خلفيات اغلاق مكتب الجزيرة بقلم: عمر حلمي الغول

خلفيات اغلاق مكتب الجزيرة بقلم: عمر حلمي الغول

خلفيات اغلاق مكتب الجزيرة بقلم: عمر حلمي الغول


قامت قوات الاستعمار العسكرية الإسرائيلية فجر أمس الاحد 22 أيلول/ سبتمبر الحالي بإغلاق مكتب فضائية الجزيرة القطرية في وسط مدينة رام الله، ولم تمهل طاقم القناة سوى دقيقتين لأخذ حقائبهم الخاصة ومغادرة المكان، وسلمت مدير المكتب بلاغا بتسكير المكتب مدة 45 يوما. في خطوة متواصلة مع ذات الاجراء، الذي اتخذته أجهزة الامن الإسرائيلية مع مقرات القناة القطرية في القدس العاصمة الفلسطينية، وداخل إسرائيل قبل فترة.
وهنا يبرز أكثر من سؤال ذات صلة بعملية الاغلاق لمكاتب القناة الإعلامية متعددة الجنسيات، وان كانت هويتها المعلنة، بانها قناة قطرية، لماذا عملية الاغلاق لمكاتب الجزيرة تحديدا حتى الان؟ وهل هذا ينسجم مع ادعاء إسرائيل، بانها الدولة الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومع حرية الاعلام والتعبير والرأي؟ وهل سيقتصر الاغلاق على القناة ذاتها، ام سيتبع ذلك عمليات إغلاق وتكميم أفواه القنوات الإعلامية الأخرى؟ والا يعني ذلك، خرق فاضح لقوانين ومكانة الدولة الفلسطينية المحتلة، وتجاوز محددات اتفاقية أوسلو وتقسيماتها للمناطق A و B و C؟ وهل استباحة أراضي الدولة الفلسطينية يتم وفقا لمخطط وزير المالية والوزير في وزارة الحرب المسؤول عن الإدارة المدنية لتفكيك مؤسسات الدولة الفلسطينية؟ والى ما ترمي اليه حكومة الائتلاف النازي الإسرائيلية بزعامة نتنياهو؟
من المؤكد رسالة إسرائيل من اغلاق مكاتب الجزيرة القطرية، ليست محصورة بالقناة ذاتها، وانما تحمل رسائل عديدة للدولة الفلسطينية ومكانتها السياسية والقانونية والإدارية والأمنية، ولوسائل الاعلام الأخرى في الساحة الفلسطينية، ولأصحاب الرأي والنخب السياسية والإعلامية والثقافية الفنية، وللنقابات والمؤسسات ذات الصلة. لا سيما وان قناة الجزيرة معروفة بانها قناة قطرية إسرائيلية أميركية، ارتباطا برأس المال المكون لها، ولانطلاقتها، والتي تعمل وفق معايير مرجعيتها المذكورة، وهذا لا ينتقص من مكانة كادرها والعاملين فيها من أبناء الشعب الوطنيين، الذين قدموا نماذج وطنية مميزة، وقدموا الشهداء في عموم الوطن، ومنهم ايقونة الاعلام الفلسطيني شيرين أبو عاقلة وإسماعيل الغول والريفي وغيرهم من المبدعين الإعلاميين.
بيد أن تميز فريقها الإعلامي من الوطنيين الفلسطينيين، لا يلغي، ولا يسقط خلفيتها غير الإيجابية والمشبوهة، وبالتالي تحاول القيادة الإسرائيلية أولا تلميع القناة، وإعطائها صبغة مغايرة لدورها المرسوم؛ ثانيا ما جرى يعتبر مقدمة لارتكاب جرائم جديدة بحق القنوات والفضائيات ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة العاملة على أراضي دولة فلسطين المحتلة، ولن نفاجأ في المستقبل المنظور في حال قامت أجهزة الامن وقوات جيش الموت الإسرائيلي بإغلاق مكاتب تلك القنوات الدولية والعربية والفلسطينية بما في ذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، والصحف الفلسطينية والمراكز البحثية، واعتقال أصحاب الرأي من الكتّاب أو المراسلين؛ ثالثا توسيع دائرة تكميم الافواه والرأي في مختلف المجالات  لخنق الرأي الوطني الفلسطيني، والحؤول دون إسماع صوته للعالم أجمع، الصوت المدافع عن السردية الوطنية، والمعزز لها؛ رابعا استباحة أراضي الدولة الفلسطينية، وإضعاف هيبتها ومكانتها، كخطوة على طريق تفكيكيها لاحقا، انسجاما مع ركائز وخطط حكومة إسرائيل النازية؛ خامسا الضرب بعرض الحائط بكل القوانين والمعاهدات الناظمة لعمل الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية البحثية والثقافية الفنية، وإدارة الظهر لقوانين الاتحادات والنقابات الإعلامية والصحفية والفنية العالمية؛ سادسا استباحة القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والمعاهدات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف وحقوق الانسان كافة.
وأجزم ان ما ينشر في وسائل الاعلام الإسرائيلية يفوق بكثير أحيانا ما ينشر في وسائل الاعلام الفلسطينية في فضحها وتعريتها لانتهاكات القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية والقضائية والثقافية، ومع ذلك لم تقم السلطات الإسرائيلية المختصة بإغلاق تلك القنوات، او تكميم افواه الكتاب الإسرائيليين، الا في حالات محدودة جدا، خاصة التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، او تفضح خلفيات بنيامين نتنياهو وسياساته الانانية والنرجسية، أو غيره من القيادات الإسرائيلية المتورطة والغارقة في استباحة الدم الفلسطيني، بما في ذلك الأفلام الوثائقية او الدرامية وغيرها.
كل ما يتقدم، يحتم على الاتحاد العالمي للصحفيين، والنقابات الإعلامية الدولية واتحادات الفنانين الأممية التحرك الفوري لاتخاذ الإجراءات الدولية القانونية لملاحقة القيادات الإسرائيلية أمام محاكمها الخاصة والمحاكم الدولية ومجلس حقوق الانسان الاممي والهيئات الدولية ذات الصلة كاليونيسكو لوقف جرائم حربها، وانتهاكاتها الخطيرة ضد وسائل الاعلام كافة لحماية المنابر الإعلامية والإعلاميين والفنانين والمثقفين، وعزل واسقاط عضوية اتحاداتها المتواطئة مع سياسات حكومتها الإسرائيلية النازية.