رحلة السقوط: كيف تخلّت إيران وروسيا عن الأسد؟
قبل سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، البالغ من العمر 59 عاماً، ولجوئه مع عائلته إلى موسكو، تلقى رسالة بالغة الأهمية من إيران عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي، الذي زار دمشق قبل أسبوع من ذلك الحدث وتناول العشاء الأخير مع الأسد في أحد شوارعها.
إيران تتخلى عن الأسد
وفقاً لمصدر إيراني مطلع، أبلغ عراقجي الأسد أن إيران “لم تعد في وضع يسمح لها بإرسال قوات لدعمه”.
وأوضح المصدر، المقرب من الحكومة الإيرانية، أن الأسد بات يُعتبر عبئاً بدلاً من حليف، مشيراً إلى أن الاستمرار في دعمه كان سيكلف إيران أثماناً باهظة.
وأضاف المصدر أن طهران شعرت بإحباط متزايد تجاه الأسد على مدار العام الماضي. ونقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن مسؤولين إيرانيين أن دمشق زعمت أن انسحابها من حلب كان خطوة تكتيكية وأن الأسد لا يزال يسيطر على الوضع ولا يحتاج إلى دعم خارجي.
مغادرة الحرس الثوري
رغم ذلك، كانت التطورات على الأرض تشير إلى عكس ذلك؛ حيث سيطرت الفصائل المسلحة على حماة بعد حمص وحلب، واقتربت تدريجياً من دمشق. وبينما استمرت إيران في إعلان دعمها العلني للنظام السوري، بدأت بالتخلي عنه خلف الكواليس.
فقد أكد المصدر الإيراني أن كافة أفراد النخبة من الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب الدبلوماسيين وعائلاتهم، غادروا سوريا بأعداد كبيرة باتجاه العراق، في إشارة واضحة إلى تراجع الدعم الإيراني للأسد.
تركيا على خط المواجهة
لعبت تركيا دوراً حاسماً في الإطاحة بالأسد من خلال دعمها العسكري للفصائل المعارضة. وأشار مصدر مطلع إلى أن الاستخبارات التركية قدمت مساندة للفصائل المسلحة التي شنت هجوماً مباغتاً على دمشق.
كما قدمت الطائرات التركية المسيرة خرائط مفصلة للمنشآت العسكرية السورية، ما ساهم في تسريع سقوط العاصمة.
ورغم نفي تركيا رسمياً تورطها في الهجوم، إلا أنها دعمت فصائل تنتمي إلى الجيش الوطني السوري وبعض الجماعات الأخرى، مع ضمانات بأن هذه الفصائل لن تنضم إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
روسيا تكتفي بالمشاهدة
أما روسيا، فقد كانت غارقة في صراعها مع أوكرانيا، ما حدّ من قدرتها على دعم الأسد بشكل فعال. ورغم تعهدها العلني بمساندته، أفادت تقارير بأن موسكو أبرمت اتفاقات مع الفصائل المسلحة لضمان سلامة قواعدها العسكرية والمرافق الدبلوماسية في سوريا.
وأكد مسؤول سابق في الكرملين أن روسيا لم تكن قادرة على مواجهة تقدم الفصائل المسلحة، مما أدى إلى تراجعها عن دعم النظام.
ومع تقدم المعارضة، رأى خبراء عسكريون أن خسارة قواعد روسيا الجوية في حميميم والبحرية في طرطوس كانت مسألة وقت، ما دفع موسكو إلى تقليص تدخلها.
نهاية عهد الأسد
في ظل تخلي حلفائه الرئيسيين، إيران وروسيا، لم يعد الأسد يُمثل فائدة استراتيجية لأي طرف. هكذا، انتهى حكمه ليصبح لاجئاً يواجه مستقبلاً غامضاً وسط تغييرات جذرية في المشهد السياسي والعسكري السوري.