مقال بهارتس بشأن الضباط اليساريين بجيش الإحتلال والذين يتباكون بعد التقاعد

مقال بهارتس بشأن الضباط اليساريين بجيش الإحتلال والذين يتباكون بعد التقاعد

مقال بهارتس بشأن الضباط اليساريين بجيش الإحتلال والذين يتباكون بعد التقاعد

بقلم: جدعون ليفي / هآرتس

مثل كل أمر في الجيش الإسرائيلي، ينقسم الجنرالات إلى ثلاثة أقسام: القسم الأكبر هو الجنرالات الذين ليست لهم هوية ولم يسمع الجمهور عنهم، وبالتأكيد لم يسمع عن مواقفهم. وهؤلاء يترقون في سلم الرتب ويتسرحون وينتقلون إلى العمل في شركة للسلاح، هذا كل ما في الأمر. أما الأقسام الأخرى فهي الأقلية، الجنرالات من اليمين، والمستوطنون الذين يرتدون القبعات، والمقاتلون الذين يذهبون إلى المعركة بحماسة، والضباط “القيميون” و”الأخلاقيون” و”اليساريون” الذين يطلقون النار ويتباكون ويتسلحون بخطاب توبيخ صارخ. هذا بشكل عام الأسوأ والأكثر نفاقاً. قائد المنطقة الوسطى التارك، يهودا فوكس، محسوب على هذه المجموعة.
خلال سنوات ولايته الثلاث، بنى حوله أسطورة عدو المستوطنين، المجموعة الابتزازية والمتهكمة في المجتمع التي يمكن للحريديم أن يتعلموا منها فصلاً في الابتزاز، وتعرف مهنتها: المستوطنون يهاجمون من أجل إثارة الرعب. من لديه شك حول علاقة فوكس مع المستوطنين الحقيقية يفضل أن يستمع إلى خطاب وداعه. الأغلبية الساحقة من بينهم بالنسبة له، هم مواطنون يحافظون على القانون.
لا يجب قول الكثير عن فوكس. فليس هناك مستوطن يحافظ على القانون، وخصوصاً القانون الدولي الذي يسري أيضاً على إسرائيل. وغالبيتهم أيضاً يتفاخرون بأعمال الشغب التي تؤدي إلى تحقق معجزة أوريت ستروك. كان فوكس صديقاً للمستوطنين مثل كل قادة المنطقة الوسطى، بدءاً برحبعام زئيفي وانتهاء به. جميعهم ينفذون أوامر حقيرة لـ “شبيبة التلال”.
لكن قائد المنطقة قبل أي شيء آخر هو الذي يحتل السكان الفلسطينيين. فترة ولاية فوكس في الضفة الغربية كانت من أكثر الفترات وحشية، التي شاهدها الفلسطينيون. هكذا هو الأمر بشكل عام مع القادة المتنورين. فوكس يخلف وراءه ضفة خربة، نازفة، محطمة، عاطلة عن العمل، تهدد بالانفجار، مغلقة وفقيرة كما لم تكن منذ الانتفاضة الثانية. لا يوجد أي ضابط لديه قيم مسؤول عن سلوك متوحش جداً، حتى أن بن كسبيت، الممثل الأصيل للوسط العسكري والقومي المتطرف الذي يعتبر نفسه متنوراً، كتب في “تويتر”: “فوكس ضابط قيمي، وطني إسرائيلي، لم يهرب من الأسئلة القاسية… شكراً لك، يا يهودا”. على ماذا نشكره؟ لأنه جعل الضفة أنقاضاً؟ لأنه قتل 539 فلسطينياً في تسعة أشهر في فترة ولايته، من بينهم 131 طفلاً؟ من الجيد أن المستوطنين تظاهروا ضده، لأن هذا الأمر محظور على الفلسطينيين. ولكن أي ضفة يخلف هذا الضابط القيمي بالنسبة لكسبيت وأمثاله. فوكس أدخل إلى الضفة الغربية الطائرات التي تقتل أكثر، وأعاد وضع الحواجز بصورة تثير الاشتياق للانتفاضة.
ربما لا يعرف بن كسبيت عما يدور الحديث. وهذا أيضاً لا يهمه. ولكن فوكس يعرف جيداً ما الذي فعله بالمجتمع الفلسطيني. لا يمكن الآن التخطيط لأي شيء في الضفة. يكون الشارع مفتوحاً وبعد لحظة مغلقاً. تنكيل من أجل التنكيل. انظروا إلى سلوك الجنود في الحواجز.
هل عاقبت أحداً، أيها القائد؟ ازدحامات السير فقط؛ لأن الجنود يتوقون لذلك، في كل يوم وكل مكان. ليرى فوكس ما الذي خلفه جنوده في مخيم طولكرم ومخيم جنين، دماراً بأبعاد غزية تقريباً. يحاول أن يذهب إلى طولكرم في الشارع الذي لم يعد قائماً. “عدو المستوطنين” سمح بإقامة “أفيتار” المجرمة، التي ضحى ثمانية من الفلسطينيين بحياتهم بسببها. قتلوا عبثاً على يد جنوده. فوكس سمح لدانييلا فايس بإقامة هذه المكرهة الفظيعة مثلما سمح بإقامة عشرات البؤر الاستيطانية المتوحشة في الفترة الأخيرة، التي جميعها عنيفة.
لا يمكن الحزن على المستوطنين العنيفين في الوقت الذي كان من المفروض أن يقوم فوكس بوقفهم. هل رأى سلوك جنوده في المذابح في حوارة وفي أماكن أخرى، ما الذي سيقوله الضابط القيمي.
فوكس سيستبدل به الجنرال آفي بلوط، وهو مستوطن ترعرع في الأصيص العفن لـ “نفيه تسوف” [مستوطنة]، وتعلم في المدرسة التمهيدية العسكرية في “عيلي” [مستوطنة]. لا يصعب تخمين مواقفه بالنسبة للفلسطينيين والإنسانية والقانون والعدالة. هذا لن يغير شيئاً. فوكس المتنور، مثل بلوط اليميني، لن يعتبر الفلسطينيين من البشر يوماً ما.