ملابسات إنزال هيثم المالح عن منبر الجامع الأموي في دمشق

ملابسات إنزال هيثم المالح عن منبر الجامع الأموي في دمشق

مُنع الحقوقي والسياسي السوري البارز هيثم المالح من اعتلاء منبر الجامع الأموي في دمشق، بعدما أنزله عناصر الأمن لهيئة تحرير الشام من فوق المنبر ومنعه من إلقاء كلمة كان ينتويها.

وقد أحدث هذا الأمر  انقساماً واسعاً في الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي حين رأى البعض فيه إساءة لشخصية وطنية تجاوزت التسعين من العمر، وارتبط اسمها بالدفاع عن حقوق الإنسان لعقود، اعتبر آخرون أن تصرف المالح نفسه لم يكن في محله.

من هو هيثم المالح؟

هيثم خليل المالح، المولود في حي سوق ساروجة بدمشق عام 1931، هو أحد أعلام الحركة الحقوقية والسياسية في سوريا منذ خمسينيات القرن الماضي. انضم المالح إلى كلية الحقوق بجامعة دمشق، حيث حصل على إجازة في القانون، ودبلوم في القانون الدولي.

مهنياً، بدأ المالح حياته  بإدارة معهد تعليمي، ثم عمل في المحاماة قبل أن ينتقل إلى القضاء. 

وشغل المالح مناصب عدة، بينها قاضٍ في مدن مصياف ودرعا ودمشق، قبل أن يُسرَّح من القضاء بقرار غير معلل عام 1966. انتقل بعدها للعمل في ليبيا لنحو ثلاث سنوات، ثم عاد إلى سوريا ليستقر في ممارسة المحاماة.

سياسياً، بدأ المالح نشاطه خلال فترة حكم أديب الشيشكلي عام 1951، إلا أنه تعرض للاعتقال مرات عديدة في عهد حافظ الأسد، وذلك بين عامي 1980 و1986بسبب مطالبته بإصلاحات دستورية. ثم واجه تجربة اعتقال أخرى عام 2009 حُكم عليه خلالها بالسجن ثلاث سنوات، ليخرج بعفو رئاسي في مارس 2011.

شارك المالح في تأسيس جمعية حقوق الإنسان في سوريا عام 2001 وترأسها حتى عام 2006. كان له دور بارز في صياغة إعلان دمشق عام 2005 الذي دعا إلى إصلاحات سياسية ودستورية. 

وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، انضم المالح إلى المعارضة في الخارج، وكان عضواً في المجلس الوطني السوري قبل أن يستقيل ويؤسس مجلس أمناء الثورة السورية، ثم انضم إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.

جدل بشأن الحادثة

 رأى البعض أن تصرف القائمين على المسجد ينطوي على عدم احترام وتقليل من شأن رجل ناهز  التسعين ويمتلك رصيداً من العلم، بالإضافة إلى أنه قضى عقوداً في الدفاع عن حقوق الإنسان ومعارضة نظام الأسد. 

واستند مؤيدو هذا الرأي على أن الجامع الأموي يعتبر رمزاً دينياً وتاريخياً كبيراً، ولا بد أن يكون ساحة لاحترام شخصيات وطنية من وزن المالح، خاصة في وقت تُفتح فيه أبواب القصر الجمهوري لمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا يملكون رصيداً يُقارن ولو بجزء يسير من مسيرته.

في المقابل، اعتبر آخرون أن المالح أخطأ باعتلاء المنبر دون تنسيق مسبق مع الجهات المسؤولة، وأشاروا إلى أن المساجد بُنيت لعبادة الله وحده، وأن السماح لأي شخص بالحديث فيها دون ضوابط يفتح الباب للفوضى، ويعرّض قدسية المكان للانتقاص.

كما رأى هؤلاء أن المالح كان بإمكانه إيصال رسالته عبر مؤتمر صحفي، أو بث مباشر عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، بدلاً من اللجوء إلى تصرف قد يُعتبر إحراجاً لشخصه أولا، قبل أن يكون للمسجد والقائمين عليه.


Share:


آخر الأخبار