كرب ما بعد الصدمة

كرب ما بعد الصدمة

كرب ما بعد الصدمة

غزة- عاشت المواطنة شادية ربيع (34 عاما) أياما عصيبة على مدار الأيام الثلاثة للعدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ليس خوفا مما يحدث بل قلقا على أطفالها.

تقول "لدي طفلتان الأولى أربع سنوات والثانية ست سنوات، وفي كل مرة كان يحدث صوت انفجار نتيجة القصف تهرولان إلى حضني بخوف شديد متسائلتين عما يحدث، وكنت أرد بأنها مفرقعات نارية.

وتضيف "بعد انتهاء الحرب أضحت ابنتي تعاني تبولا لا إراديا وحين تواصلت مع طبيب أخبرني أنه على أن أعرض طفلتي على طبيب نفسي لأن الأمر من آثار الحرب".

"نحن كأهالي نعاني الأمرين، فمن جهة نحن نخاف على أنفسنا ومن جهة أخرى نخشى على أطفالنا ولا نعلم كيف نبسط لهم الأمر، نعيش جحيما في الحرب"، تتابع.

ولم يكن الوضع لدى أبو محمد (54 عاما) بأفضل فهو عانى الأمرين مع أحفاده الذين قدموا إلى غزة من الأردن لقضاء العطلة الصيفية، لكن تفاجأوا بتصعيد حربي غاشم.

ويقول "لا أنسى صراخ الأطفال من أحفادي في كل مرة يحدث فيها انفجار، لأن الأرض كانت تهتز من تحت أقدامنا، عدا عن صور الدمار والشهداء التي كنا نحاول إخفاءها عن أطفالنا لكن دون جدوى، فالصوت وحده كفيل بزرع الرعب في قلوب الكبار فما بالك بالصغار؟".

ويعلق الكاتب والناشط الحقوقي مصطفى إبراهيم على الأمر قائلا: "فكرة عدم وجود مكان آمن تفاقم المعاناة النفسية وتولّد زيادة تراكمية في المعاناة النفسية، هذا ما يسمى بـ"كرب ما بعد الصدمة"، وهي انتكاسة صحية نفسية، وأعراضها استعادة الطفل الحدث كأنه شريط سينمائي".

ويضيف: "في نهاية شهر تموز/يوليو الماضي دعيت لحضور حلقة دراسية حول الصحة النفسية في غزة، عقدتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بالشراكة مع اليونيسف، وتأثير قضايا الصحة النفسية على المجتمع والأطفال والشباب، والتخفيف من آثار المشاكل المتعلقة بالصحة النفسية خصوصا في ظل ظروف اقتصادية متدهورة في قطاع غزة".

ويضيف "أكد الدكتور أكيهيرو سيتا مدير دائرة الصحة في الأونروا أن ثلث سكان غزة لديهم مشاكل نفسية، 40% من طلبة الصف الأول يعانون من مشاكل صحية ونفسية".

وكان يوسف شاهين رئيس برنامج وقاية ورقابة الأمراض في الأونروا صرح بأن "برنامج الصحة النفسية والدعم النفسي الذي تقدمه الوكالة قام بمتابعة وعلاج نحو 87 ألف حالة في قطاع غزة".

الطفلة زين (7 سنوات) أصيبت بعدما خرجت من تحت ركام بيت عائلتها الذي قصف في مدينة رفح جنوب القطاع تقول بصوت يرجف "خرجت من تحت الركام بعدما ضربت الطائرة بيتنا، هربت إلى الخارج وأنا خائفة من صوت الانفجار".

وتقول: "ما زلت أذكر ما حصل وأشعر بالخوف الشديد مما حصل، أنا لا أشعر بالأمان هنا".

الأخصائي النفسي أحمد حمد يتحدث عن الصدمة لدى الأطفال بعد الحرب، قائلا: "العدوان الأخير ترك آثارا سلبية على نفسية الطفل خاصة الصدمة النفسية والتي يجب علاجها فورا كي لا تتحول لنوع من الاكتئاب والقلق".

ويضيف: "يتم الأمر عبر ثلاث مراحل الأولى أن نبعد الطفل عن الشوائب التي تؤثر على نفسيته من مشاهد وصور مؤلمة، وهناك برنامج بسيط يتألف من ثلاث خطوات على مدار 3 أسابيع الأولى بجلسة 20 دقيقة مع الطفل المصاب يوميا يقوم فيها بالتعبير عن كل مخاوفه بكل حرية".  

ويتابع "الجلسة الثانية تكون عبارة عن تفريغ نفسي بحيث يتحدث عن المشاعر السلبية داخله دون أن نمارس دور الرقيب عليه وهو تفريغ انفعالي، أما الجلسة الثالثة نعزز لديه صيغة الأنا بأن نختار كلمات تعزز شخصيته بخطوات عملية لعلاج الصدمة وتمرين الاسترخاء لمدة 3 مرات في اليوم كي تحسن المزاج لديه".

عن (وفا)


Share: