هل تقبل مصر بقوات دولية في أراضيها لأغراض الرقابة على محور فيلاديلفيا؟

هل تقبل مصر بقوات دولية في أراضيها لأغراض الرقابة على محور فيلاديلفيا؟

هل تقبل مصر بقوات دولية في أراضيها لأغراض الرقابة على محور فيلاديلفيا؟

بقلم: تسفي برئيل/ هآرتس

“لإقامة منطقة محايدة على طول الحدود بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، سيكون من الضروري نقل مدينة رفح من مكانها”، هكذا أوضح الحاكم العسكري لمحافظة شمال سيناء، عبد الفتاح حرحور. ولكنه لم يعد الحاكم للمحافظة شمال سيناء منذ فترة طويلة. أقوال قالها حرحور في كانون الثاني 2015. في حينه قررت مصر تنفيذ المرحلة الثانية في إخلاء رفح لتوسيع العائق الأمني على الحدود، من 1 كيلومتر إلى 3 كيلومترات. كانت عملية سريعة ومدمرة، وجزءاً من حرب مصرية صعبة ضد المنظمات الإرهابية الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، التي حصلت على الملجأ والتعاون من حماس في القطاع.

كانت التعليمات حازمة وواضحة في حينه، منها إخلاء عشرات آلاف السكان من رفح المصرية وهدم آلاف البيوت واجتثاث اقتلاع حقول والتهجير المنظم للسكان إلى العريش. التعويضات التي حصل عليها السكان لم تكن كافية لدفع أجرة شقة هناك، وحتى تدمير آلاف الأنفاق وإغراقها بمياه المجاري. لكن كل ذلك لم يوقف انتقال البضائع والسلاح والأشخاص بين شبه جزيرة سيناء من تحت الأرض.

بعد عقد من ذلك تطرح قضية “إغلاق” الحدود بين مصر والقطاع للنقاش مرة أخرى. هذه المرة وإسرائيل تسيطر على معبر رفح ومحور فيلادلفيا. ولكن خلافاً للوضع في العامين 2014 – 2015 فإن العلاقات بين مصر واسرائيل الآن وصلت إلى حضيض خطر، ينبع بالأساس من سيطرة إسرائيل على معبر رفح ورفضها السماح لممثلي السلطة الفلسطينية بإدارة الطرف الغزي للمعبر.

تم طرحه معبر رفح ومحور فيلادلفيا للنقاش في اللقاءات التي أجراها أمس في القاهرة رئيس “الشاباك” رونين بار مع رئيس المخابرات المصري عباس كامل، وجهات رفيعة أخرى. حسب تقارير في وسائل إعلام عربية، ستكون مصر مستعدة لإقامة جدار أمني بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة “بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا”. ونشر أيضاً بأن القاهرة قد تطرح “في القريب” خطة لحل مشكلة محور فيلادلفيا والسيطرة في معبر رفح.

مصر أغلقت معبر رفح في أيار عندما سيطرت عليه إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، ترفض التعاون معها في إدارته، وحتى إنها رفضت اقتراح إسرائيل السماح بانتقال السكان، بما في ذلك المرضى والجرحى، من غزة إلى مصر من خلال معبر كرم أبو سالم. وقالت القاهرة: “إما معبر رفح أو لا شيء”. موقف مصر العلني هو أنه يجب على إسرائيل إخلاء المعبر والسماح لممثلي السلطة الفلسطينية بالعمل في الطرف الشرقي. بالنسبة للقاهرة، التعاون مع إسرائيل في إدارة المعبر يعد موافقة على احتلال إسرائيل لغزة وتطبيعه.

إسرائيل، التي لم تنجح حتى الآن في إيجاد بديل فلسطيني متفق عليه لإدارة المعبر، اقترحت قبل بضعة أسابيع أنه يمكن لممثلي السلطة تشغيل المعبر، لكن ليس بشكل رسمي، بل بصفتهم عمالاً في منظمة اغاثة لمعالجة المساعدات الإنسانية التي ستدخل خلاله. السلطة الفلسطينية تعارض ذلك، وتصمم بأن المعبر أرض فلسطينية. وأنه بصفتها “صاحبة البيت” فإنها لا تنوي العمل بشكل سري أو الاختباء وراء تعريفات تستهدف إخفاء الهوية الرسمية لممثليها.

وجهود إسرائيل في تجنيد ممثلين من غزة، أبناء عائلات معروفة في القطاع من بينهم من تعاونوا مع إسرائيل في السابق، ووجهت برفض شديد. ونية إدخال شركة خاصة، كما يبدو أمريكية، لإدارة المعبر بقيت في هذه الأثناء على الورق فقط.

