الهروب العظيم": وعمق القصور الإسرائيلي"
الهروب العظيم": عمق القصور الإسرائيلي"
بقلم: مئير ترجمان
السجن نفسه، القسم نفسه، خطة الهروب نفسها (تقريباً)، النفق نفسه، ولكن النتيجة معاكسة تماماً: هروب ستة "مخربين" خطيرين عشية العيد من سجن جلبوع، بعد سبع سنوات فقط من إحباط محاولة هروب مشابهة في حجرة مجاورة في اللحظة الأخيرة، يدل على سلسلة إخفاقات لا تذكر مصلحة السجون مثيلاً لها. ليس صدفة أن نال الهروب المعيب لقب "يوم غفران مصلحة السجون".
لا حاجة ليكون المرء عبقرياً عظيماً كي يفهم بأنه كان هنا إخفاق خطير، وأسئلة كثيره تلاحقه"، اعترف وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف. في مصلحة السجون لا يزالون يحققون في الحدث، ولكن هناك أيضاً اعترفوا منذ الآن بقلب جسيم: "الإخفاق خطير جداً ولم يكن في مصلحة السجون اي استخلاص للدروس من محاولة الهروب السابقة. في هذه المرحلة سننتظر قبل استخلاص استنتاجات شخصية من كبار قادة مصلحة السجون، ولن نكتفي بحارس الكتيبة إلى نتائج التحقيق". اذا ما وعندما تتشكل لجنة تحقيق فان هذه هي القصورات الأساسية التي يتوجب التحقيق فيها:
- لم يستخلصوا الدروس من 2014
لم اصدق ما أسمعه"، كرر احد مسؤولي السجون، الذي سبق أن اعتزل، إحساسه الشديد مع الهروب عشية العيد. والسبب: في العام 2014، عندما كان يحمل إحدى الرتب العليا في الجهاز انكشفت محاولة هروب شبه مماثلة من سجن جلبوع – في حينه كان هذا في غرفة 3 قسم 2 وهذه المرة في الغرفة 5 المجاورة. وقال: "منذئذ فهمت بان الأساطير عن سجن جلبوع ووصفه بـ "الخزنة" جيدة للعناوين في الصحف. كنا على مسافة خطوة من هروب سجناء، وفي اللحظة الأخيرة نجحنا في إحباطه".
في أعقاب محاولة الهرب، التي أحبطت، وضعت سلسلة من الأنظمة الجديدة. "كتبنا كتاباً سميكاً في أعقاب محاولة الهروب التي أُحبطت بفضل المعلومات المسبقة، بما في ذلك الأعمال لسد الثغرة التي انكشفت. وذلك لأن السجن مبني على عواميد ما يسمح بمسافة بين التراب وارضية الأسمنت"، روى، وأضاف: "عندما تكون نقطتا الضعف في الخزنة المزعومة التي بنيت من بلاطات إسمنتية في الارضية وعليها صب الاسمنت بما في ذلك الحيطان، بينما حجرة المراحيض والحمام مرتفعة، يكون ممكناً الزحف عبر الحفرة الناشئة التي تستهدف ضخ المياه العادمة فيها. وكانت الخطة في 2014 هي الزحف عبر الفضاء الذي خلقته العواميد نحو سور السجن وحفر نفق فتحته تكون خارج السور. وهذه المرة حصل بالضبط الأمر ذاته".
وجد المسؤول صعوبة في هضم حقيقة انه على مدى سبع سنوات لم تسد تلك الثغرة بين التراب والإسمنت، التي فر عبرها "المخربون". وقال: "منذئذ وكخطوة أولى بنينا سوراً بين الجدار المحيط وسور السجن جانب غرفة المراحيض تلك فيما أن الإسمنت ينزل الى العمق كي لا يكون ممكناً حفر قناة. ليس لديّ فكرة لماذا لم يواصلوا أعمال بناء السور مع الإسمنت الى داخل التراب عميقاً في الجانب الذي هربوا منه. هذه غرفة قريبة من السور". وأدت النتائج بالمسؤول الكبير ليعترف: "هذا وكأن مصلحة السجون لم تتعلم شيئا من الحدث الخطير في 2014 ".
- قبول الطلب المشبوه
الى جانب خمسة من "مخربي" "الجهاد الإسلامي"، الذين هربوا، يضاف أيضاً زكريا الزبيدي، الذي يعتبر رمز مخيم جنين للاجئين والانتفاضة الثانية. قبل يومين فقط من الهروب طلب الزبيدي، المسؤول في تنظيم فتح، الانتقال الى غرفة رقم 5 مع "مخربي" "الجهاد الإسلامي". والطلب الغريب ليس فقط قبل بل إنه لم يشعل ضوءاً احمر في أن سجينا من "فتح" يطلب الانتقال الى غرفة سجناء "الجهاد الإسلامي". وهذا ما يحتاج الى تفسير وتحقيق في مصلحة السجن.
