كيف ارتفت أسعار المستهلكين في الصين؟
أسعار المستهلكين في الصين ترتفع بأبطأ وتيرة منذ 4 أشهر وسط تراجع أسعار المنتجين
أظهرت البيانات الرسمية الصادرة اليوم السبت أن أسعار المستهلكين في الصين ارتفعت بأبطأ وتيرة في أربعة أشهر خلال أكتوبر/تشرين الأول، في حين انخفضت أسعار المنتجين بشكل أكبر، مما يعكس تأثير التباطؤ الاقتصادي المستمر في البلاد. يأتي هذا في وقت تركز فيه الحكومة الصينية على تنفيذ حوافز اقتصادية لدعم الانتعاش الاقتصادي في ظل التحديات الحالية.
تباطؤ في أسعار المستهلكين في الصين
وفقاً للبيانات التي نشرها المكتب الوطني للإحصاء، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الصين بنسبة 0.3% على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة مع 0.4% في الشهر السابق. وهذه الزيادة هي الأقل منذ يونيو/حزيران الماضي، مما يعكس انخفاضاً في الضغوط التضخمية على المستهلكين الصينيين. وكانت التوقعات تشير إلى زيادة بنسبة 0.4% في الأسعار، مما يعني أن الأداء الفعلي جاء أقل من التوقعات.
على الرغم من ذلك، شهد التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة تقلبات، زيادة بنسبة 0.2% في أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة مع 0.1% في الشهر السابق. وهذا يعكس بعض التحسن في الضغوط التضخمية الأساسية، رغم تباطؤ النمو الاقتصادي.
تراجع أسعار المنتجين في الصين
في الجانب الآخر، سجلت أسعار المنتجين انخفاضاً حاداً بنسبة 2.9% على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة مع انخفاض بنسبة 2.8% في الشهر السابق. وكان من المتوقع أن يتراجع المؤشر بنسبة 2.5%. هذا التراجع يمثل أكبر انخفاض في 11 شهراً، ويشير إلى أن المصانع الصينية تواجه تحديات إضافية في تلبية الطلب المحلي والدولي. ويتزامن هذا التراجع مع محاولات الحكومة الصينية لتعزيز الاقتصاد من خلال حوافز وتحفيزات للقطاعين العام والخاص.
حزمة تحفيز جديدة لدعم الاقتصاد
وسط هذه التطورات الاقتصادية، وافقت أعلى هيئة تشريعية في الصين، الجمعة الماضية، على حزمة تحفيزية بقيمة 10 تريليونات يوان (حوالي 1.4 تريليون دولار) لتخفيف أعباء "الديون الخفية" التي تثقل كاهل الحكومات المحلية.
ومع أن هذه الحزمة تهدف إلى دعم الاقتصاد الصيني من خلال تحسين الأوضاع المالية للمناطق المحلية، إلا أن المحللين يرون أن هذه الحوافز قد لا يكون لها تأثير كبير على النشاط الاقتصادي أو الطلب المحلي على المدى القصير.
ومن المتوقع أن يتم استخدام هذه الحزمة المالية لمواجهة التحديات التي تفرضها الضغوط الاقتصادية، بما في ذلك التباطؤ الناتج عن انخفاض الطلب المحلي، وكذلك المخاطر العالمية المترتبة على السياسات التجارية الأمريكية. إلا أن غياب الإنفاق العام المباشر قد يحد من تأثير هذه الحزمة في تحفيز الاقتصاد بشكل فعلي.
إجراءات الحكومة الصينية لمواجهة التحديات الاقتصادية
في وقت تتزايد فيه المخاطر الاقتصادية نتيجة لإعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكدت الصين على أنها ستواصل اتخاذ إجراءات داعمة للاقتصاد المحلي. وقد أشار وزير المالية الصيني، لان فوان، إلى أن السياسة المالية ستصبح "أكثر قوة" في العام المقبل، مما يعكس استعداد الحكومة لزيادة العجز الرسمي واستخدام "المساحة المتاحة" لتحفيز الاقتصاد.
على الرغم من ذلك، أظهرت الأسواق المالية خيبة أمل لعدم اتخاذ خطوات جريئة مثل ضخ الأموال بشكل مباشر في الاقتصاد بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الاقتصادي قد يزداد تعقيداً نتيجة للتهديدات التجارية التي يوجهها ترامب، والتي تشمل فرض تعريفات جديدة على المنتجات الصينية، مما قد يؤثر سلباً على الصادرات الصينية.
التوقعات المستقبلية للاقتصاد الصيني
تواجه الصين العديد من التحديات الاقتصادية، من بينها تباطؤ النمو الداخلي وتراجع أسعار المنتجين. ومن المتوقع أن تظل ضغوط التضخم منخفضة في المستقبل القريب، خاصة في ظل تراجع الطلب المحلي والعالمي على السلع الصينية. على الرغم من حوافز الحكومة، يعتقد المحللون أن الاقتصاد الصيني سيظل يواجه صعوبة في تحقيق انتعاش قوي في المدى القصير.
وفي هذا السياق، تبقى الإجراءات المالية والاقتصادية في الصين محط اهتمام كبير من قبل الأسواق العالمية، في الوقت الذي تبحث فيه الصين عن حلول لمعالجة القضايا الهيكلية التي تؤثر على نموها الاقتصادي في الوقت الراهن.
مع تراجع أسعار المستهلكين والمنتجين في الصين، تواصل الحكومة الصينية تقديم حوافز اقتصادية لدعم الاقتصاد المتباطئ. إلا أن الأسواق لا تزال غير متفائلة بشأن فعالية هذه الحوافز في تعزيز الطلب المحلي والنمو الاقتصادي على المدى القصير، خاصة في ظل التحديات التي تلوح في الأفق بسبب السياسات التجارية الأمريكية.