مقال باسرائيل اليوم يحرض لاستغلال الضعف المصري لفرض واقع جديد بمحور فيلادلفيا

مقال باسرائيل اليوم يحرض لاستغلال الضعف المصري لفرض واقع جديد بمحور فيلادلفيا

مقال باسرائيل اليوم يحرض لاستغلال الضعف المصري لفرض واقع جديد بمحور فيلادلفيا

بقلم: داني زاكين/ إسرائيل اليوم

في إطار الاتفاق الذي سينهي الحرب إلى هذا الحد أو ذاك، ثمة حاجة لإجراء إعادة بدء لاتفاق السلام مع مصر ولإعادة بدء لرئيسها السيسي.
منذ صعدت حماس إلى الحكم في قطاع غزة بانقلاب عنيف، تعمل مصر كوسيط مع منظمة الإرهاب وتنقل الرسائل بين زعمائها وإسرائيل. هذه الوظيفة الآن مهمة بقدر أكبر في الطريق إلى صفقة مخطوفين ووقف نار. ومن ناحية إسرائيل، فإن مصر بلا شك أفضل من قطر، ممولة حركة الإخوان المسلمين التي حماس هي جزء لا يتجزأ منها. غير أن مصر لم تقم بدورها في الاتفاق مع إسرائيل – القسم المتعلق بمنع الإرهاب ضدها، وأساساً في كل ما يتعلق بأنفاق التهريب الخاصة بحماس من تحت الحدود، من تحت أنفها.
مصادر رفيعة المستوى في إسرائيل تتهمها بأكثر من غض النظر. على حد قولها، في مصر من استفادوا من الرشوة ودفعات العبور من الأنفاق. أحد المصادر يقول: “من غير المعقول وجود العشرات من الأنفاق وبينها طرق سريعة من ثلاثة مستويات عملت بلا عراقيل من دون معرفة المصريين وإذن من محافل محلية”.
إسرائيل كانت تعرف بالأنفاق أيضاً، ولم تعمل بما فيه الكفاية. فلماذا؟ جزء من ذاك المفهوم اللعين الذي اعتقد بوجوب إعطاء القطاع أكسجيناً اقتصادياً لمنع كارثة إنسانية تؤدي إلى حرب.
رئيس “الشاباك” رونين بار، كان هذا الأسبوع في القاهرة في محادثات عن حل لمشكلة أنفاق الحدود. فقد اقترح المصريون رقابة إسرائيلية عن بعد فقط، بوسائل تكنولوجية. مصر تعطي إسناداً لموقف حماس التي تطالب بإخلاء القوات الإسرائيلية كلها من القطاع، بما في ذلك محور فيلادلفيا، في المرحلة الانتقالية بين مراحل اتفاق المخطوفين. موقف إسرائيلي مصمم، أمر ضروري في هذه المرحلة أيضاً.
مصر هي الآن الوسيط الأنشط في صفقة المخطوفين وشريك في المداولات في الحل الكامل للحرب. الأمريكيون يرون فيها، وعن حق دولة أساسية لنقل الحكم في اليوم التالي. في المحادثات يتحدثون عن قوات دولية وعربية تأخذ المسؤولية عن حفظ النظام العام لفترة انتقالية، وشريك مركزي يفترض أن تكون مصر، مع الجبهة الداخلية القريبة، البنية التحتية القريبة وكذا القوات المناسبة.
غير أن للرئيس السيسي شروطه. لمصر بضع مصالح مهمة في هذا السياق: أولاً اقتصادية- فمصر في أزمة اقتصادية محتدمة وبحاجة ماسة إلى مصادر دخل عاجلة؛ وثانياً أمنية- المنظمات من تفرعات “داعش” شبه جزيرة سيناء والإخوان المسلمون في داخل الدولة يشكلون تهديداً على النظام وعلى فرع السياحة وعلى الأمن الشخصي. وثالثاً سياسية- إعادة المجد لمكانة الدولة ومكانة السيسي في قيادة العالم العربي السُني المعتدل.
الجانب الاقتصادي مهم على نحو خاص. حسب مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين كبار مشاركين في المحادثات، طرحت مصر عدة شروط اقتصادية لمشاركتها في هذه المرحلة، وأساساً في مرحلة الحل ما بعد الحرب. الشرط الأول هو حل جذري دولي لهجمات الحوثيين على السفن التي تمر في الخليج وصولاً إلى قناة السويس. يمر في القناة نحو 30 في المئة من سفن الشحن في العالم، والدخل السنوي المصري من ضريبة العبور نحو 10 مليار دولار في السنة. وحسب البنك المركزي المصري، فإنه بسبب تحويل حركة السفن إلى إفريقيا منذ بداية الهجمات، فقدت مصر أكثر من 7 في المئة من مداخيلها من عبور السفن في القناة. يقدر فرع النقليات البحرية بأن المعطى محافظ، فيما الضرر أكبر بكثير.
وثمة موضوع اقتصادي آخر، وهو الغاز. مصر تطلب سيطرة كاملة على تطوير حقل الغاز المحتمل “مارين” الواقع أمام شواطئ القطاع. تنازلت إسرائيل عن هذا الحقل في العام 2000، وانتقلت الحقوق فيه لشركات طاقم مختلفة، حتى دخول مصر إلى الصورة قبل أكثر من سنتين. وهناك اتفاق ثلاثي إسرائيلي – مصري – فلسطيني، كان على الطاولة، وجمد بسبب الحرب. يريد المصريون وعداً بأن يكونوا هم من يطورون الحقل والزبون الأساس للغاز المنتج (حجم المخزون المقدر – 25 مليون متر مكعب بقيمة عشرات مليارات الدولارات).
وثمة توجه مصري آخر في هذا السياق، وهو زيادة تصدر الغاز الإسرائيلي إليها. التصدير محدود اليوم بسبب المطالبة بإبقاء الغاز للاحتياجات الإسرائيلية. لكن حتى حسب خبراء الطاقة، فإن السياسة الإسرائيلية محافظة جداً، ويمكن تصدير مزيد من الغاز وزيادة مردوداته للدولة. مقابل إرسال قوات إلى القطاع، يطلب المصريون تمويلاً كاملاً لهذه القوات، بما في ذلك السلاح وغيرها من الوسائل.
أما في الجانب الأمني، فتريد مصر مواصلة سياسة التسهيلات في كل ما يتعلق بعبور الأسلحة والوسائل القتالية إلى سيناء والذي كان محظوراً في اتفاقات كامب ديفيد. سمحت إسرائيل بتسهيلات في شروط الاتفاق للمساعدة في القتال ضد وكلاء “داعش” في سيناء. ويطلب المصريون مزيداً من السلاح المتطور من الولايات المتحدة، وهي مشتريات مطلوب لبعض منها موافقة إسرائيلية.
إسرائيل بحاجة لمصر كجهة وسيطة مع حماس في هذه المرحلة، لذا عليها استغلال موقع القوة الأمني والاقتصادي لديها حيال مصر. وبالتالي، حان الوقت لإعادة البدء مع السيسي وسياسته. ويتعين على إسرائيل أن تصر على رقابتها على محور فيلادلفيا للمدى المنظور، وعلى رقابة كاملة على تلبية المطالب من مصر في الموضوع؛ وعلى إسناد لمطلبها الأساسي لاستبدال الحكم في قطاع غزة؛ وكذا – وهذا يبدو ساذجاً لكنه ضروري – تصدر تغيير داخلي في الموقف تجاه إسرائيل، بروح اتفاقات السلام التي تمت مع دول الخليج، وخطوات مثل تغييرات في كتب التعليم ومناهج التعليم المتعلقة بإسرائيل، وأعمال ضد وباء اللاسامية الإسلامية وغيرها.