استمرار حكم نتنياهو يعرض وجود إسرائيل للخطر

استمرار حكم نتنياهو يعرض وجود إسرائيل للخطر

 

يحيعام فايتس

“ من دعم نتنياهو للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة وحتى حربه ضد حراس العتبة، فانه يثبت بأن مصالح الدولة لا تعنيه “.

​بنيامين نتنياهو هو من الزعماء المخضرمين في العالم. فقد انتخب لرئاسة حكومة اسرائيل قبل 25 سنة عندما كان رئيس الحكومة في بريطانيا هو جون ميجر والمستشار الألماني كان هلموت كول. في السنتين الأخيرتين، جرت مرة كل بضعة أشهر، انتخابات للكنيست بسبب قضية واحدة ووحيدة وهي استمرار ولايته؛ “لا” بيبي أو “نعم” بيبي.

​مبدأ “فقط لا ...” وقف في السابق على رأس الأجندة في الجولات الانتخابية في إسرائيل. مثال بارز على ذلك الانتخابات للكنيست العاشرة في حزيران 1981، التي كان فيها شعار معارضي الليكود هو “فقط ليس الليكود”. وقد ركز الشعار على الحزب وليس على زعيمه بيغن، الذي كان في حينه رئيس الحكومة. كانت هناك نقاشات صعبة ومريرة معه، لكن لم يكن أي خلاف حول نزاهته الشخصية ونمط حياته في فترة حكمه. لم يطلب في أي يوم من الموظفين تمويلا لبوظة الفستق أو مصفف الشعر.

​في الانتخابات القريبة الهدف مختلف كليا: عدم المس بحزب السلطة، بل إسقاط رئيس الحكومة نتنياهو. شعار الحرب في الانتخابات هو “فقط ليس بيبي”!. الحديث لا يدور عن صراع ايديولوجي بين اليسار واليمين، لأن هذا الشعار يشارك فيه أيضا حزب “أمل جديد”، حزب جدعون ساعر، وأحزاب الوسط واليسار.

​نتنياهو يتصرف بشكل معيب وغير طبيعي مقارنة بتصرف رؤساء حكومات إسرائيل السابقين وسلم قيمهم. إليكم ثلاثة أمثلة على ذلك. المثال الأول هو النظرة للسياسة في الولايات المتحدة. جميع رؤساء الحكومات السابقين فعلوا كل ما في استطاعتهم من أجل أن لا يتماهوا مع أي حزب من الحزبين في الولايات المتحدة. لأنهم عرفوا بأنه مرة كل بضع سنوات سيتم انتخاب رئيس من الحزب الثاني. في ولاية دافيد بن غوريون كان هناك رئيسان ديمقراطيان (ترومان وكنيدي) ورئيس جمهوري (آيزنهاور). وفي فترة ولاية بيغن كان هناك رئيس ديمقراطي (كارتر)، ورئيس جمهوري (ريغان)، وفي ولاية رابين الثانية كان هناك رئيس جمهوري (بوش الأب) ورئيس ديمقراطي (كلينتون). رؤساء الحكومة اعتبروا تدخل إسرائيل في الانتخابات الرئاسية خطوة زائدة، بل وخطيرة. وفي الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 1972، رابين الذي كان في حينه السفير في واشنطن، عبر عن تأييده لإعادة انتخاب الرئيس في حينه، ريتشارد نيكسون، مع “عدم دعمه الكبير لاسرائيل”. هذه الأقوال أشعلت الضوء الاحمر في مكتب رئيسة الحكومة غولدا مئير، التي كتبت لرابين بشكل حاسم: تدخله في الانتخابات أمر غير محتمل، ويلحق بإسرائيل أضرارا سياسية كبيرة.

​نتنياهو خرق هذه القاعدة بصورة فظة لا مثيل لها. فقد دفع نحو إقامة “رمات ترامب” في هضبة الجولان. وفي واشنطن كان هناك من ألصق به، باحتقار استهزائي، صفة “السناتور الجمهوري من رحافيا”. ومثال بارز على ذلك هو تدخله الاستثنائي في الانتخابات الرئاسية في 2012. فقد أيد نتنياهو بشكل علني مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني،الذي تنافس أمام الرئيس الديمقراطي باراك اوباما. وقد كتب عن ذلك: “نتنياهو لم يخف تأييده لميت رومني، سواء في اللقاءات مع رؤساء الجالية في الولايات المتحدة أو في الاستقبال الرسمي الذي نظمه رومني عندما زار إسرائيل، أو في الربط بينه وبين ملك المقامرة، اليهودي الامريكي شيلدون ادلسون، الذي استثمر عشرات ملايين الدولارات في حملة المرشح الجمهوري، كل ذلك من اجل إزاحة اوباما” .

​المثال الثاني هو النظرة لحراس العتبة. رؤساء حكومات ووزراء عدل عينوا المستشارين القانونيين للحكومة، من خلال نية تحسين مستوى إنفاذ القانون والحفاظ عليه. في 1968 عين رئيس الحكومة ليفي اشكول ووزير العدل يعقوب شمشون شبيرا، مئير شمغار في هذا المنصب. لأنهم عرفوا جيدا بأنه يستطيع إدارة هذا الجهاز بصورة ناجعة. وحقيقة أن شمغار كان عضوا سابقا في “الايتسل” لم تقلقهم تماما. في العام 1975 قام وزير العدل حاييم تصادوق ورئيس الحكومة اسحق رابين بتعيين أهارون باراك مستشارا قانونيا لأنهما رأيا أنه يعطي هذه الوظيفة مكانة واحتراما. في العام 1978 عين رئيس الحكومة بيغن ووزير العدل شموئيل تمير، اسحق زمير في هذا المنصب لأنهما رأيا فيه رجل قانون ممتاز وشخصية غير سياسية. نية نتنياهو هي المس بجهاز حراس العتبة. فقد قام بتعيين أشخاص هدفهم واحد هو تقويض قوة الجهاز وإضعافه. ويمكن اعطاء أمثلة كثيرة على ذلك، مثل اختيار انغلمان مراقبا للدولة من اجل خصي جهاز الرقابة، من ناحيته مفهوم “فساد” غير قائم على الإطلاق؛ امير اوحانا تم إرساله إلى وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي من اجل أن يشغل ملاك التخريب. يبدو أن توقه الكبير لتدمير جهاز إنفاذ القانون ليس له حدود ومنفلت العقال حقا.

​المثال الثالث هو ميزانية الدولة. جميع رؤساء الحكومات اعتبروا تقديم الميزانية خطوة رئيسية وضرورية لمجرد إدارة الحكومة والدولة. ولكن نتنياهو، الذي لسبب ما يعتبره البعض “السيد اقتصاد”، قرر عدم تقديم الميزانية في فترة أزمة شديدة، فقط بسبب مصالحه الشخصية. هذا الأمر يشبه إدارة حرب وجودية بدون هيئة أركان ورئيس أركان ورئيس استخبارات وقائد سلاح الجو.

​كل هذه الأمور توضح بدرجة تثير القشعريرة حقيقة أن استمرار حكم نتنياهو يعرض وجود إسرائيل للخطر ويهز أسس المجتمع ويضر صورتها الأخلاقية بشكل كبير.

 

عن "هآرتس" العبرية


Share:


آخر الأخبار