برأيك هل بدأ الحزب الديموقراطي بالانكماش؟
في تحليل قوي وصريح، قالت جين بساكي، المذيعة في شبكة MSNBC والسكرتيرة الصحفية السابقة في البيت الأبيض، إن الحزب الديمقراطي "في البرية" بعد هزيمة كامالا هاريس أمام الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة. في حديثها لبرنامج *Meet the Press* على قناة NBC، حذرت بساكي من أن الحزب يواجه أزمة قيادة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها في الانتخابات، حيث فقد السيطرة على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب.
تأتي تصريحات بساكي بعد نتائج الانتخابات التي شهدت فوزًا مفاجئًا لترامب، رغم أن هاريس وأنصار الحزب الديمقراطي أنفقوا مبالغ ضخمة في حملتهم الانتخابية. ومع اقتراب رحيل الرئيس جو بايدن عن منصبه، تبدو القيادة الديمقراطية في حالة فراغ، مما يعزز القلق داخل صفوف الحزب بشأن مستقبله السياسي.
بساكي لم تكن الوحيدة التي أبدت قلقها، بل انضم إليها عدد من المحللين السياسيين الذين تساءلوا عن الأسباب التي أدت إلى تراجع الحزب الديمقراطي وفقدانه التأثير في مفاصل الحكم الأمريكي.
التحليل السياسي لبساكي
وقالت بساكي: "لا يوجد قائد واضح للحزب الديمقراطي"، مشيرة إلى أن غياب شخص موحد في هذه اللحظة الحاسمة قد يجعل من الصعب على الحزب إعادة تجميع صفوفه. وأضافت أن الفراغ القيادي الذي يعيشه الحزب بعد خسارة هاريس يمكن أن يكون فرصة لظهور شخصيات ديمقراطية جديدة قد تكون قادرة على إعادة تشكيل هوية الحزب وتوجيهه في المستقبل.
"فرصة لاغتنام القيادة"
فيما يتعلق بما قد يحدث في المستقبل، أكدت بساكي أن الوقت قد حان لأن يظهر قيادي ديمقراطي جديد. وتساءلت: "هل سيكون الشخص الذي يواجه ترامب في الانتخابات القادمة؟ أم سيكون من يركز على توحيد الأمة؟ أم هو الذي يركز على الاقتصاد ويقربه إلى الشعب؟ هذه لحظة يمكن لشخص ما أن يظهر فيها ويقود."
وأشارت إلى أن الحزب بحاجة إلى شخصية قادرة على إلهام الناس وتحقيق تحول حقيقي في رسائل الحزب.
انتقادات بساكي للاستراتيجية الديمقراطية
انتقدت بساكي بشدة الاستراتيجية التي اتبعها الحزب الديمقراطي، لا سيما اعتماده الكبير على "الجمهوريين المناهضين لترامب". ورأت أن هذه الاستراتيجية كانت "خطأ كبيرًا" حيث أهمل الحزب أصوات الناخبين الديمقراطيين المحبطين. كما انتقدت الحزب الديمقراطي لفشله في تقدير أولويات الناخبين، خاصة فيما يتعلق بقضية الإجهاض، والتي اعتبرت أنها لم تكن القضية الحاسمة التي توقعتها الحملة الديمقراطية.
وأضافت بساكي: "لقد كان هناك خطأ في قراءة أولويات الناخبين، واعتقد البعض أن قضايا مثل الإجهاض ستكون نقطة التحول في الانتخابات، لكننا نعلم الآن أن هذا لم يكن هو العامل الذي حسم النتيجة."
الإستراتيجية الفعالة لترامب
وأشارت بساكي أيضًا إلى أن ترامب استخدم إستراتيجية انتخابية فعالة للغاية تعتمد على التواصل المباشر مع الناخبين العاديين، مع الاستفادة من وسائل التواصل المجانية مثل خطبه التي تميزت بالبساطة، قالت: "ترامب لم ينفق مبالغ ضخمة على الإعلانات كما فعل الديمقراطيون، ولكنه كان يركز على التفاعل المباشر مع الناخبين وكان لديه رسالة واضحة."
وفي المقابل، اعتبرت أن الحملات الديمقراطية كانت "أكثر تنظيماً ولكن أقل صلة بالناخبين العاديين"، ما جعلها تبدو "مبهرجة" في بعض الأحيان.
الإعلانات والإنفاق في الحملات الانتخابية
وبحسب التقرير، خصصت حملة هاريس ميزانية ضخمة للإعلانات، حيث أنفقت حوالي 690 مليون دولار على الإعلام التقليدي مثل التلفزيون والصحف والإذاعة. في المقابل، أنفقت حملة ترامب أقل من ربع هذا المبلغ (حوالي 172 مليون دولار). وبدلاً من التركيز على الإعلانات المكلفة، ركز ترامب على التواصل المباشر مع الناخبين، بما في ذلك خطاباته الجماهيرية والظهور في الأحداث العامة.
الإحصائيات المالية للإنفاق الانتخابي
كشف التقرير أن حملة هاريس أنفقت نحو 7.5 ملايين دولار يوميًا في شهر أغسطس/آب، مقارنة بـ 2.7 مليون دولار يوميًا فقط لحملة ترامب. كما خصصت هاريس 31.4 مليون دولار للإعلانات الرقمية، في حين أنفق ترامب حوالي 10.1 ملايين دولار فقط.
كما رصد التقرير أن حملة هاريس خصصت 12.2 مليون دولار فقط للإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام، بينما أنفق ترامب أقل من 611 ألف دولار على نفس النوع من الإعلانات.
الطريق أمام الديمقراطي
تتحدث بساكي عن ضرورة أن يعيد الحزب الديمقراطي تقييم استراتيجيته بشكل جذري. فالحزب بحاجة إلى شخصيات قادرة على التواصل مع الناخبين مباشرة، مع وضع خطة اقتصادية واضحة ومؤثرة. وأضافت: "لا يهم كم من المال تُنفق إذا لم تكن الرسالة فعالة، هذا ما حدث مع هاريس."
تعتبر هذه الفترة تحديًا حقيقيًا للحزب الديمقراطي. مع غياب القيادة المؤثرة وتشتت الرسائل، سيكون من الصعب على الحزب استعادة قوته إلا إذا استطاع تقديم شخصية قادرة على توحيد الحزب وتعزيز رسالته في ظل الانقسامات الداخلية والأزمات السياسية هذه لحظة فارقة، قد تفتح الطريق لجيل جديد من القادة الديمقراطيين لتحديد هوية الحزب ووضعه في مكانة تنافسية في الانتخابات القادمة.