قلعةُ موتِ الصمود// بقلم: رامية الطوباسي

قلعةُ موتِ الصمود// بقلم: رامية الطوباسي

قلعةُ موتِ الصمود//  بقلم: رامية الطوباسي

قلعةُ موتِ الصمود

بقلم : رامية الطوباسي

مراقبة عنبر النضال الجديد في جنين ، يجعلنا نقف مذهولين من حجم معاناة المسلحين الذين يتحصنون داخله، يتحدثون بجنون في كل شيء ، تهديد ووعيد وحركات بهلوانية ورقصات بالبنادق تحمل لحن " انا مجنون ، انا مجنون "

متلازمة الجنون ان صح التعبير كما يسميها بعض الفلاسفة ، اصبحت سائدة الان في جنين ، جنون في ممارسة النمطية وفي نوعية النضال المشبوه وخطط للموت الرحيم "اي عليك ان تختار الموت على العلاج" بناء على اختلالات داخلية في الخلايا لبعض الفلسطينيين بعد تعرض الجسم الفلسطيني لكثير من الصعقات والضربات الداخلية والخارجية .

الوضع العام في فلسطين جعل جماعات معينة تتأثر وتصاب بارتدادات نفسية منذ سنوات لتعبر عن حالة الكبت والضغط التي تعيشها ولكن بطريقة مهووسة مستخدمة أسلوب الموت السريع ، وأسلوب فرض القوة واستخدام مصطلحات تخلط بين المتعة  النضالية المشبوهة وبين الوجع ..او يمكن اعتبارها نوعا من الخيبات والإسقاطات لزوايا بقاء الإنسان الفلسطيني وهذه الجماعات تسعى إلى تنظيم وترتيب حياتها قبل وصولها لمرحلة جنون عظمة النضال المرحلي او المؤقت، ففكرة استنهاض المجتمع الفلسطيني لمحاربة مؤسساته وحداثته وصولا لأمنه جعل المجتمع يتأكد انه يتعامل مع افراد تعاني من أقصى حالات الاضطراب النفسي وخاصة بعد تحضيرها للانقلاب على الواقع بكل مكوناته واقتلاع التاريخ من جذوره ، فبين الإدانة وبين البراءة شعرة.

وبين الطبيعة وما فوقها ايضا شعرة ، فتحركات المسلحين مثلا في جنين وسلوكهم يتفوق على النمطية والطبيعة الفلسطينية بدليل انهم حتى في خطاباتهم يراودنا شعور ان الكلام يأتي غير منتقى وكأنه من كل فمٍ كلمة، لذلك التحديد لهوية الهدف صعب ، او تحديد المطلوب من الخطاب ايضا غير مفهوم ، وبالتالي الاستجابات للخطابات السياسية او الأصوات العالية لا نسمع صداها في الداخل الفلسطيني بل من بعيد الذي لا يُسمع منه إلا كلمات محدده .. وهنا تبنى الأجندات على اهداف لا هوية لها .. او المقصود مختلف تماما لذلك.

يُطالبُ المسلحون دائما " وضح شو بدك !! او فهمني شو المطلوب !! مش فاهم شو قصدك !! وهكذا .. فبين المسلح وارتداد صوته تشعر ان هناك حوارا مشفرا اشبه بحوار الطرشان ..

المشكلة انهم يقدمون انفسهم بتعالٍ وبأننا اسيادكم في هذه الارض ، وعندما تخبره انك مجنون يقول:"لا انا عاقل " فهو لا يتوقف عن إطراء حاشيته ونفسه ويرسل قهقهات اشبه بتتري في حانة منزوية  .. لا تسمع فيها إلا قرع الكؤوس وطبول الحرب ..

الانشقاقات في نفسية المسلحين جعلهم يبحثون عن رافعة لهم تعزز من ثباتهم او حسب ما يعتقدون استقرارا لنفسياتهم بأن لهم سند قوي وهو المتفجرات او ما يسمى بالطابور او كمشة كلشنات . الحقيقة السلاح بيد العاقل يعتبر جنونا ، فكيف حين يكون بيد المجنون!! محاولة التخلص من عبودية الواقع المحتل ، والدمج المبرمج  والمخطط له بين  الاحتلال والامن الفلسطيني واعتبارهم جهة واحدة كما يمهد الاحتلال وبعض الجهات المعنية في ادارة الشعب الفلسطيني ومقدراته ،  جعلت هؤلاء يتجردون من الإنسانية ويبتعدون عن الاخلاق ولا يفكرون إلا بالإطاحة  بكل من يحاول اجتثاث قلعتهم الميتة منذ ظهورهم وخاصة ان الثمن اصبح اغلى من الحياة في تصورهم .

هذه المرحلة والتي تحاول ترحيل العقل البشري طواعية إلى عنبر الموت او الجنون في جنين جعل الالاف يطالبون بوضع سياج  على  افراد مصابين بالحول السياسي فبدل تصويب البندقية باتجاه المحتل، يصوبونها باتجاه الفلسطيني وهنا وقع المجتمع الفلسطيني بين عنجهية محتل و اجندات مختل .. فهو بكل الاحوال شخصية خارجة عن السيطرة الذاتية ويتم التحكم به من خلال عقله الباطن المرتبط بأهداف الاحتلال، وبالتالي هو كأنسان سوي مسافر في عالم مشتت وغير مستقر ، فحالة الاغتراب النفسي التي يعيشها المسلحون وبدء تنفيذ مخططات بعد تغيير اقطاب المواجهة وشبك الأسلاك العصبية في قواعد لا علاقة لها بالنضال والتي نتج عنها تفجير وعربدة وشذوذ وسطو وغيرها والمضحك فيها انها وطنيات تنقل على "عربية زهرة".

للأسف هذه الحالات ظهرت وتمددت بسبب غياب الحقيقة ومنع نشرها ، وبالتالي طغى الجنون على العقل واصبح المجتمع يعتبرهم المعيار الأدق والصحيح للحالات النضالية .. بل تطبَّع بهم واصبح ينقش اسماء المسلحين على ملابسهم او يضعهم كوشم على اجسادهم .. الان وبعد ان تكشفت الحقيقة بعيدا عن النضال  بدأت مرحلة ملاحقة المجانين  للسيطرة على عقل الوطن وبدأ المهووسون بهم يبحثون عن طرق لإزالة الوشم ، مرحلة تحرير قلعة الصمود قبل موتها اصبحت واجب إنساني ووطني يقوم به متخصصون في التعامل مع الحالات المستعصية والتي تعاني من جنون عظمة النضال المفاجئ.

فهكذا تبدأ العلاجات النفسية لاستعادة الاستقرار النفسي للبشرية في المجتمعات رغم ان طريقة العلاج لم تعجب المتسببين في المرض سواء القنوات الإعلامية او الاحتلال او اصحاب الأجندات الخاصة لكن بتر العضو المريض افضل من بقائه لسلامة المجتمع .

 

 

 


Share:


آخر الأخبار