تقرير خاص- خبر 24 بدلة وربطة عنق: هل يكتب الجولاني فصلًا جديدًا في مسيرته؟
شهد أحمد الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، تحولات بارزة في شخصيته ومظهره منذ دخوله الساحة السورية في عام 2012 كزعيم لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. من رجل مقاتل غامض يرتدي لباسًا عسكريًا ووشاحًا أحمر مشابهًا للباس زيلينسكي، إلى سياسي يرتدي بدلة أنيقة، يعكس هذا التحول مسارًا جديدًا يهدف من خلاله الجولاني إلى تقديم صورة مغايرة على المستويين المحلي والدولي.
البداية: هوية غامضة وأجندة متشددة
ولد أحمد الشرع في الرياض عام 1982، وانضم إلى تنظيم القاعدة في العراق عام 2003، حيث واجه الغزو الأمريكي وسُجن لمدة خمس سنوات. بعد إطلاق سراحه عام 2011، عاد للعمل مع التنظيم وتولى في عام 2012 قيادة "جبهة النصرة"، التي سيطرت لاحقًا على محافظة إدلب في عام 2015 بالتعاون مع فصائل معارضة.
في بدايات ظهوره، اتسم الجولاني بالغموض، حيث ظهر في مقابلة تلفزيونية عام 2013 وهو يغطي وجهه ويعرض ظهره للكاميرا، ليعزز صورته كقائد متشدد يخفي هويته. إلا أن إطلالته العلنية الأولى في عام 2016 جاءت بمثابة إعلان عن فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام".
التحولات في المظهر والخطاب
منذ فك الارتباط مع القاعدة، شهد الجولاني تحولًا تدريجيًا في مظهره وخطابه. في عام 2017، بعد تأسيس "هيئة تحرير الشام" و"حكومة الإنقاذ" لإدارة محافظة إدلب، بدأ يظهر بملابس مدنية أكثر اعتدالًا. تطورت تصريحاته نحو الدعوة للتعايش بين مختلف مكونات الشعب السوري، مع إبراز نفسه كقائد سياسي يسعى لتحقيق أهداف الثورة السورية.
في مقابلة مع "سي إن إن" بثت في ديسمبر 2019، أكد الجولاني أن هدفه الأساسي هو "إسقاط النظام"، مشددًا على أن "من حق المعارضة استخدام كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف". هذه التصريحات عكست مزيجًا من الإصرار على النهج العسكري والتوجه نحو الاعتدال السياسي.
السيطرة والتوسع:
في ديسمبر 2019، تمكنت هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني من السيطرة على مدينة حماة بعد أيام قليلة من سيطرتها على حلب. وقد سعى الجولاني إلى تعزيز موقفه كممثل شرعي للمعارضة عبر بناء تحالفات مع فصائل أخرى مثل حركة نور الدين الزنكي، وفقًا لتقارير إعلامية محلية.
صورة جديدة ورسائل سياسية:
في ظهور حديث لافت، ارتدى الجولاني بدلة سوداء وربطة عنق خلال استقباله الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، في محاولة لتقديم صورة أكثر حداثة وقبولًا. يرى مراقبون أن هذه التغيرات تمثل "حملة علاقات عامة" تهدف إلى تغيير صورة الهيئة دون التخلي عن جذورها الفكرية.
ما وراء التحولات:
رغم هذه الجهود، يواجه الجولاني اتهامات بالقضاء على المعارضة المحلية في إدلب وتعزيز هيمنة الهيئة بقبضة أمنية مشددة. ويبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه التحولات تعكس تغييرًا استراتيجيًا حقيقيًا أم أنها مجرد محاولة لتجميل الصورة.
تحولات أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني، ليست مجرد تبدلات في الشكل أو الخطاب، بل تعكس معركة أكبر تخوضها هيئة تحرير الشام لإعادة تعريف نفسها في خضم تعقيدات الصراع السوري. وبينما يسعى الجولاني إلى كسب الشرعية الدولية وطمأنة الداخل السوري، تبقى التساؤلات قائمة: هل يمثل هذا التحول تغييرًا جذريًا في نهجه أم أنه مجرد تكتيك مرحلي لضمان البقاء؟ الإجابة ستتضح مع اختبارات الزمن ومدى قدرة الجولاني وهيئته على التوفيق بين تطلعات الداخل وضغوط الخارج في معركة طويلة الأمد على الشرعية والمصير.