هآرتس.. ما العلاقة بين زيارات هوكشتاين والتوقيت الإسرائيلي لاغتيال قادة في حزب الله؟

هآرتس.. ما العلاقة بين زيارات هوكشتاين والتوقيت الإسرائيلي لاغتيال قادة في حزب الله؟

هآرتس.. ما العلاقة بين زيارات هوكشتاين والتوقيت الإسرائيلي لاغتيال قادة في حزب الله؟

بقلم: تسفي برئيل/ هآرتس

الجهود الدبلوماسية لمنع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان لا تتوقف حتى عندما تقف المواجهة العسكرية على شفا تصعيد مرة أخرى. تصفية قائد القاطع الغربي في جنوب لبنان، محمد نعمة ناصر (أبو نعمة) تم الرد عليها كما هو متوقع من قبل حزب الله بهجوم كثيف، وحتى الآن يصعب تحديد حجمه. في الوقت نفسه، يبدو أن اغتيال شخصيات رفيعة في حزب الله كبديل لإنجازات استراتيجية أو دواء مسكن لمطالبة إسرائيلية بشن حرب “شاملة” على لبنان.

لا يجب التقليل من أهمية غياب قادة كبار ذوي تجربة مثل ناصر، أو طالب عبد الله، قائد القاطع الغربي الذي قتل في حزيران الماضي، أو وسام الطويل، قائد قوة الرضوان الذي تمت تصفيته في كانون الثاني الماضي. وإن اختراق الاستخبارات العميق الذي جاء بعد اتخاذ حزب الله عدداً من وسائل الحماية والوقاية المتشددة، التي شملت توجيهات الحركة واختفاء للقادة من كل المستويات والطلب من سكان جنوب لبنان بالتوقف عن استخدام الهواتف النقالة وزيادة الملاحقة والمراقبة في المناطق “المشبوهة” بالتعاون مع إسرائيل، هذا الاختراق يضاف إلى الضربة المعنوية التي تأتي مع كل مس بالقيادة العليا.

لكن مقارنة مع استعدادات حزب الله في بداية الثمانينيات عندما كان حسن نصر الله قائد القاطع الجنوبي كله قبل أن يصبح رئيس الحزب، فإن هيكلية القيادة العليا تطورت وتوسعت كثيراً منذ ذلك الحين، وهي الآن متعددة الطبقات بحيث يمكن ملء الرتب فوراً.

على الرغم من التصعيد فإن هذا الاغتيال، مثل الاغتيالات السابقة، غير متوقع أن يغير مسار استراتيجية حزب الله وإيران، الذي يستند إلى معادلة العلاقة بين وقف الحرب في غزة ووقف النار في لبنان. نائب حسن نصر الله، نعيم قاسم، صاغ ذلك بشكل واضح وحازم؛ ففي مقابلة أجرتها معه “اسوشييتد برس” قال: “إذا توقف إطلاق النار في غزة فسيوقف حزب الله إطلاق النار بدون أي نقاش”. أقواله هذه قالها بعد التقائه السبت مع رئيس المخابرات الألمانية، أولا ديهل. وحسب تقرير في موقع “الأخبار” اللبناني، فقد ناقشا طرق ووسائل منع توسيع الحرب. ويمكن التقدير أن تصريح قاسم العلني جاء عقب طلب إعطاء تعهد يؤكد الافتراض القائل بأن وقف إطلاق النار في غزة سيلزم حزب الله أيضاً.

هذا هو اللقاء الثاني بين ديهل ونعيم قاسم في هذه السنة، رغم أن حزب الله موجود في قائمة الإرهاب في ألمانيا، والتقدير أن هذه اللقاءات تم تنسيقها أيضاً مع الإدارة الأمريكية، التي لا تجري أي اتصال مع ممثلي حزب الله، وتدير النقاشات مع رئيس البرلمان في لبنان ورئيس حركة أمل، نبيه بري، الذي يطرح نفسه كمفوض لحزب الله من أجل إجراء هذه الاتصالات.

بالمناسبة، ألمانيا ليست الدولة الغربية الوحيدة التي تجري اتصالات مباشرة مع ممثلي حزب الله. المبعوث الخاص لفرنسا، جان يف لودريان، يجري نقاشات مع محمد رعد، رئيس قائمة حزب الله في البرلمان اللبناني.

