هـم مـقـاتـلـو حـريـة
هـم مـقـاتـلـو حـريـة
بقلم: جدعون ليفي*
اسم رائد جاد الله لا يعني شيئاً تقريباً لأي إسرائيلي. فهو كان شخصاً شكاكاً يعمل جنائنياً وعمره 39 سنة وهو أب لأربعة أولاد صغار. هكذا بالضبط تقريباً بهذه الكلمات بدأ زميلي غوش براينر مقاله، «قتلة، لا مقاتلو حرية» («هآرتس»، 20/9). فقط بدلاً من رائد جاد الله هو كتب سيمون ميلشيفسكي.ميلشيفسكي قُتل في عملية «إرهابية» فلسطينية. جاد الله قُتل في عملية إرهابية للجيش الإسرائيلي. الجنود أطلقوا النار عليه في الليل قبل أن يشعل سيجارة، وبعد ذلك لم يكلفوا انفسهم، مدة ساعة ونصف، عناء التقدم لرؤية ما الذي حدث له الى أن عثر ابنه، ابن 15 سنة، على جثته ملقاة على جانب الشارع. ميلشيفسكي البائس قُتل في عملية «انتحارية» في حافلة. جاد الله البائس قُتل بإطلاق نار أعمى لجنود مغلقين. هل يتجرأ براينر على تسميتهم قتلة؟ هل كانوا ينوون القتل؟ لم لا؟ هم بالتأكيد لم يفعلوا أي شيء من أجل عدم القتل.
مسألة النية زائدة عن الحاجة. هي تخدم الديماغوجيا الإسرائيلية. هل قتلة الطفل محمد العلامي من بيت أمر لم يكونوا ينوون قتله عندما أمطروا وابلاً من الرصاص على سيارة والده بعد عودتهم من التسوق؟ هل هذا لا يعتبر إرهاباً؟ وهل قتل الأطفال الأربعة من عائلة بكر على شاطئ بحر غزة أثناء لعبهم كرة القدم كان متعمداً؟ غير متعمد؟ هل هذا يغير أي شيء؟ هل الـ 400 طفل الذين قتلوا في عملية «الرصاص المصبوب» قتلوا جميعهم بدون قصد؟.
هناك حدود لما يتحمله الوعي. براينر، وكل الإسرائيليين تقريباً، لن يتجرؤوا على الإجابة باستقامة على هذه الأسئلة. بالنسبة لهم فإن اليهود هم الذين على حق وهم الذين يدافعون عن أنفسهم دائماً، والفلسطينيون هم «المخربون القتلة» دائماً. القتل مسموح فقط لليهود. أما أنا فأرى الأمر بشكل مختلف.
براينر أن يمزق القلب بقصص تثير الشفقة على ضحايا العمليات «الارهابية»، التي كان الفارون من سجن جلبوع مسؤولين عنها. هو ينجح في ذلك. وأنا احاول فعل الشيء ذاته مع ضحايا الاحتلال وأنجح بصورة أقل. ولكن ليست مسألة النجاح هي التي تقف محط النقاش، بل سؤال براينر ما هو «العامل النفسي» الذي يجعل الإنسان يمجد القتلة، مثلما يلمح الى الحالة المهتزة للمادح. هذا العنصر الذهني السليم يسمى حقوق الإنسان والقانون الدولي والقيم العالمية والإنسانية، والتماهي مع المظلومين والضعفاء والتعاطف معهم.
يعتقد براينر أنهم «ارهابيون» يجب أن يتعفنوا في السجن حتى يومهم الأخير، في حين أنني أعتقد أنهم مقاتلون شجعان من أجل الحرية. لماذا؟ لأنهم يحاربون من اجل حرية شعبهم، وهم شجعان أكثر على الأقل من جزء من جنود الجيش الإسرائيلي في استعدادهم للتضحية.
هل هدفهم عادل؟ ليس هناك ما هو أكثر عدالة منه. هل الوسائل التي يستخدمونها اجرامية ووحشية وصادمة؟ بالتأكيد نعم. ولكن لا يقل عنها وحشية إلقاء قنبلة من طائرة بدون طيار على أطفال ضعفاء على شاطئ بحر غزة. أيضا السجناء الستة الفارون من سجن جلبوع كانوا يفضلون أن يتولوا الاشراف على طائرة بدون طيار بدلاً من تنفيذ عمليات «انتحارية». هم كانوا يفضلون تنفيذ عمليات في قواعد للجيش الإسرائيلي بدلاً من تنفيذها ضد مواطنين ابرياء، لو أنه كان لديهم السلاح المتطور لفعلوا ذلك. هل مسموح لهم حمل السلاح؟ بالضبط مثل الجيش الإسرائيلي.
الإرهابيون لدينا هم أبطالنا. عندما ألقى شلومو بن موسى قنبلة على حافلة كانت تسافر بين روش بينا وصفد كان ينوي قتل ابرياء انتقاماً لقتل يهود. يوجد على اسمه شارع في تل ابيب. من وضعوا القنابل في فندق الملك داود في القدس كانوا ينوون طرد الكولونيالية البريطانية. هم كانوا مقاتلي حرية، حتى لو أن عملهم لم يكن مقبولاً لدى معظم الاستيطان اليهودي. وعندما يطعن فلسطيني مستوطنا من اجل محاولة اخراج الغازي من أرضه وبلاده، فإنه مقاتل من أجل الحرية حتى لو كانت الوسيلة التي يستخدمها مرعبة.
"هؤلاء هم الأشخاص الذين يعتبرهم ليفي مقاتلين من اجل الحرية، قتلة الآباء والأخوة والشباب". قتلة الآباء والأخوة والشباب يوجدون، للأسف الشديد، في الطرفين. ولكن لدينا يوجد عدد أكبر بسبب تفوق القوة. سؤال من هو على حق في نضاله لطرد المحتل، هو جوهر النقاش. وعليه إجابتي قاطعة. إجابة براينر أقل من ذلك. يكفيه تحسين ظروف السجن.
*كاتب يساري إسرائيلي معارض للاحتلال
عن "هآرتس"