لماذا تخاف إسرائيل من شجرة الزيتون؟!
تصعيد جديد لسياسات الاحتلال الإسرائيلي في تضييق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ إلى جانب حرب الإبادة في غزة، إذ واصل الجنود منع مزارعي الزيتون في دير الغصون شمال محافظة طولكرم في الضفة الغربية، من الوصول إلى أراضيهم خلف جدار الفصل العنصري، رغم حصولهم على تصاريح خاصة لقطف ثمار الزيتون.
وفي خطوة تعكس دعم المجتمع الدولي لفلسطين، شهدت الأراضي المحتلة حضور سياسيين وبرلمانيين أوروبيين الذين شاركوا المزارعين في مواجهاتهم اليومية، لكن القوات الإسرائيلية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى وقوع إصابات بين المزارعين والمتضامنين.
تأتي هذه الأحداث في وقت تعاني فيه الضفة الغربية من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين في ظل ظروف إنسانية قاسية، كل هذا يظهر مخاوف المستوطن والجندي الإسرائيلي من وجود هذه الشجرة المتجذرة منذ 75 عام، وهي الشاهد على صاحب الأرض والبيت.
اقرأ أيضاً: 30 ثانية أخيرة في غزة: طفل شهيد وأب يبكي وحق مسلوب
اعتداءات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال
يوم أمس، شارك عدد من السياسيين والبرلمانيين الأوروبيين المزارعين الفلسطينيين في فعالية قطف ثمار الزيتون، إلا أن الاحتلال أطلق قنابل غاز مسيل للدموع تجاه المزارعين والمتضامنين، مما أدى إلى إصابة عدد منهم بحالات اختناق، واشتعلت النار في الحقول نتيجة قنابل الغاز.
في غضون ذلك، قالت وكالة الأناضول، أن عشرات المزارعين الفلسطينيين توجهوا إلى حقول الزيتون في بلدة قُصرة جنوب نابلس برفقة السياسيين الأوروبيين، بينهم عضوان في البرلمان الأوروبي، بيد أن الاحتلال توحش أمام العالم على الهواء مباشرة، دون رادع دولي، منع المزارع والمتضامن وصاحب الأرض.
وأفادت الأناضول بأن الجيش الإسرائيلي منع الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم القريبة من المستوطنات، حيث اشتعلت النيران فيها جراء إطلاق قنابل الغاز.
تنظيم يوم قطف الزيتون
في وقت سابق، أعلن مجلس بلدي "قصرة" تنظيم يوم لقطف ثمار الزيتون في أراضي البلدة بحضور ثلاثة سياسيين أوروبيين، وهم عمدة برشلونة السابقة آدا كولاو، وعضوا البرلمان الأوروبي جاوما أسينس ومارك بوتينغا.
يذكر أن موسم قطف ثمار الزيتون وأشجاره صورة تعبر عن أصالة الهوية الثقافية الفلسطينية، وأحد أشكال الثبات والصمود في الأرض كجذر شجرة زيتون عمرها أكبر من عمر الاحتلال.
اعتداءات المستوطنين
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أصيب فلسطينيان برصاص حي جراء هجوم نفذه مستوطنون على مزارعين فلسطينيين في وادي إماتين بمحافظة قلقيلية.
وذكر شهود عيان للأناضول أن مجموعة من المستوطنين هاجمت قاطفي الزيتون في إماتين شرقي قلقيلية، ورشقوهم بالحجارة وأطلقوا عليهم الرصاص الحي.
استشهاد مواطنة برصاص الإحتلال أثناء قطف الزيتون شمال جنين
تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية
غالبًا ما يشن مستوطنون إسرائيليون هجمات على المزارعين الفلسطينيين وحقولهم، وتزداد وتيرتها مع موسم قطف ثمار الزيتون خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام.
حسب تقديرات إسرائيلية، يقيم أكثر من 720 ألف مستوطن في بؤر استيطانية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
الوضع في الضفة الغربية وغزة
بموازاة حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، صعَّد الجيش الإسرائيلي اعتداءاته في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، مما أدى إلى مقتل 763 فلسطينيًا وإصابة نحو 6300 واعتقال 11500، وفق أحدث المعطيات الفلسطينية الرسمية.
