هآرتس: النيابة الإسرائيلية تدرس تصريحات تحريضية لمسؤولين تتعلق بالحرب في غزة
صحيفة إسرائيلية: النيابة الإسرائيلية تدرس تصريحات تحريضية لمسؤولين تتعلق بالحرب في غزة
بقلم: حن معنيت/هآرتس
النيابة العامة تفحص الآن تصريحات كثيرة لشخصيات عامة فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، قبل أن تقرر إذا كانت ستفتح تحقيقاً جنائياً في هذا الشأن. تم الفحص في ظل ضغط المحاكم في لاهاي على إسرائيل للتحقيق مع جهات رفيعة دعت إلى المس بالسكان المدنيين. كما كشف في “هآرتس” الشهر الماضي، فإنه منذ اندلاع الحرب تم فحص 80 تصريحاً، أوصى المدعي العام للدولة، عميت ايسمان، في بعضها بمواصلة التحقيق بسرية في قناة جنائية. من بين التصريحات التي تم فحصها، أقوال الوزير عميحاي إلياهو الذي قال إن “قنبلة نووية على غزة هي أحد الاحتمالات الحرب”، و”لم نكن لندخل المساعدات للنازيين. لا شيء يسمى غير مشاركين في غزة”؛ وتصريح عضو الكنيست إسحق كرفيزار (قوة يهودية) بقوله إنه “يجب تسوية غزة”؛ وعضو الكنيست نسيم فاتوري الذي قال في الراديو بأنه “يجب إحراق غزة، لم يبق هناك أي أبرياء، يجب تصفية ما تبقى”.
وثمة تصريحات أخرى تقوم النيابة بفحصها، مثل أقوال وزير الخارجية إسرائيل كاتس، في حينه كان وزير الطاقة والبنى التحتية، الذي قال “سنحارب في غزة، وعلى كل المدنيين هناك المغادرة”. كما يتم فحص تصريحات لوزير الدفاع غالنت ورئيس الحكومة نتنياهو، اللذين تم اقتباسهما أيضاً في محكمة العدل الدولية في لاهاي كمؤشر على نوايا إسرائيل المس بمواطني القطاع. وقال غالنت بأنه لن يكون في غزة كهرباء وغذاء ووقود. وتحدث نتنياهو عن الحاجة إلى “محو اسم العملاق”. إضافة إلى ذلك، الثلاثاء، نشر في “كان” أن شخصاً طلب من المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، بإعطاء معلومات عن التحقيق مع وزير الأمن الوطني بن غفير، للاشتباه بالتحريض على العنف ضد سكان القطاع عقب تصريحات علنية له حول طريقة القتال، التي حسب قوله يجب اتباعها في غزة.
النيابة العامة تفحص أيضاً تصريحات شخصيات ليست من المنظومة السياسية؛ فقد نشرت الصحيفة إحدى الحالات هو الحاخام الياهو مالي، رئيس المدرسة الدينية “الاتفاق” في يافا، الذي قال في آذار الماضي بأنه حسب حكم الشريعة، يجب قتل جميع سكان قطاع غزة، وضمن ذلك الأطفال والشيوخ. وأوصت الشرطة مؤخراً بحفظ هذا الملف، لكن القرار النهائي بيد النيابة العامة. حسب القانون، فإن التحريض دعوة علنية للقيام بأعمال تعتبر جريمة جنائية. لا توجد في إسرائيل جريمة تحريض شاملة، بل مخالفات معينة، مثل التحريض على العنف والإرهاب والعنصرية أو الإبادة الجماعية.
يتم التعامل مع التحريض بحساسية؛ لأن التقديم للمحاكمة عقب ذلك يقيد حرية التعبير. ولفحص ما إذا كان يجب التحقيق أو اتهام أي شخص بالتحريض على العنف أو الإرهاب، فإنهم يستخدمون اختباراً يسمى “احتمالية حقيقية”، يفحص خطر أن تتسبب هذه الأقوال بالأفعال والأضرار. في المقابل، عند اتهام شخص بالتحريض على العنصرية أو الإبادة الجماعية، فلا حاجة إلى الإثبات بأنها تصريحات تجر أفعالاً.
