتج المحلي وتعزيز من قدرته التنافسية، ورفع حصته أكثر في السوق المحلي والعالمي.
ونوهت إلى أن ما يميز القطاع الصناعي أن فرص العمل فيه دائمة، وتخلق فرصاً مرادفة في القطاعات المساندة، بخلاف القطاعات الموسمية أو الخدماتية.
وأضافت، أن زيادة 2% في الحصة السوقية يعني خلق 5000 فرصة عمل وزيادة دخل ب100 مليون، وأي فرصة عمل في القطاع الصناعي تقابلها 5 فرص عمل في القطاعات المساندة كالخدمات والنقل وما إلى ذلك. وإقبال الجمهور أكثر على المنتج الوطني الفلسطيني سيزيد من حصته في السوق، وبالتالي خلق فرص عمل ونمو الإيرادات وتنمية الاقتصاد.
من جانبه، أكد الأمين العام لاتحاد الصناعات الفلسطينية عودة شحادة، أن المنتج الوطني شهد تطورات متلاحقة ومتسارعة خلال العقدين الماضيين.
وشدد على أهمية أن يخصص يوم وطني للاحتفاء بالمنتج المحلي، نظراً لما حققه من قفزات نوعية في مجالات تحسين الجودة الصناعية وطريقة العرض والتغليف، ما قاد إلى احتلاله حصة كبيرة في السوق المحلي وتصديره للعديد من الدول.
وأضاف: "يوم المنتج الوطني مناسبة لدعم المنتج، ويشكل رافعة ليتطور ويصل إلى أسواق أوسع. الصناعات الغذائية الفلسطينية قبل 20 عاماً لم تكن حصتها من السوق تشكل سوى 20-30 % واليوم تجاوزت 60%، فيما وصلت الأدوية إلى نسبة 70%".
وشدد شحادة على أن الحكومة قامت بخطوات وبجهود واضحة ومميزة في سبيل دعم المنتج المحلي، إلا أن ذلك لا يعفيها من الاستمرار في عملية التطوير، خاصة فيما يتعلق بسن السياسات ووضع القوانين والأنظمة الخاصة في تسهيل عمليات الاستثمار وتشجيع المنتج المحلي وتوفير الحماية له حتى يتمكن من المنافسة.
وأضاف في هذا السياق: "نحن بحاجة لتطبيق بعض الشروط والمواصفات على المنتجات المستوردة كما يتم تطبيقها على الصناعات المحلية، وما زال هناك العديد من الخطوات التي يمكن أن تكفل للمنتج المحلي الوصول بشكل أوسع في الساحة المحلية ومنافسة تلك المستوردة.
ومن بين الخطوات التي أوصى بها الأمين العام لاتحاد الصناعات الفلسطينية، تطبيق المعيقات غير الجمركية على المنتجات المستوردة، والمطالبة بالاعتراف المتبادل في المواصفات والتغليف والمواد الخام المستخدمة في التصنيع.
وأشار إلى أن الإجراءات التي يمكن للحكومة فرضها لتعزيز مكانة المنتج المحلي، ضرورية في الحالة الفلسطينية، لفقدان القدرة على فحص المنتجات المستوردة لغياب السيطرة على المعابر الحدودية، ولعدم توفر الإمكانيات والقدرات على سحب العينات من السوق وإخضاعها لفحص المواصفات والمقاييس.
وتفيد بيانات وزارة الاقتصاد الوطني، بأن 278 مصنعاً حصلت على رخصة تشغيل بين عامي 2019 و2022، برأسمال 164 مليون دولار امريكي، ووفرت 5300 فرصة عمل جديدة.
وتشير المعطيات إلى أن عدد العاملين في المؤسسات الصناعية الفلسطينية ارتفع خلال العام 2021 بنسبة 5.8% مقارنة بالعام 2020.
وخلال الفترة ذاتها، سجل الإنتاج المتحقق في المؤسسات الصناعية ارتفاعا بمقدار 11.9%، بقيمة قاربت 5 ملايين دولار أمريكي.
وبموجب أرقام صادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني الجهاز المركزي للإحصاء، فإن أنشطة الصناعة ساهمت بما نسبته 12% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021.
وشكلت الصادرات وطنية المنشأ ما نسبته 72.8% من إجمالي قيمة الصادرات السلعية للعام 2020، والتي فاقت قيمتها الإجمالية مليار دولار.
وتربع حجر البناء على هرم أبرز السلع وطنية المنشأ التي تم تصديرها لعام 2020، يليه الأكياس البلاستيكية بقيمة 57.6 مليون دولار أمريكي.
أما فيما يخص عام 2021، فتشير بيانات أولية إلى أن إجمالي قيمة الصادرات من السلع بلغ 1.4 مليار دولار أمريكي، بزيادة تفوق 38% مقارنة مع عام 2020.
وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المنتج في فلسطين انخفاضاً مقداره 0.34 % خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الأول، الذي شهدت أسعار المنتجات فيه ارتفاعاً حاداً زاد عن 5% مقارنة بالربع الأخير من العام 2021.
وسجلت أسعار المنتج للسلع المستهلكة محلياً من الإنتاج المحلي خلال الربع الثاني 2022 انخفاضاً مقداره 0.29%، كما سجلت أسعار المنتج للسلع المنتجة محلياً والمصدرة للخارج انخفاضاً مقداره 0.80% مقارنة بالربع السابق.
(وفا)