لكن الجهود الدبلوماسية الأساسية يقوم بها عاموس هوكشتاين، الذي هبط أمس في باريس لإجراء محادثات مع نظيره الفرنسي لادريان، في محاولة لصقل وتنسيق خطة العمل التي سيتم عرضها بعد ذلك على الحكومة اللبنانية وإسرائيل وحزب الله، على فرض أن تصفية ناصر لن تقلب الجهود الدبلوماسية رأساً على عقب. في أوساط من يحبون نظريات المؤامرة في لبنان، هناك من يشيرون إلى أن عروض هوكشتاين الدبلوماسية أصبحت بالصدفة شبه خريطة شاملة تتنبأ باغتيال إسرائيل لشخصيات رفيعة في حزب الله.

تصفية ناصر أمس سبقها هبوط هوكشتاين في باريس، وزيارته إلى لبنان في 17 حزيران كانت بعد أسبوع على تصفية طالب عبد الله، قائد القاطع الأوسط في جنوب لبنان. وفي حزيران هبط هوكشتاين في لبنان بعد ثلاثة أيام على تصفية قائد قوة “الرضوان” وسام الطويل (وبعد أسبوع على تصفية القائد الرفيع في حماس صالح العاروري في بيروت).

في المقابل، “بالصدفة” هو لم يكن موجوداً، بمناسبة زيارة هوكشتاين في باريس، عندما نشرت أمس تسريبات من محادثات هوكشتاين عن لقاء سابق له في لبنان مع نبيه بري، التي بحسبها يبدو أن هوكشتاين يدرك جيداً بأنه “لا توجد أي احتمالية للتوصل إلى اتفاق سياسي على الحدود (بين إسرائيل ولبنان) قبل انتهاء الحرب في غزة”.

الجديد هذه المرة هو التطرق إلى المرحلة الوسطى التي توقف فيها إسرائيل “العمليات الكبيرة في غزة” بدون الإعلان عن وقف الحرب، كما بدأ يتضح من الواقع في غزة. هل سيكون حزب الله عندها مستعداً للعودة إلى الساحة التي بدأها في 8 تشرين الأول، وتقليص المواجهة مع إسرائيل في مزارع شبعا. هكذا سيتوقف إطلاق النار على طول الجبهة اللبنانية، ما سيمكن المخلين اللبنانيين والإسرائيليين من العودة إلى بيوتهم، ثم مناقشة الترتيبات على الحدود”، حسب الاقتباس من المحادثات.

حسب الأخبار، كان جواب نبيه بري أن “وقف العمليات الكبيرة في قطاع غزة لا يعني وقف الحرب. لذلك، لن تتوقف جبهة لبنان ما لم يتوقف العدوان (الإسرائيلي) بالكامل. قوات الاحتلال ستنسحب من غزة، وستعلن حماس بأنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”.

سأل هوكشتاين أيضاً إذا كان من المحتمل أن يساعد حزب الله على وقف إطلاق النار في غزة وتبني خطة بايدن مقابل تعهد شخصي من الرئيس بعدم استئناف الحرب بعد وقف إطلاق النار. اجاب نبيه بري على ذلك: “لا نعتقد أن حزب الله سيوافق على إجراء نقاشات مع حماس حول إدارة معركتها العسكرية والسياسية في غزة. لا تأكيد على أن هذه وبحق هي الأقوال التي تم تبادلها بين بري وهوكشتاين، ومن الأفضل رؤية جزء من منظومة الرسائل العلنية في هذا النشر، التي يريد حزب الله نقلها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان. التأكيد فيها ليس فقط “ثبات” حزب الله على العلاقة بين الحرب في غزة والساحة اللبنانية، وعلى رفض حزب الله فكرة “الساحة المحدودة”، فهم يحاولون أيضاً دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة عن طريق “كشف” استعداد الرئيس بايدن للتعهد بعدم استئناف الحرب في القطاع بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار هناك، الأمر المناقض لموقف إسرائيل.

هذه الرسائل توضح للوسطاء وللحكومة اللبنانية، بأن حزب الله هو الجهة الوحيدة التي قد تحسم إذا نشبت حرب شاملة، وأنه هو الذي يجري فعلياً المفاوضات مع الولايات المتحدة. من المثير أن هذه التسريبات لم تتضمن التطرق إلى التهديدات التي نقلها هوكشتاين حول التأثيرات المتوقعة للحرب الشاملة على لبنان، وحجم الأضرار والدمار في الدولة. الافتراض الآن هو أنه لا مصلحة لأي طرف في التدهور إلى حرب شاملة. ولكن منظومة الأواني المستطرقة التي أقامها حزب الله بين غزة وإسرائيل ولبنان، تلقي الآن على إسرائيل، أكثر مما تلقي على حزب الله، أساس ثقل القرار إذا اندلعت مثل هذه الحرب.