حرائق النخيل في الولاية الشمالية: كارثة تهدد الزراعة السودانية
في مشهد يتكرر دون رحمة، تشهد الولاية الشمالية في السودان موجة جديدة من حرائق النخيل التي تهدد الزراعة السودانية بمخاطر جسيمة. هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على تدمير مصدر رزق الآلاف، بل أصبحت تهدد البيئة الزراعية بخسائر فادحة، مثيرةً تساؤلات حول أسبابها: هل هي تغيرات مناخية أم إهمال بشري وإداري؟
حرائق مدمرة تطال مئات النخيل
شهدت منطقة أوسلي حريقًا هائلًا يوم الأحد، أتى على ما لا يقل عن 850 نخلة، بعد أقل من يومين على اندلاع حريق مماثل في منطقة دويم وحاج المجاورة. هذه الحرائق المتسارعة تعكس حجم الكارثة التي يعيشها المزارعون في مواجهة النيران التي تلتهم مورد رزقهم.
ورغم الجهود الجبارة التي بذلتها فرق الدفاع المدني بمساندة الأهالي، إلا أن الظروف القاسية ونقص الإمكانيات زادت من صعوبة السيطرة على النيران.
مطالب بإجراءات وقائية عاجلة
حذّر المسؤولون من تكرار هذه الحرائق التي تهدد أحلام المزارعين، مطالبين بضرورة توفير ممرات آمنة لسيارات الإطفاء، والحد من الحرق العشوائي للنفايات الزراعية، إضافة إلى تأمين مصادر مياه قريبة لتسهيل عمليات الإطفاء.
وأشارت إدارة الدفاع المدني إلى أن نحو 90% من الحرائق في المنطقة تطال أشجار النخيل، مع تسجيل خمسة إلى ستة بلاغات أسبوعيًا.
ولكن العقبات الكبرى تكمن في نقص الموارد البشرية والمادية، إضافة إلى التضاريس الوعرة والزراعة العشوائية التي تعيق وصول فرق الإطفاء إلى مواقع الحريق، والتي قد تبعد أحيانًا نحو 40 كيلومترًا عن أقرب وحدة للدفاع المدني.
30 عامًا من الخسائر المتواصلة
منذ عام 1994، أصبحت الولاية الشمالية عرضة لخسائر هائلة في محصول النخيل، الذي يحتاج إلى فترة تمتد من خمسة إلى عشرة أعوام ليصل إلى مرحلة الإثمار. ومع تكرار الحرائق، تزايدت الخسائر بشكل يصعب تقديره بدقة، ما جعل المنطقة تواجه معركة بقاء حقيقية.
ويمثل التمر المحصول النقدي الأول في الولاية الشمالية، حيث يعيل آلاف الأسر ويشكل ركيزة الاقتصاد المحلي. ومع استمرار الحرائق، لا يقتصر الخطر على الخسائر الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليهدد استقرار الأسر وسبل عيشها، ما يجعل هذا التدمير كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية.
صرخة استغاثة
يحذر سكان الولاية الشمالية من أن استمرار هذه الحرائق دون تدخل سريع من السلطات سيؤدي إلى خسائر لا يمكن تعويضها.
هذه الحرائق ليست مجرد أزمة عابرة، بل هي تهديد حقيقي للأرض والمستقبل، ما يجعل التحرك العاجل أمرًا حتميًا لإنقاذ الزراعة والمجتمعات التي تعتمد عليها.
المصدر: العربية.نت