متظاهرون يعتقلون و”زعران” يطلق سراحهم وقضاء خائف: دولة أم عصابة؟

متظاهرون يعتقلون و”زعران” يطلق سراحهم وقضاء خائف: دولة أم عصابة؟

متظاهرون يعتقلون و”زعران” يطلق سراحهم وقضاء خائف: دولة أم عصابة؟

بقلم: مردخاي غيلات /هآرتس
هناك سؤال لا يغيب عن أي عاقل في إسرائيل، وهو: كيف وصلنا إلى هذا المكان الذي تظهر فيه إسرائيل الآن كأنبوب مجار كبير تنبعث منه رائحة كريهة؟ كيف وصلنا إلى درجة سيطرة مجرمين وزعران ومحتالين متسلسلين على الدولة ويفعلون بممتلكاتها كل ما يخطر ببالهم؟ كيف لم يتم فتح تحقيق جنائي حتى الآن ضد الوزير ايلي كوهين، بصفته وزير الخارجية، في قضية توزيع جوازات السفر الدبلوماسية للمقربين (كما كشف في تقرير غيدي فايس، “هآرتس”، 7/12/2023)؟ هل هناك شخص في النيابة العامة يمنع الشرطة من فعل المطلوب في هذا الملف وفي ملفات أخرى؟ لماذا تحاول الشرطة التهرب من التحقيق مع موظفي مكتب الوزير بن غفير في قضية توزيع السلاح على المدنيين، رغم أمر المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، قائد الوحدة القطرية للتحقيق في حالات الخداع بفعل ذلك؟
لماذا لم يتم إرسال المجرم السابق (الليكود)، الذي سجل ووثق نفسه وهو يحرض على العصيان والتمرد في الجيش، إلى السجن حتى نهاية الإجراءات؟ لماذا يتم جر المتظاهرين ضد الحكومة وإنقاذ المخطوفين إلى غرف الاعتقال بذرائع لا أساس لها وهم مكبلون، في حين أن هذا المجرم المتسلسل، والخطير على سلطة القانون والديمقراطية، يطلق سراحه؟
ولماذا لم يرسل نتنياهو إلى إجازة ميري ريغف عقب نتائج تقرير رفيف دروكر؟ لماذا لم تؤد كشف أفعال الفاسدين إلى نشر بيان من قبل المدعي العام للدولة حول فتح تحقيق جنائي؟ لماذا تصمت النيابة العامة بدلاً من خلق الردع؟ هاكم إجابات على بعض هذه الأسئلة: لم تعد في إسرائيل خدمة عامة حقيقية، لقد لفظت أنفاسها؛ لأن مراقب الدولة غير موجود بالفعل، بفضل نتنياهو؛ لأنه منذ سنوات لا توجد ممثلية ذات تأثير لخدمة الدولة، وهذا طبعاً بفضل نتنياهو؛ ولأن قسم التحقيق مع رجال الشرطة يغلق عيونه، وبفضله لا توجد شرطة مهنية، تهتدي إلى قانون؛ ولأن قسم التحقيق الذي قائمة إنجازاته طويلة لم يعد موجوداً وبحق؛ ولأنه لا توجد نيابة عامة أو مدع عام حقيقي، ولا يوجد أشخاص يخلقون جواً من محاربة فساد الحكومة. في هذا المناخ، مع عدم وجود القانون والقاضي، يحتفل العنف مثلما لم يحتفل في أي يوم.
هاكم الوقائع: رجال الشرطة يضربون المتظاهرين ضد الحكومة دون شفقة؛ ويُعتقل المشاركون في الاحتجاج بذرائع لا أساس لها؛ ورجال الشرطة يكذبون في جلسات طلب تمديد الاعتقال في المحاكم بدون خوف؛ ورئيس الحكومة يكذب بوقاحة في محاولة يائسة للتغطية على إخفاقاته؛ والنيابة العامة تختفي وتصمت أمام زعران يسيطرون على الدولة؛ ولا يقل عن ذلك غياب قضاة جديين يكرسون حرباً ضد الفاسدين ويعطون إشارات بأن الفساد والجريمة لا تساعد؛ ينقصنا قضاة حقيقيون مثل مئير شمغار واهارون براك ودوريت بينيش والياهو ماتسا ومريم ناؤور، قضاة يصعب خداعهم. لو وجد قضاة كهؤلاء في محاكمة نتنياهو، لما تجرأ المتهم بتلقي الرشوة والتحايل بالقدوم إلى المحكمة المركزية في القدس بمرافقة عشرة من الوزراء الخانعين، ثم يلقي خطاب تحريض وتهديد على منظومة إنفاذ القانون أمام العدسات، بل كان سيخاف من مكانتهم ويتصرف معهم باحترام، وكان سيحترم حراس العتبة الأوائل لسلطة القانون، لا أن يستخف بهم بشكل استعراضي. هو ليس بطلاً كما تعتقد جماعته الهستيرية.
لكن عندما لا يحترم القضاة مكانتهم، فلماذا سيحترمهم ويحترم ما يمثلونه. عندما يملك القضاة الوقت الكافي لإجراء المحاكمة الأهم في الدولة بتباطؤ مع المعرفة بأن هذا في صالح المتهم، فلماذا سيأمر المحامي بالإسراع. عندما يتم كشف عار القضاة في مقاطع من الواضح فيها أنهم لا يعرفون خطورة الأدلة، وأحياناً لا يعرفون بنوداً في لائحة الاتهام، فإنهم لا يضيفون نقاط فضل لأنفسهم. هذا عار.
عندما يشاهد هؤلاء القضاة شهوداً معادين بشكل واضح ويرفضون نقش علامة العار على جبينهم لشاهد معاد، أي شاهد كذب على الشرطة أو المحكمة، فلماذا لا يتراجع شهود آخرون عن شهاداتهم التي قدموها في التحقيق، شهادات مدعومة بوثائق وشهود آخرين؟ لماذا يسمح القضاة للدفاع بعدم الامتثال لهم وتحويل قاعة النقاشات إلى سيرك؟ ألا يعرفون أن الاستخفاف بنظام العدالة ونظام إنفاذ القانون يبدأ لديهم ويتسرب بشكل سريع نحو الأسفل؟
كنت هناك وشاهدت وخجلت. خجلت من أجل كرامتهم، كما أخجل من أجل المنظومة كلها. خجلت وأخجل من أجل المحكمة العليا وهي تعقد كمحكمة عدل عليا. يجب الاعتراف بالحقيقة: هنا تبدأ المشكلة الكبيرة للدولة المتفككة. هنا دليل على أن الانقلاب النظامي حقق ويحقق النجاح. هنا يسقط الحصن.


Share:


آخر الأخبار