- الإخفاق الاستخباري
في مصلحة السجون قدروا بأن حفر النفق استغرق زمناً طويلاً، ولهذا طرح ايضا السؤال: كيف حصل ان الفوهة لم تكتشف، في التفتيشات العادية في الغرفة مثلاً؟ وتساءل مصدر في الجهاز متعجباً: "توجد هنا مشكلة كبيرة في الجانب الاستخباري – كيف يحصل وضع يحفر فيه نفق على مدى أسابيع، اشهر او حتى سنين، وهذا لا يصل إلى أي مخبر؟". وأضاف: "هذا لم يكن عملاً سريعاً، وكان يفترض بأحد ما أن يعرف به". وتضاف الى هذه الحقيقة المقلقة انه بالنسبة لثلاثة من الهاربين كانت هناك إخطارات استخبارية بأنهم قد يهربون.
- في أعقاب الزمن الضائع
في الساعة 20:00 جرى العد الأخير الليلي في الغرف. في 1:49 وصلت المكالمة الهاتفية من سائق السيارة العمومية، الذي حذر من أنه شخّص مشبوهين خارج السجن، ما أعطى في مصلحة السجون مؤشراً أولياً إلى هروب "المخربين". في 2:14 بُلغ السجن بالهروب. ومع ذلك فقط في الساعة 4:00 تبلغت مصلحة السجون بهروب ستة "مخربين". يطرح السؤال: "كيف يحتمل أنه على مدى اكثر من ساعتين انتظرت مصلحة السجون الى أن أعلنت بأن سجناء هربوا واستدعت قوات الامن لمساعدتها في مطاردتهم؟
"اذا كانت مرت ساعتان منذ لحظة البلاغ الشرطي عن الاشتباه بالهروب حتى لحظة التأكد من ذلك فهذا زمن غير معقول"، اعترف بذلك قائد سجن جلبوع السابق، ايلي غباي. "أسوار السجن يفترض أن تكون مصورة".
5- القصور في البرج
حتى لو لم ينجحوا في منع حفر النفق، كان يفترض بأبراج الحراسة وكاميرات الأمن التي تحيط المجال أن تقدم جواباً آخر وتمنع السجناء من الهروب. في هذه الحالة أيضا كان يفترض بيقظة السجانين ان تحبط الهروب: "تماما فوق الفوهة التي بقطر 60 سم فقط والتي هرب عبرها "المخربون" يوجد قرب اسوار السجن برج حراسة، وسواء كانت السجانة في الموقع غافية ام انها ببساطة لم تلحظ السجناء الذين يخرجون من الارض تحت أنفها فإن هذا قصور لا يمكن فهمه.
من المعروف أنه يوجد شريط يُرى فيه السجناء وهم يخرجون من الحفرة الواحد تلو الآخر"، يروي مسؤول كبير في مصلحة السجون. هو الآخر لا يفهم: كيف حصل انه رغم وجود عشرات كاميرات الأمن داخل وحول السجن، لم يلاحظ احد في مركز الرقابة ايضاً هذا الهروب.
إضافة الى ذلك، فإنه مرة كل نصف ساعة يفترض بسجان ان ينظر داخل الغرف. ولو كانوا عملوا حسب الأنظمة فكيف لم يلاحظوا النشاط المشبوه في الغرفة وحقيقة أن السجناء لا ينامون في الأسرة. سؤال آخر يجب أن يفحص: المنطقة حول أسوار السجن يفترض أن تكون نظيفة – هل مرت من هناك دورية مؤللة كما هو مطلوب كل فترة زمنية للتأكد من أنه لا توجد آثار؟
- الظروف السهلة للسجناء
في أعقاب محاولة الهروب في 2014 تقرر أنه مرة كل بضعة اشهر يجب فصل وخلط السجناء الأمنيين. استنتاجات لجنة "كعطابي" في العام 2019 أمرت بوقف فرز السجناء في الأقسام حسب الانتماء للمنظمات "الإرهابية". غير أن "مخربي" "الجهاد الإسلامي" بقوا معاً، وحقيقة أن ثلاثة منهم كانوا مشاركين ايضا في المحاولة السابقة، ومع ذلك بقوا معاً في الغرفة، تطرح أسئلة قاسية.
كما أن الظروف السهلة التي يحظى بها السجناء الأمنيون سمحت لهم بأن يخططوا، وينسقوا، وينفذوا الخطوة الذكية التي تطلبت زمناً طويلاً وإعداداً. "لو كان القرار في كيفية احتجاز السجناء الأمنيين في ايدي قادة السجون، لكان الأمر مختلفاً تماماً"، يدعي غباي، قائد السجن السابق. "المستوى السياسي بقدر ما يقيد قادة مصلحة السجون".
- مخططات السجن متوفرة في الشبكة
أحد المكتشفات الأكثر إثارة للحفيظة يتعلق بمخططات السجن: يتبين أن مصلحة السجون لا تعرف على الإطلاق بأن مخططات بناء السجن كانت متوفرة في موقع الإنترنت للشركة التي بنته. ليس واضحاً كيف حصل هذا ولماذا لم يطلبوا إزالة المخطط فوراً. والاشتباه: هذه كان من شأنها أن تساعد في التخطيط للهروب.
عن "يديعوت أحرونوت"