المخطوف فرحان القاضي أبقته حماس حياً، ربما لأنهم خافوا من قتل مسلم!!

المخطوف فرحان القاضي أبقته حماس حياً، ربما لأنهم خافوا من قتل مسلم!!

المخطوف فرحان القاضي أبقته حماس حياً، ربما لأنهم خافوا من قتل مسلم

بقلم: ناحوم برنياع/ يديعوت أحرونوت 

قتلناهم. حماس ضغطت على الزناد لكننا نحن المتسببون بموتهم، بالمفهوم الأخلاقي والمفهوم المباشر، العملياتي. أيادينا ليست نقية من دمائهم.

درءاً لسوء الفهم: هذه محاولة نشرح فيها كيف أصبح الفشل الرهيب في 7 أكتوبر عضالاً وخبيثاً، وأين أخطأنا في 11 شهراً من القتال، وأين نواصل الخطأ والتضحية عبثاً بمخطوفين ومقاتلين.

أبدأ بالمسألة الأكثر عسراً على الهضم – المسألة العملياتية. المقاتلون الذين يخرجون يومياً إلى الميدان في رفح وخان يونس او غزة، مقتنعون بأنهم يخاطرون بحياتهم لإنقاذ مخطوفين. يقول لهم القادة: الضغط وحده سيعيد المخطوفين. رئيس الوزراء يعدهم بأن الضغط وحده هو ما سيعيد المخطوفين. عائلاتهم يسمعون النغمة ذاتها، تتكرر على ألسنة مراسلين طائعين، في وسائل الإعلام كلها.

ربما يكون هذا صحيحاً في الأسابيع الأولى، قبل صفقة تشرين الثاني، الصفقة التي جمدت قبل الأوان، بقرار محمل بالمصيبة من نتنياهو ووزراء الكابنت. الضغط العسكري الذي يمارس منذئذ يساعد في العثور على جثث، وفي حالات قليلة ساعد في تخليص مخطوفين أحياء، لكنه يقتل المزيد من المخطوفين. هذا صحيح بالنسبة للمخطوفين عميرام كوفر، وحاييم بيري، ويورام متسغار، ورون شيرمن، وايتي سفرسكي وآخرين. هناك من قتلوا في قصف الجيش الإسرائيلي، ومن قتلوا بنار صديقة، وعلى أيدي آسريهم حين شعروا بأن الجيش الإسرائيلي يغلق عليهم.

ملابسات أدت إلى قتل الستة، حسب مصادر في الجيش. باتت حماس كمنظمة عسكرية منهارة. كل خلية حراس تعمل وفقاً لتفكرها ولطول الفتيل الذي لدى أعضائها. حين يكونون مقتنعين بأن الجيش الإسرائيلي قريب منهم، يطلقون النار على المخطوفين ويهربون (المخطوف فرحان القاضي كان شاذاً؛ فقد أبقته حماس حياً، ربما لأنهم خافوا من قتل مسلم). الدرس الذي يستخلص من أخطاء الماضي، هو إبعاد أعمال الجيش الإسرائيلي عن مناطق فيها مخطوفون محتجزون، وهو أمر أولوي. لكن ما تبين أنهم تصرفوا في المحيط الذي احتجز فيه الستة. ما حصل هناك بالضبط سيحقق فيه ويفحص، لكنه لن يغير الصورة العامة.

فليعلم كل قائد من الآن فصاعداً: الضغط لا يولد صفقة؛ بل يولد موت مخطوفين. المسؤولية على رقاب رئيس الأركان، وقائد المنطقة، وقادة الفرق والألوية. عشرة أشهر وهم يكررون الشعار ويتجاهلون الواقع على الأرض. حان الوقت لمواجهة الحقائق.

نتباهى بين الحين والآخر بأنباء عن حملة عسكرية ناجحة في غزة ولبنان واليمن، وننسى الأساس: نحن غارقون في الحرب الأطول في تاريخنا ضد العدو الأصغر والأضعف. بدلاً من أن نخرج منها، نغرق أكثر فأكثر. أين العقل السليم وذوو النباهة، أين الحكم الاستراتيجية؟ الجيش الإسرائيلي عالق: نحو 11 شهراً مرت إلى أن نجح في التخلص من ضابط الأمن اللوائي الذي أخفق في 7 أكتوبر، وحتى هذا استقال بإرادته.

ا أساسي تشوش في 7 أكتوبر في ثقافة تحمل المسؤولية لدى الجيش الإسرائيلي. والحفرة تتسع. لا تحتاج إسرائيل لمحاكاة كل عرف متبع في الإدارة الأمريكية، غير أن الأمريكيين يعرفون كيف يدفعون ثمن الفشل الذريع: عندما فشل الجهاز السري بحماية ترامب، استقالت رئيسة الجهاز كيمبرلي تشيتل في غضون أيام.