المحامية نوريت ليتمان، نائبة المدعي العام السابق، قالت إنه يوجد شك كبير إذا كانت أقوال الوزراء أو أعضاء الكنيست قد تصل إلى جريمة التحريض. “أنا آخر الذين يدافعون عن بن غفير، والبطن مليئة بكونه وزير الأمن الوطني”، قالت. “لكن دعوة الحكومة، حتى لو كانت متطرفة، للعمل بأي طريقة لا تعتبر تحريضاً على العنف، لأنه ولإثبات جريمة التحريض على العنف يجب إظهار أنها موجهة لجمهور معين، وأن هناك “احتمالية حقيقية” بمستوى معقولية مرتفع أن يؤدي هذا إلى ارتكاب أعمال عنف من قبل هذا الجمهور”. وأكدت ليتمان أيضاً أن حرية التعبير تسمح بإسماع مواقف متطرفة، “إلا إذا اعتقدت أن الأشخاص سيأخذون القانون في أيديهم ويعملون بشكل عنيف بسبب التصريح المتطرفة. وبخصوص ادعاء أن بعض السياسيين الذين قصدوا تصريحات متطرفة محببين على بعض الجنود وقادة الجيش، وأنهم قد يؤثروا على أسلوبهم أثناء القتال، قالت ليتمان إن هذا الأمر محتمل “لكن الجنود يحصلون على تعليمات من القيادة. وأنا لا أعرف إذا كانت هناك إمكانية حقيقية في أن تجعل هذه الأقوال الجندي العادي يغير أسلوبه، وأن يستند إلى أقوال بن غفير أو غيره كتصريح للعمل بشكل غير قانوني”.
مثال على التمييز بين التصريحات التي يجب التحقيق فيها وبين التصريحات حول نفس الأمر التي لم يتم في أعقابها فتح تحقيق، فإن ليتمان تجلب تصريحات لعضو الكنيست تسفيكا فوغل (قوة يهودية) ووزير المالية سموتريتش حول الطريقة التي -حسب رأيهم- يجب اتباعها فيما يتعلق بحوارة. في آذار 2023 وضع سموتريتش “لايك” على التغريدة التي كتب فيها بوجوب محو هذه القرية، التي جرت فيها أعمال شغب لمستوطنين. وبعد ذلك، قال “يجب محو حوارة”. مع ذلك، أوضح سموتريتش بأن هذا ليس من مسؤولية المواطنين. “على دولة إسرائيل فعل ذلك”، قال. لم يتم فتح تحقيق ضد سموتريتش، وفي المقابل حققت الشرطة في اشتباه بالتحريض على الإرهاب مع عضو الكنيست فوغل، الذي قال بعد يوم على أعمال شغب المستوطنين في القرية: “أنظر برضا تام إلى أعمال الشغب”.
وشرحت المحامية ليتمان بأن “فوغل توجه لجمهور معين، ويبدو أنه مدحه بسبب أفعاله، لذلك فقد تم التحقيق معه. في المقابل، توجه سموتريتش للحكومة ولم يطلب من الناس أخذ القانون بأيديهم”. في نيسان الماضي، تقرر عدم تقديم لائحة اتهام ضد فوغل.
خلافاً لليتمان، قال المحامي ميخائيل سفارد، الخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان، إن إسرائيل يمكنها ويجب عليها فتح تحقيق جنائي حول تصريحات الشخصيات الرفيعة فيما يتعلق بالأسلوب الذي يجب اتباعه في القطاع. وقال: “عندما يتحدث سياسي من اليمين في القناة 14 ويشاهده الجنود فإنهم قد يتأثرون به، ويمكن تفسير أقواله كتحريض على العنف حسب الاختبارات الموجودة في القانون وفي الحكم”. وأضاف سفارد أن التحقيق مع المحرضين على الإبادة الجماعية في القطاع هو عمل صغير كما يبدو. “في إسرائيل قانون يحظر الإبادة الجماعية، والمخالفة التي يتم تعريفها هناك هي التحريض على الإبادة الجماعية التي لا توجد بخصوصها حاجة إلى إثبات عامل المعقولية، أن يقوم شخص بالعمل على خلفية هذه التصريحات؛ أي أن مجرد الأقوال يعتبر مخالفة جنائية”، شرح سفارد.
حسب المحامي سفارد، فإنه ليس في إجراء تحقيق ضد شخصيات رفيعة إسرائيلية ما يشكل اعتراف بالادعاءات الموجهة لإسرائيل في لاهاي. “موقفي القانوني هو أن هناك تصريحات تعتبر تحريضاً، لكن هذا لا يعني، ولا أعتقد، أن إسرائيل تقوم بالإبادة الجماعية. ويجب التذكير بأن أوامر محكمة العدل في لاهاي تتعامل مع التحريض على الإبادة الجماعية”.