في حين أسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة عن أكثر من 144 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
الزيتون المحصول الأهم في فلسطين
يعتبر الزيتون، وفق إحصاء وزارة الزراعة الفلسطينية، أكبر المحاصيل الزراعية في فلسطين، حيث يشكل 45% من المساحة الزراعية الكلية وأكثر من 85% من مساحة أشجار البستنة المزروعة. ويعمل ويستفيد من هذا القطاع حوالي 100 ألف أسرة فلسطينية، مما يعني أكثر من 600 ألف نسمة، بينما تبلغ مساحة أراضي الزيتون حوالي 907 آلاف دونم (الدونم = ألف متر مربع) بواقع 13.6 مليون شجرة، منها حوالي 11 مليون شجرة مثمرة وحوالي 2.6 مليون شجرة غير مثمرة.
الزيتون مصدر غذاء ودخل رئيسي
يعد الزيتون مصدر غذاء ودخل رئيسي للمواطن الفلسطيني، فضلاً عن كونه عامل ثبات وصمود له. يرتبط الفلسطينيون بالزيتون دينياً وسياسياً وثقافياً وتاريخياً ووجدانياً، مما يجعل منه رمزاً مهماً للدفاع عن الأرض وحمايتها.
سر استهداف الاحتلال لشجرة الزيتون
استهدفت حكومات الاحتلال المتعاقبة شجرة الزيتون في مخططاتها منذ عام 1967. واعتبرت الشجرة عدواً لا يقل خطورة عن أي مقاوم، حيث خططت لاستهدافها كما تخطط لأي عمل عسكري، وفق ما يذكر محمود الصيفي، مدير مركز أبحاث الأراضي بشمال الضفة الغربية.
منذ احتلال فلسطين عام 1948، استهدفت إسرائيل شجرة الزيتون بالقلع والقطع والإبادة عبر التلوث والتسميم، حيث اقتلعت أكثر من 2 مليون شجرة زيتون منذ بدء الاحتلال. وكان آخرها هذا العام بواقع 13 ألفاً و130 شجرة، وفق مركز أبحاث الأراضي.
خداع الاحتلال ضد المزارعين
يستهدف الاحتلال الأراضي الفلسطينية عبر حجج مثل الحدائق العامة والمحميات الطبيعية، ويصنف 62% من مساحة الضفة الغربية كمناطق "سي"، مما يمكنه من اقتلاع أشجار الزيتون. يستخدم الاحتلال القوة العسكرية لتحقيق أهدافه، حيث يقوم المستوطنون بمراقبة الفلسطينيين والإبلاغ عن أي خطوة يقومون بها كزراعة أراضيهم أو استصلاحها.
بالإضافة إلى ذلك، الطلب من المزارع الفلسطيني ترخيص جني ثمار الزيتون، والتي يتم تقديم أوراق ملكية الأرض من خلالها، وعندما يتقدم يتم رفض الكثير من المزارعين دون أي سبب، وبالتالي شرعنة منع دخول صاحب الأرض لها، ما يعطي مساحة للمستوطنين لسرقة الثمار وحرق الأراضي والاستيطان.
استهداف الزيتون: جريمة مكتملة الأركان
مارس الاحتلال جريمة مكتملة الأركان ضد شجرة الزيتون، حيث حاول تزوير التاريخ بسرقة الأشجار الكبيرة والمعمرة. كما استهدف الأراضي الزيتونية، مستغلاً وقوع الغالبية العظمى منها بمناطق "سي". لجأ المستوطنون أيضاً لسرقة ثمار الزيتون ومهاجمة المزارعين خلال العمل في أراضيهم.
في السنوات الأربع الماضية، وثّق مركز أبحاث الأراضي بشمال الضفة الغربية اقتلاع جيش الاحتلال لأكثر من 50 ألف شجرة زيتون، مما يعكس السياسة المستمرة لاستهداف هذا المحصول الحيوي والمهم للفلسطينيين.