خاص - ماذا يعني نفخ المستوطنون في الشوفار (البوق) داخل الحرم الإبراهيمي والمسجد الأقصى المبارك ؟
خاص - خبر 24 - أغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرم الإبراهيمي الشريف في وجه المصلين أثناء توجههم لأداء صلاة الجمعة بعد نفخ أحد حاخاماته في الشوفار "البوق" داخل باحات الحرم ظهر اليوم وسط مدينة الخليل.
وفي حديث لخبر 24 مع مسيّر أعمال مدير الحرم الإبراهيمي الشريف الشيخ همام أبو مرخية، قال: "إنه وفي موعد صلاة الجمعة تم النفخ في الشوفار “البوق” بشكل مفاجئ داخل القسم المغتصب من الحرم الإبراهيمي، وتحديداً في منطقة الصحن المكشوف الذي يطل عليه شباك مقامات سيدتنا سارة وسيدنا إبراهيم عليهما السلام، حيث كان صوتاً مزعجاً للغاية. وقد تواصلنا فوراً مع مديرية الأوقاف في المحافظة لتقديم مذكرة اعتداء على الحرم إلى الإخوة في الارتباط المدني الفلسطيني حول ما حصل".
وأضاف أبو مرخية: "إن اليوم هو الثالث والعشرون على التوالي لمنع رفع أذان الفجر في الحرم، إضافة لمنع رفع أذان الظهر بعد صلاة الجمعة اليوم، إضافة إلى منع رفع أذان العصر، وسيَتبع ذلك منع رفع الأذان في صلاة فجر السبت، إضافة إلى الظهر والعصر والمغرب على مدار العام، حيث إن هذا الإجراء متّبع منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي ارتكبها الإرهابي المتطرف غولدشتاين في رمضان عام 1994".
وأشار إلى أن "المصلين قاموا بأداء صلاتهم في الشارع أمام الحاجز المقام على مدخل الحرم الإبراهيمي".
ونوّه إلى أن "عصابات المستوطنين قد قامت بالنفخ في الشوفار (البوق) قبل ذلك عدة مرات في ذات المكان، ولكن في معظم الأحيان كان النفخ في الساحات الخارجية للحرم وليس بداخله، في ظل الاعتداءات المتواصلة على قدسية وحرمة الحرم الإبراهيمي، إضافة لتشغيل الموسيقى والأصوات الصاخبة".
واستدرك أبو مرخية حديثه "بدعوة لأبناء الشعب الفلسطيني بأهمية شد الرحال إلى الحرم الإبراهيمي الشريف في جميع الفروض، وبجميع أيام الأسبوع عدا الأيام التي يكون فيها الحرم مغلقاً بالقوّة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وهذه الأيام يتم الإعلان عنها في وقت مسبق عادة، وهي عشرة أيام في الأعياد اليهودية، حيث يتم استباحة الحرم بالكامل وبشقيه، المُغتصب، والذي لا يزال يخضع لملكية الأوقاف الإسلامية الفلسطينية".
ما هو الشوفار وماذا يعني النفخ فيه؟
يُعد النفخ في الشوفار (البوق) طقساً تلمودياً عدوانياً يقوم به حاخامات الاحتلال الإسرائيلي للدلالة على التفوق والسيادة.
وكان قد نفخ حاخام جيش الاحتلال "شلومو جوريون" في البوق على جبال سيناء عند احتلالها عام 1967، وعند تلة المغاربة في أعقاب احتلال شرقي القدس في العام نفسه، فيما يسمى بيوم توحيد القدس.
لا يزال الاحتلال في ذكرى هذا اليوم كل سنة يحاول إدخال الشوفار للمسجد الأقصى المبارك للنفخ فيه.
وقد اقترب رؤوس عصابات المستوطنين عدة مرات ونفخوا فيه على أبواب المسجد، وفي المقبرة الإسلامية بجانب الأقصى أيضاً، من قبل الإرهابي المتطرف الحاخام “يهودا غليك”.
لذلك، ينفخ المستوطنون في البوق فيما يسمى "عيد الاستقلال" (النكبة الفلسطينية) سنوياً.
الشوفار يُصنَّف كطقس من الطقوس التوراتية، حيث يتكون من قرن "كبش" ويشترط ألا يكون ملتوياً، إلا أن هذا الشرط تغيّر مع مرور الزمن. من شروطه أن يُصنع من قرن "ذكر الماعز"، وفي بعض الأحيان يُكتب عليه عبارات توراتية أو رسومات.
كان الشوفار يُستخدم قديماً لإثارة البلبلة في صفوف المعتدين على اليهود، ومن الضروري أن يستمع اليهودي في رأس السنة لتسع نفخات، لكنهم ينفخون ثلاثين نفخة منعاً للشك.
أما في الكنيس (المعبد) اليهودي فينفخون مائة مرة. وترى طائفة "القبالاه" أن الشوفار يُبلبل الشيطان ويوقف مؤامراته ضد اليهود.
غير أن العديد من اليهود يرون أن النفخ في البوق هو علامة بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة.
وبهذا، يُعتبر نفخ البوق في الأقصى تحديداً، بنظر جماعات الهيكل المزعوم، فاصلاً بين زمانين: زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى، وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ.
في وقت سابق، تحديداً عام 2015، ضغطت عصابات المستوطنين على محكمة الاحتلال لانتزاع قرار قضائي يسمح بنفخ الشوفار في المسجد الأقصى بغطاء قانوني بحجة أنه لا يشكل استفزازاً للمسلمين.
وفي هذه الأيام يحتفل اليهود بثلاثة أعياد، وهي:
1. رأس السنة العبرية: هو إعلان بداية مرحلة جديدة من الزمان اليهودي، وينفخ في البوق لإعلان هذه البداية مطلع كل سنة عبرية، إيذانًا بالاقتراب خطوة إضافية من مجيء "المخلّ"، إذ يرتبط البوق بالفكرة الخلاصية المسيحانية.
ولذلك، فإن الحرص على نفخه في المسجد الأقصى يوم رأس السنة يأتي في إطار ما تسمى "أيام التوبة العشرة التوراتية"، حيث يدخل المقتحمون للأقصى بثياب التوبة البيضاء.
وهدفهم أن يصبح وجود الكهنة في الأقصى كما الأئمة، مقبولًا لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، بحجة أن هناك من يجب أن يقود العبادات في جبل الهيكل.
2. يوم الغفران: يعد أقدس الأعياد لدى اليهود، وهو المتمم لأيام "التوبة والغفران العشرة" التي تبدأ بيوم رأس السنة العبرية الجديدة.
يصوم المتدينون فيه لمدة 25 ساعة مخصصة لمحاسبة النفس والتكفير عن الذنوب وإقامة الصلوات والشعائر التلمودية في الكُنس. بعض الطوائف تقوم بتمرير الدجاج فوق رؤوس المستوطنين كطقس تطهيري.
رغم أن أعداد المقتحمين للأقصى لا تكون كبيرة في هذا اليوم، الذي يصادف 11 و12 أكتوبر من هذا العام بسبب توقف الحياة وحركة المواصلات، إلا أن المقتحمين، وغالبًا من الحاخامات، يحاولون إحياء الطقوس القربانية التي كان مركزها، وفق الزعم التوراتي، هو الهيكل المزعوم. يتم النفخ في الشوفار صباحًا بعد الغفران، وليس مساءً، بعكس عيد رأس السنة.
وقد تم النفخ فيه دون تصوير داخل الأقصى عام 2021، عقب تصعيد إسرائيلي بحق الأقصى وحي الشيخ جراح، تلاه عدوان عسكري على قطاع غزة.
3. عيد العرش: يسمى أيضًا "عيد المظلة"، ويعد أحد أكثر الأعياد (إلى جانب عيد الفصح اليهودي) التي تشهد اعتداءات واسعة على المسجد الأقصى المبارك.
يشكل هذا العيد استفزازًا لمشاعر المسلمين، إذ يتوقع الفلسطينيون اقتحامات واسعة من قبل آلاف المستوطنين للأقصى، حيث يحاولون سنويًا إدخال القرابين النباتية إلى باحات المسجد، استحضارًا لفكرة إقامة الهيكل المزعوم بعد هدم الأقصى.
وفق التوراة، العبادة القربانية كانت تُقام في جبل الهيكل، إذ يعتقد اليهود أن روح الرب تحل هناك، ولذلك يحاول المتطرفون إدخال سعف النخيل وثمار الحمضيات وأغصان الصفصاف إلى الأقصى.
من الجدير بالذكر أن العديد من الحاخامات اليهود، غير المنتمين للحركة الصهيونية والرافضين لها، يعتبرون هذه الطقوس العدوانية دخيلة على التوراة، ولا يجوز أداؤها في المساجد الإسلامية.