هل تنجح خطة تحفيز الاقتصاد الصيني في دفع أسعار النفط نحو الارتفاع؟

هل تنجح خطة تحفيز الاقتصاد الصيني في دفع أسعار النفط نحو الارتفاع؟

يتوقع عدد من المحللين في أسواق النفط أن تسهم خطة التحفيز الاقتصادي في الصين في تعزيز الطلب على النفط خلال الفترة المقبلة، حيث سيحصل سعر النفط على دعم من تحسن النمو العالمي، بما في ذلك النمو في الصين، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الفائدة عالمياً، ما يعزز الاقتصادات ويدعم الطلب.

وقد قامت الصين أمس بتخفيض أسعار الإقراض القياسية كما كان متوقعاً، كجزء من حزمة شاملة من إجراءات التحفيز الرامية لإنعاش الاقتصاد.

تظهر البيانات أن اقتصاد الصين سجل نمواً في الربع الثالث بأبطأ وتيرة منذ أوائل عام 2023، مما أثار مخاوف بشأن الطلب على النفط.

يقول أرن لوهمان راسموسن، كبير المحللين ورئيس قسم الأبحاث في Global Risk Management، لـ«CNN الاقتصادية»، إن تحسن النمو في الصين سيكون له تأثير إيجابي على السلع الأساسية، بما في ذلك النفط، حيث تُعتبر الصين مسؤولة عن جزء كبير من نمو الطلب على النفط هذا العام. 

ومع ذلك، فإن معظم التحفيز يستهدف سوق الإسكان، لذا فإن تأثيره على النفط قد يكون محدوداً، إلا إذا تحسنت معنويات المستهلكين، ما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على السفر والسلع المعتمدة على النفط.

وأضاف راسموسن أن خطة التحفيز للاقتصاد الصيني تضع حدًا أدنى لأسعار النفط عند 70 دولاراً، حيث كان الركود في الصين يمثل أكبر خطر على أسعار النفط ونمو الطلب، ومع ذلك، يبدو أن هذا الخطر قد تراجع الآن.

يتوقع راسموسن أيضاً أن تحصل أسعار النفط، وخاصة خام برنت، على دعم قوي عند 70 دولاراً، وأن ترتفع تدريجياً نحو 80 دولاراً، مدعومة بالنمو العالمي الأفضل، بما في ذلك الصين، وانخفاض أسعار الفائدة.

وأشار راسموسن إلى أن من المتوقع أن تلغي أوبك+ خطتها لزيادة الإنتاج في الربع الأول من العام المقبل، حيث تشير الأوضاع الحالية إلى أنه سيكون هناك مزيد من الإضافات النفطية في الأول من ديسمبر.

شهدت أسعار النفط انخفاضاً خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث تراجعت مع تجديد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، جهود وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، واستمرار ضعف الطلب في الصين. 

انخفضت العقود الآجلة لخام برنت لشهر ديسمبر بمقدار 26 سنتاً، أي 0.3%، لتصل إلى 74.03 دولار للبرميل. 

كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار سنتين إلى 70.54 دولار للبرميل.

ووفقاً لديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI، فإن التحفيز الاقتصادي الصيني، الذي يتضمن عادةً استثمارات في البنية التحتية وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي، له تأثير كبير على الطلب العالمي على النفط. 

أي جهود لتحفيز الاقتصاد ستؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة في القطاعات مثل النقل والتصنيع والبناء، وعندما تسرع الصين من نشاطها الصناعي والطلب الاستهلاكي، ستشهد سوق النفط ارتفاعاً مماثلاً في الطلب.

ويشير جوربناز إلى أن تأثير التحفيز يعتمد على حجم ونطاق حزمة التحفيز، حيث إن المبادرات الكبيرة في البنية التحتية أو تعزيز الإنتاج الصناعي يمكن أن تؤدي إلى زيادات كبيرة في استهلاك النفط، بينما سيتأثر التأثير أيضاً بعوامل أخرى مثل كفاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة البديلة.

يتوقع جوربناز أن يؤدي التحفيز الصيني إلى رفع أسعار النفط، لكنه ليس العامل الوحيد المؤثر، حيث تشمل العوامل الأخرى تخفيضات إنتاج أوبك+ والانقطاعات الجيوسياسية. 

ومن المتوقع أن تتحرك أسعار النفط في نطاق جانبي مع انخفاض طفيف، ضمن نطاق 75-85 دولاراً للبرميل، نتيجة العرض القوي من أوبك+، مما سيوازن بين نمو الطلب المعتدل الناتج عن التحفيز الصيني. 

رغم توقعات الارتفاع، قد لا يكون الطلب قوياً بما يكفي لدفع الأسعار لارتفاع كبير.

وإذا أسفر التحفيز الصيني عن زيادة كبيرة ومستدامة في الطلب، فقد تعيد أوبك النظر في استراتيجيتها الإنتاجية. 

كانت أوبك+ تركز على استقرار الأسعار من خلال خفض الإنتاج، لكن الزيادة الحادة في الطلب من الصين قد تدفع الأسعار للارتفاع وتدفع المجموعة لمراجعة سياساتها.

هذا، وقد خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام، مشيرة إلى ضعف الطلب في الصين، وتوقعت وجود فائض كبير في السوق عام 2025 إذا لم تحدث أي اضطرابات كبيرة في الإمدادات.

وتتوقع الوكالة، التي تتخذ من باريس مقراً لها، أن ينمو الطلب الصيني بمقدار 150 ألف برميل يومياً فقط في عام 2024، بعد انخفاض الاستهلاك بمقدار 500 ألف برميل يومياً في أغسطس مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

يقول توني سيكامور، محلل السوق في آي.جي، إن خام غرب تكساس الوسيط يتم تداوله حالياً عند 69.85 دولار (1.70%)، وهو انتعاش بعد الانخفاض الكبير الأسبوع الماضي. 

ويعتقد أن السعر العادل للنفط الخام هو حوالي 70 دولاراً، حيث يتم انتظار متغيرات جديدة، مثل اجتماع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني الذي سيحدد تفاصيل حزمة التحفيز المالي، وأيضاً رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني في الأول من أكتوبر، وهما يمثلان مخاطر صعودية على النفط الخام.