خطة فلسطينية – أوروبية

الخطة العملية تتحدث عن إحياء اتفاق المعابر الذي وقعت عليه إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 2005. هذا الاتفاق ينص على أن تشغيل المعبر من قبل موظفي السلطة، برقابة الاتحاد الأوروبي والتنسيق مع مصر والرقابة (من بعيد) من قبل إسرائيل. هذا الخيار طرح للنقاش قبل شهرين، وأكد وزير خارجية الاتحاد جوزيف بوريل أن بروكسل منحته تفويضاً لفحص هذا الحل، ومصر أيضاً تؤيده. ولكن بوريل أوضح بأنها خطوة لا يمكن تطبيقها إلا عند إنهاء الحرب، وستكون خاضعة للاتفاقات والتفاهمات بين السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل، التي كانت مشاركة في اتفاق المعابر الأصلي.

 “لا ننوي أن نكون هناك وحدنا. لا نريد أن نكون المصدر الخارجي للأمن على الحدود. لسنا شركة حراسة”، قال بوريل. ولكن بالنسبة له أو بالنسبة لأي جهة أخرى، لا جواب على سؤال من الذي سيضمن تشغيل المعبر في الطرف الغزي، ومن الذي سيرافق قوافل المساعدات حتى لو سمحت إسرائيل لموظفي السلطة بتشغيل المعبر.

 في الوقت الذي يخضع فيه نقاش بشأن السيطرة على الطرف الغزي للمعبر لقيود سياسية فرضها رئيس الحكومة نتنياهو، والتي أمليت من القيود السياسية التي تحظر التعاون مع السلطة الفلسطينية، فإن السيطرة على محور فيلادلفيا تبقى قضية أمنية في أساسها. ربما يمكن التوصل إلى حل متفق عليه يضمن إغلاق المحور أمام التهريب، لكن تجربة الماضي غير مشجعة. تم بناء جدار فصل بين مصر وغزة في العام 2009 بتمويل ورقابة أمريكا وفرنسا، ويعد جداراً فولاذياً لا يمكن اختراقه.

 حسب المواصفات التي نشرت في حينه، بني هذا الجدار بصفائح فولاذية بعمق 20 – 30 متراً تحت الأرض. وثمة أنبوب يمتد من البحر حتى العائق استخدم لضخ المياه بين حين وآخر لتدمير الأنفاق ومنع حفر أنفاق جديدة؛ وثمة معدات إلكترونية حساسة، بما في ذلك كاميرات وكاشفات صوت، كان يمكن أن تستدعي قوات الأمن المصرية في كل مرة يتم فيها اكتشاف اشتباه باختراق الجدار. ولكن بعد سنة تقريباً على استكمال إقامة العائق، نشرت “بي.بي.سي” بأن حفارين في غزة نجحوا في اختراق العائق الفولاذي بمساعدة معدات لحام قوية، وحفر نفق اخترقه.

عقب الحرب في غزة، بدأت مصر في بناء جدار جديد خوفاً من محاولة آلاف الغزيين الهرب من القطاع إلى شبه جزيرة سيناء. ولكن يبدو أنه جدار قصير، ولا يمكن من الانتقال تحت الأرض. إضافة إلى ذلك، تقلص في هذه الأثناء تهديد الهروب الجماعي من القطاع، لا سيما بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا وتشكيل نوع من حرس الحدود الذي يمنع الخروج إلى سيناء، على الأقل فوق الأرض. وحسب مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثات مع مصر، فإن المشكلة الرئيسية ليست تقنية فقط.

 “حتى لو قامت مصر بتليين موقفها ولم تصمم على أن بناء الجدار الجديد سيتم بعد انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا، فستكون هناك حاجة إلى تسوية سياسية – أمنية تسمح لقوات إضافية، دولية، لا سيما أمريكية، بالتجول ومراقبة الحدود بين قطاع غزة ومصر”، قال المصدر نفسه. ولكن مصر في هذه الأثناء تتحفظ من عملية الرقابة هذه وتعتبرها مساً بسيادتها وتعبيراً عن عدم الثقة بقوتها على تنفيذ هذه المهمة.

 إن مناقشة الانسحاب من محور فيلادلفيا لا يمكن أن تتأخر، لأنها جزء لا يتجزأ من شروط حماس للاتفاق حول صفقة المخطوفين والوقف الكامل لإطلاق النار ومناقشة وقف الحرب وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع.