الجيش الإسرائيلي يخالف تقارير الأمم المتحدة ويزعم انه دمر أبنية سكنية في قطاع غزة لدواع أمنية

الجيش الإسرائيلي يخالف تقارير الأمم المتحدة ويزعم انه دمر أبنية سكنية في قطاع غزة لدواع أمنية

صحيفة عبرية.. الجيش الإسرائيلي مكذباً تقارير الأمم المتحدة ومؤسسات صحافية: دمرنا “القليل”.. لدواع أمنية واحتياطية 

بقلم: يوآف زيتون/ يديعوت أحرونوت 

ثمة فجوات هائلة تصل أحياناً حتى إلى أكثر من 70 في المئة بين ادعاءات دولة إسرائيل ومحافل دولية أخرى، حول مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بقطاع غزة منذ نشوب حرب “السيوف الحديدية”.

من معطيات رسمية للجيش الإسرائيلي يكشف النقاب عنها هنا لأول مرة، يتبين أن 16 في المئة فقط من المباني الدائمة في قطاع غزة دمرت منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 حتى الشهر الماضي. إضافة إلى ذلك، وفقاً لهذه المعطيات، دمر الجيش الإسرائيلي في عملياته الهجومية 36 في المئة من المباني المؤقتة في القطاع مثل الأكواخ، والحظائر، والخيام، والمواقع الزراعية، التي استخدمها مخربون.

في أعداد مطلقة، يدور الحديث عن 35.952 مبنى دائماً دمرها الجيش الإسرائيلي في القطاع وعن 84.276 مباني مؤقتة دمرت. حسب معطيات الجيش – في أعقاب مسح رقمي جوي أجري في منظومة 9900 من شعبة الاستخبارات “أمان” في سماء القطاع في السنة التي سبقت نشوب الحرب – عشية الحرب كان في قطاع غزة 453.188 مبنى، 235.427 منها مؤقتة والباقي مبان دائمة، بما فيها بيوت، ومبان سكنية وأخرى حكومية وتجارية.

 معطيات الجيش الإسرائيلي صحيحة حتى 21 أيار، وربما لا يكون تغيير ذو مغزى لاحقاً أيضاً، وذلك لأن الجيش الإسرائيلي سينهي قريباً الأعمال شديدة القوة المتبقية فيه في إطار المرحلة الثانية من الحرب ضد حماس – في مجال مدينة رفح. وسينتقل الجيش إلى مرحلة الاجتياحات المتكررة التي تتضمن مساً بالمباني التي يستخدمها مخربون أو تلك التي تعرض القوات للخطر، لكن في مديات أصغر بكثير.

معطيات الجيش الإسرائيلي أصغر من معطيات محافل مختلفة بينها الأمم المتحدة، وكذا وسائل إعلام أجنبية، كانت نشرت معطيات أعلى بعشرات في المئة. ففي تقدير مفصل للأمم المتحدة استند إلى تحليلات صور أقمار صناعية واقتبسته وسائل إعلام دولية، زعيم في بداية الشهر بأن أكثر من نصف المباني الدائمة في القطاع دمرها الجيش الإسرائيلي في أشهر القتال الطويلة، بشكل يتعذر استخدامها مرة أخرى. قذيفة واحدة أو صاروخ صغير ألحق ضرراً بمبنى لكنه لم يخرجه عن الاستخدام، لم يدرج في هذه المعطيات أو في معطيات الجيش الإسرائيلي التي تتناول التدمير الكامل – أي تسوية المبنى حتى أساساته أو الضرر الكبير مثل تدمير درج وحيطان المباني بشكل يعرض كل من يكون فيه للخطر.

في الصحافة الدولية، كانت التقارير أكثر خطورة حتى من تقرير الأمم المتحدة. كتبت “وول ستريت جورنال” في كانون الأول 2023 بأن 70 في المئة من المباني في قطاع غزة تضررت في الحرب بـ “حجوم دمار تذكر بالهجمات التدميرية للحلفاء على مدينة دريسدن الألمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية”. وحسب ذاك التقرير في الصحيفة الأمريكية، فإن معظم المنازل السكنية في القطاع تضررت أو دمرت. وثمة وسائل إعلام غربية كبيرة أخرى عرضت تحقيقات مشابهة مع أرقام دمار سماوية.

غير أن معطيات الجيش الإسرائيلي -بخلاف تقرير الأمم المتحدة وتحقيقات الصحف الأجنبية- تستند إلى جمع مسحي شبه يومي، استهدف هذا الهدف وقامت به مُسيرات متطورة وحوامات كبيرة وتوثيق تكنولوجي قريب ومتطور ثلاثي الأبعاد، بعضه على ارتفاع الشارع وليس فقط من خلال صور أقمار صناعية. وعليه، ثمة أساس لافتراض أن معطيات الجيش الإسرائيلي أقرب إلى الواقع، وهي كفيلة بعرضها على هيئات المحاكم الدولية ولجان التحقيق الأجنبية التي ستحقق مع الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل في نهاية الحرب، المرحلة التي سيسمح فيها لمحافل تحقيق أجنبية من منظمات دولية بالدخول إلى أراضي القطاع.

آلاف من المباني التي دمرها الجيش الإسرائيلي لا تعود بالضرورة لمخربين أو لحماس، بل هي على مقربة من الحدود مع إسرائيل، والجيش الإسرائيلي يدمرها لخلق منطقة فصل بين النقب الغربي وبين مدن وقرى قطاع غزة. يدور الحديث عن قاطع إقليمي بعرض نحو كيلومتر واحد بالمتوسط، في الأراضي الغزية، على مقربة من الجدار الحدودي الحالي. وتحظى الخطوة بمعارضة حادة من جانب الولايات المتحدة والأسرة الدولية؛ إذ إنها تتضمن مصادرة أراض فلسطينية على نطاق واسع، وبينها أراض زراعية للغزيين.

لقد أنهى الجيش الإسرائيلي حتى الآن معظم هدم المنازل في هذه الأماكن، التي سيكون ممكناً منها التحكم في المراقبة وصد النار عن البلدات الإسرائيلية. لذا، دمرت مئات المباني في أحياء الشجاعية والدرج والتفاح المجاورة لـ”ناحل عوز” وسويت بالأرض، وقصفت أبراج من حي الضباط في بيت حانون والتي كانت تشرف على “سديروت” المجاورة.

 لقد اكتشف الجيش الإسرائيلي في أشهر الحرب مدى بيوت الإرهاب في القطاع بشكل لم تتوقعه أي استخبارات: استخدمت حماس، حسب عشرات القادة العسكريين الذين أداروا القتال في الميدان، كل بيت ومبنى في الأحياء التي ناور فيها الجيش الإسرائيلي في صالح تخزين الوسائل القتالية، وإعداد المواقع القتالية والغرف الحربية لإدارة القتال. دمرت القوات كل بيت كهذا، فيما ألحقت قذائف الدبابات ضرراً أقل بالمباني، وأبقت قذائف سلاح الجو للهجوم على آلاف المباني ذات قيمة عملياتية أكبر. كما أن جرافات D9 التابعة لسلاح الهندسة – وهي مقدر محدود في الحرب “تنازع” عليه غير قليل من قادة السرايا والكتائب – دمرت غير قليل من المباني إلى جانب المساعدة التي منحتها في العثور والمس بمدن الإرهاب التي بنتها حماس من تحت الأرض.

إن الحاجة الهائلة لوسيلة تدمير البنى التحتية الهائلة للإرهاب أدت إلى شراء ألغام وقدرات تفجير قديمة من دول مختلفة، بل ولخطوة موضع خلاف حظرت لاحقاً من قادة كبار في الجيش: جنود أحرقوا منازل مخربين لأنهم لم يجدوا طريقاً آخر لتدميرها.

 

 

 


Share:


آخر الأخبار