من المستوى العسكري إلى السياسي: منذ تشرين الثاني ونتنياهو يستخدم الفيتو ضد صفقة المخطوفين. لا يريد صفقة لأسبابه هو، ويملك الآن القوة لفرض رأيه. المشكلة في التضليل والغش. الاتصالات الجارية في القاهرة والدوحة تأتي بأنباء ملفقة، ودوس على البنزين في حالة غيار العادم. كل يفهم هذا – ومع ذلك، يلعبون اللعبة. ينبغي أن يقال في صالح نتنياهو أنه يتفوه بين الحين والآخر بجملة توضح أنه لا توجد صفقة ولن تكون. أما الآخرون فمدمنون على الغش، كما الحال لدى رئيس الموساد دادي برنياع. منذ البداية، يصعب عليه فهم لماذا رجل في منصبه، مع المسؤولية والعبء المرافقين، أخذ على عاتقه إدارة مفاوضات لتحرير مخطوفين، وهي مهمة لم يؤهل لها. لكن من اللحظة التي تبوأ المهمة، توقعنا منه ان يصب عليها تركيزه وألا يسمح لمناورات سياسية وتضليل العائلات والجمهور. ثمة مجال للتخوف من أن شريكيه الآخرين في المفاوضات – رئيس الشباك ومندوب الجيش – يقفان في هذا الاختبار في موقف أفضل منه.

في الأسابيع الأخيرة، تغرقنا تسريبات حول تقدم في المفاوضات. ليتها كانت حقيقة. المصدر الأول للأحبولة التفاؤلية هو البيت الأبيض؛ لاعتبار سياسي أمريكي داخلي؛ فهكذا يتصرفون في حملاتهم الانتخابات. أما عملياً، فالأمريكيون يعطون إسناداً لأحبولة إعلامية كاذبة. والنتيجة أنه لا يوجد ضغط على حكومة إسرائيل في تليين المواقف، ومن ثم لا يوجد ضغط من جانب الوسطاء على حماس: الكل يتمترس في مناطقه المريحة.

 

الأحبولة المتفائلة شقت طريقها إلى وسائل الإعلام. هذا هو طريق الأحابيل. فما بالك أن هذا ما يريد الجمهور سماعه. أعطونا بشائر طيبة، يصرخ الناس، بثوا في نفوسنا الأمل؛ إذا لم يكن لديكم شيء إيجابي تقولونه، فلن نشاهد التلفاز.

 

الرقص اليومي بين الأمل واليأس ينوّم الجمهور – على الأقل حتى أمس، حين سمح بنشر المعلومات عن قتل الستة. هنا تدخل مسؤولية كل إسرائيلي إلى الصورة. بداية، وزراء الكابنت: ليسوا مسيحانيين جميعاً، ولا مغرضين، وليسوا جميعاً من كارهي الإنسان. عندما صوتوا إلى جانب القرار الذي يخلد بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، كانوا يعرفون بأن القرار يقتل مخطوفين. وزير الدفاع أطاح الواقع في آذانهم، كلمة كلمة. للأسف، قتل الستة وقع الخميس، في تلك الساعات التي كان الكابنت يبحث فيها في اقتراح نتنياهو لترك المخطوفين لمصيرهم.

لقد كان الوزراء يعرفون بأن القرار ولد في الخطيئة، في رغبة نتنياهو بزق إصبع في عين غالنت. لماذا لم يفتح أي منهم فمه. لماذا لا يفتح أي منهم فمه بعد إخفاق 7 أكتوبر، بعد 11 شهراً من غرق عديم الجدوى في الجنوب والشمال؟ كيف يوجه هؤلاء الأشخاص الواهنون أنظارهم إلى أولادهم؟!

ربما يصح قول شيء ما في هذا السياق عن رئيس الدولة أيضاً: فقد أخذ هرتسوغ على عاتقه في هذه الفترة دور الأم تريزا. فهو يسافر إلى كل مكان من المطلة حتى الغلاف، ويعانق ويعزز ويعزي ويساعد. لم يفعل حتى اليوم كما فعل الرئيس إسحق نافون بعد “صبرا وشاتيلا”. لم يجند المكانة المنطوية على منصبه ليعيد الحكومة إلى سواء العقل. مسألة توقيت، سيقول الرئيس؛ مسألة طابع، سيقول آخرون. توقعت أن يأمر هرتسوغ صباح أمس بتنكيس العلم فوق مقر الرئيس، لو نكسه لثار آخرون في أعقابه. لم يحصل هذا.

مئات آلاف الإسرائيليين خرجوا للتظاهر من أجل المخطوفين. عانقوا من عاد من هناك، صلوا لتحرر الآخرين. يتبين أن هذا لا يكفي: يجب العمل أكثر بكثير. إلى أن يتم العمل – كل منا يتحمل المسؤولية.