متى يتخلى اليسار الإسرائيلي عن “تسامحه” ويعلن حربه على إرهاب اليمين؟
بقلم: عنات كام/ هآرتس
نحاميا شترسلر الذي يكثر من التطرق في مقالاته لرئيس الحكومة نتنياهو وكأنه تشمبرلين، بمقارنة المارق من قيسارية برئيس الحكومة البريطاني في أواخر الثلاثينيات، الذي مكن الوحش النازي من النمو بسبب تساهله. لدي بعض التحفظات على هذه المقارنة، على رأسها أنها تظلم تشمبرلين الأصلي، ولكن إذا أطلقنا اسم سيئ على التساهل، فيجدر -كما هو سائد في تراث اليسار- إجراء نقد ذاتي والتوقف للحظة واتهام أنفسنا.
أمس، نشرت في الشبكات الاجتماعية دعوة وجهها منتدى “حسمبا”- شباب من أبناء عائلات المخطوفين، لإجراء “حلقة نقاش” في ميدان المخطوفين قبل المظاهرة اليومية في بوابة بيغن – كابلان. منظمو الحدث ومؤسسو المنتدى، ومن بينهم غيل ديكمان الذي هو أول أمس شارك في جنازة ابنة عمته كرمي لغيت التي قتلت في أسر حماس، لا يجب الاحتجاج ضدهم. سيتحدثون وسيلتقون كل من يريد التحدث معهم وسماعهم. أبناء عائلات المخطوفين والأموات يستحقون التحدث عنهم والتذكير بهم. وإذا كانت حلقة النقاش هي الطريقة، فليكن ذلك.
لكن هذا المفهوم ما زال قائماً في النقاش، ورأوا من الصحيح أن يؤسسوا هذا المنتدى من أجل ذكر وتذكر المخطوفين والمقتولين، لأن كل ذلك كان بذنب منا، ولأننا حتى الآن نتساهل، ونمد اليد، ونفكر بوجود شريك في الحوار.
لكن لا شريك هناك.
بعد بضعة أيام على هجوم 7 أكتوبر، عندما بدأ الناجون في الكيبوتسات يدركون ما حدث بصعوبة، وعندما لم يكونوا بعد قد انتهوا من جمع وتشخيص الذين تم ذبحهم في حفلة “نوفا”، حتى بدأت الماكينة تنثر السم من الداخل في نظرية الخيانة، وتضخ الشرور التي هم متخصصون فيها. في الوقت نفسه، سارع المستوى السياسي الذي يبدو أنه المهذب فيها، إلى رعاية “نحن أخوة” و”معاً سننتصر”، لأن “الوحدة” هي المهمة الآن. هم على حق، ولكنهم لم يدركوا بأنهم لن يكونوا جزءاً في هذه الوحدة، لأنهم فعلوا أكثر من أي أحد آخر من أجل المس بها. الناشط اليساري سفستيان بن دانييل، كتب هنا بعد أقل من أسبوع على الهجوم: “أنهينا حلقات النقاش والتساهل. لن نهدأ ولن نرتاح إلى أن يختفي آخر مسؤول من الساحة العامة”.
انظروا إلى الأمر العجيب، “لم نقم بإنهاء أو إخفاء أي أحد”. ها هم يجتمعون في ميدان المخطوفين من كل مكان في العالم، ومستعدون لمد يدهم لمن يهمه الأمر، حتى لمنتديات الأمل والبطولة المتعطشة للدماء، الذين هم، فقط هم، وفقط الضغط السياسي الذي استخدموه، سيؤديان إلى التخلي عن المخطوفين في الأسر، بما في ذلك المخطوفون الستة الذين قتلوا في نهاية الأسبوع الماضي، وبينهم الثلاثة الذين كان سيتم تحريرهم في الهدنة الإنسانية لو وافقت عليها إسرائيل. بالضبط مثل بني غانتس، الذي صافح بن غفير في حفل زفاف ابنة الناشطة السياسية موتي بابتشيك (حريدية لم يتم تعريفها أكثر من ابنة فلان، وهي الآن زوجة فلان، لا اسم خاصاً بها)، فإن عائلات المخطوفين يمدون اليد لمن سيوافق على الاستجابة.
هذا التسامح مع إرهاب اليمين هو الذي باسمه ما زال سمحا روتمان يلقي الخطابات ويشارك بشكل شرعي في مؤتمرات نقابة المحامين (واضح أن هذا بسبب منصبه، لكن في هذا الائتلاف غير الشرعي، يبدو منصبه ليس أكثر من منصب فارغ). والذي باسمه، على مدى أشهر كثيرة في لقاءات السبت في ميدان المخطوفين، لم تتجرأ سيفان كوهين، الرسمية إلى درجة الاشمئزاز، على توجيه أي انتقاد. والذي بسببه وصلنا إلى ما وصلنا إليه. لأننا “متسامحون” و”مستوعبون” و”متعددون” و”ليبراليون” – يجب إنهاء هذا الاسترضاء والتسامح. فلا حلقات نقاش أو حوار. وما دمتم أعلنتم الحرب، فستواجهون بحرب. انتهينا من اللعب المهذب.