بعد ارتفاع شعبية نتنياهو: الجمهور الإسرائيلي مريض نفسيا

بعد ارتفاع شعبية نتنياهو: الجمهور الإسرائيلي مريض نفسيا

 

بعد ارتفاع شعبية نتنياهو: الجمهور الإسرائيلي مريض نفسيا

 

تسفي برئيل

بنيامين نتنياهو ليس مريضاً نفسياً، وهو ليس مجنوناً، ولا يحتاج الى علاج نفسي. هو يعرف جيداً الفرق بين الخير والشر، بين القانوني والجنائي، بين المسموح والممنوع. وحسب ما نشر من مواد التحقيق يظهر بوضوح أن المخالفات التي ارتكبها - تلقي هدايا بآلاف الدولارات؛ والجهود التي بذلها من اجل أن يرتب لنفسه إعلاما متعاطفا مقابل تسهيلات تنظيمية؛ ومحاولة بلورة اتفاقات «خذ وهات» مع ناشر «يديعوت احرونوت»، نوني موزيس – إنما فعلها بعقل واضح ومتزن، بعد تخطيط دقيق، حيث كان متمسكا بالهدف العقلاني كليا.

المحكمة هي التي ستقرر اذا كانت هذه المخالفات جنائية. ولكن في كل الحالات لا نقول، إن نتنياهو فعلها في لحظة تشويش وجنون أو بتأثير ادوية الامراض النفسية. اذا كان صراخ زوجته سارة ومشاهد الرعب لنجله يائير قد أثّرت على سلوكه عندما كان رئيسا للحكومة، أو أملت هذا السلوك، فإن نتنياهو بالذات جدير بالثناء. وكما هو معروف، فإن أبناء العائلة يمكن أن يذهبوا عقل الانسان، لكن بالتحديد في ضائقته الشديدة هذه، والتي استمرت سنوات كثيرة، أظهر نتنياهو في نظر الكثيرين قدرة منقطعة النظير كي يحصل على دعم الجمهور الواسع؛ ليس بصفته ضحية تستحق الشفقة بل لكونه زعيما جاء من مستوى آخر. ليس لدينا سوى التساؤل اذا كان هناك شخص يعرف كيف يحسب خطواته بعقلانية ورباطة جأش وهو يتعرض لهجوم هستيري في بيته أليس في هذا ما يمكن أن يدل على أن شيئا ما لديه غير سليم؟ ولكن هنا يدور الحديث عن مسألة سريرية غير ذات صلة.

المسألة الرئيسة الوحيدة التي تقف امام الاختبار هي هل أقوال ايهود اولمرت، الذي قال، إن «المرض النفسي لرئيس الحكومة وزوجته وابنه غير قابل للاصلاح». هل هذه اقوال صحيحة؟ هل هي اقوال تستند الى حقائق؟ أم أن فيها نوعا من المس بسمعة نتنياهو الطيبة؟ اذا كان الامر هكذا فهو يستحق التعويض.

هنا يكمن الضرر الكبير في ادعاء التشهير. فسواء تبين أن التشخيص غير المهني لأولمرت كان كاذبا أو تم الإثبات بأنه قال الحقيقة، فيجب ألا نعتبر أقواله تشهيرا. لماذا؟ لأنه خلافا لتلقي الرشوة والفساد، أو خلافا للاحتيال، فإن المرض النفسي لا يمكن أن يسيء لسمعة من عانى منه، ولا يجب السماح بوضع تتم فيه محاكمة المرض النفسي وكأنه مخالفة توجد فيها اساءة سمعة.

في الحقيقة، ينص قانون منع التشهير على أن التشهير هو أمر نشره يمكن أن «يهين شخصا بسبب العرق أو الاصل أو الدين أو مكان السكن أو الجنس أو ميوله الجنسية أو إعاقاته». هكذا يتم تعريف الاعاقات «إعاقة جسدية، نفسية أو عقلية، دائمة أو مؤقتة». ولكن حسب القانون فإنه حتى في وصف شخص بأنه مختل عقليا ومضروب في رأسه أو مجرد غبي حتى يوجد نوع من القذف.

اذا قررت المحكمة مع كل ذلك أن سمعة نتنياهو تم المس بها لأن اولمرت قام بالافتراء عليه دون أي اساس، أنه مريض نفسيا، فسيكون مطلوباً منه أن يواجه تعريف نتنياهو لـ"السمعة الجيدة". نتنياهو متهم بمخالفات جنائية اذا تمت ادانته بها فهي يمكن أن تتسبب بالاساءة لسمعته وأن تلحق به العار. تحطمت سمعته الجيدة حتى قبل الحكم عليه. نتنياهو نفسه اشتكى بشكل علني وفي كل مناسبة بأن وسائل الاعلام والمعارضة والنيابة العامة واليساريين جميعهم يشوهون سمعته. من هنا، فإن اقوال اولمرت ليست سوى مدماك آخر أُضيف للاسم الذي تم التشهير به وإهانته.

رغم ذلك، نتنياهو لم يشن أي حرب قانونية ضد من شهروا به، بل يبدو أنه امتص الاهانة بتفهم. الاكثر اهمية هو أنه رغم العار والخجل واصل نتنياهو منصبه رئيسا للحكومة، وخلال ذلك اختار اهانة وشتم خصومه بنفسه. الآن، هو يحصل ايضا على دعم كبير في الاستطلاعات. يبدو أن تشويه سمعة نتنياهو يخدمه. وهذا الأمر حقاً يستحق المعاينة النفسية، هنا ليس المقصود نتنياهو بل الجمهور.

"هآرتس"