التكهنات حول عودة ترامب إلى السلطة
فترة "البطة العرجاء" والتكهنات حول عودة ترامب إلى السلطة
مصطلح "البطة العرجاء" يشير إلى الفترة التي تلي الانتخابات وقبل انتهاء ولاية الرئيس، حيث يتضاءل تأثيره السياسي وتقل قدرته على تنفيذ سياسات جديدة هامة بسبب قلة الدعم من كلا الحزبين السياسيين.
في حالة الرئاسة الأمريكية، تنطبق هذه الفترة عادةً على الرئيس الذي لا يترشح لإعادة الانتخاب ويواجه صعوبة في تنفيذ أجندته. ومع اقتراب نهاية ولاية الرئيس جو بايدن وانتشار التكهنات حول عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، تصبح الديناميكيات المحيطة بهذه الفترة مشحونة بشكل خاص.
إمكانية عودة ترامب إلى السلطة في عام 2025 كانت موضوعًا للنقاش المكثف، حيث يعرب مؤيدوه عن أملهم في عودة سياسة "أمريكا أولًا". وإذا تمكن من الحصول على ولاية ثانية، فإن معظم التكهنات تركز على نهجه في السياسة الخارجية، والسياسات الداخلية، والمشهد السياسي الأوسع في الولايات المتحدة.
تميّزت سياسات ترامب خلال ولايته الأولى تتميز بنهج صارم في قضايا مثل الهجرة، والتجارة الدولية، والتدخلات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. كما كانت إدارته تتميز بنهج عدواني في التعامل مع إيران، وهي الدولة التي وصفها بأنها راعية للإرهاب، واتخذت مجموعة من التدابير لعزلها دبلوماسيًا، بما في ذلك الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
أما مواقفه تجاه إسرائيل فقد كانت متشددة، حيث عززت إدارته علاقتها مع الدولة من خلال مبادرات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل" وخطة السلام المقترحة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
إذا عاد ترامب إلى السلطة، فمن المتوقع أن تتصاعد هذه السياسات. لقد استمر في انتقاد إدارة بايدن في التعامل مع العلاقات الخارجية وأشار إلى أنه قد يعيد اتخاذ تدابير صارمة تجاه إيران. كما أن عودته قد تمثل تحولًا في دور الولايات المتحدة في الصراعات العالمية، خاصة فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، حيث أبدى ترامب تشككًا في الدعم الأمريكي، مطالبًا بالتركيز على المصالح الأمريكية بدلاً من التورط في الشؤون الخارجية.
هذا قد يغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل أوسع، ويؤثر على حلف شمال الأطلسي والعلاقات الدولية.
ماذا قالوا عن عودة ترامب؟
الدبلوماسي الأميركي الأسبق، دينيس روس، عبّر عن قلقه حيال الغموض المحيط بإمكانية عودة دونالد ترامب إلى السلطة وتأثير ذلك على العلاقات الدولية، وأوضح أن نتائج الانتخابات الأميركية قد تحمل رسالة مختلطة للعالم، خصوصاً أوروبا، مع وجود تساؤلات حقيقية حول معنى انتخاب ترامب رئيساً بالنسبة لحلف الناتو، والعلاقات مع أوروبا، إضافة إلى سياساته التجارية المتعلقة بالتعريفات الجمركية.
وأضاف روس أنه في حال عودة ترامب إلى السلطة، فإن هناك حالة من عدم اليقين بشأن السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا، ما يثير المخاوف حول التداعيات المترتبة على هذا الموقف. ورغم أنه لا يُتوقع أن يكون لترامب دور أكبر في الشرق الأوسط، إلا أن هناك تصوراً بأن عدم التنبؤ بتصرفاته قد يدفع بعض الدول مثل إيران للتصرف بحذر أكبر، خاصة بعد الانتكاسات التي طالت حلفاءه مثل -حزب الله وحماس-.
كما أشار إلى أن القلق بشأن إدارة ترامب يمتد إلى آسيا، حيث تسود شكوك حول كيفية تعامله مع الحلفاء، خصوصاً في ما يتعلق بالمساعدات العسكرية، إذ يميل ترامب إلى أن يتحمل الحلفاء التكاليف بدلاً من أن تتحملها الولايات المتحدة.
وبخصوص العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، نوه روس إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان واعياً لأهمية التفاهم مع الرئيس بايدن للحصول على بعض الالتزامات العسكرية في إطار مذكرة التفاهم الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تنتهي في عام 2026.
وأشار إلى أنه من المحتمل أن يعمل بايدن ونتنياهو على وضع معايير لهذه الاتفاقية، تمهيداً لاحتمال إدارة ترامب التي قد تتعامل مع هذا الملف من منظور مختلف.
بالمجمل، أشار روس إلى أن هناك الكثير من الغموض حول ما ستكون عليه السياسة الأميركية في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مؤكداً أن هناك اهتماماً بتوفير استقرار أمني في المنطقة والتركيز على إنهاء الحروب.
إجراءات أمنية حول ترامب
تزداد التكهنات بشأن عودة ترامب إلى السلطة في ظل حالة الاستقطاب السياسي الراهنة في الولايات المتحدة، وسط اهتمام متزايد حول الإجراءات الأمنية التي قد تتخذها الدولة لمواجهة أي تهديدات قد تنشأ إذا فاز ترامب، بما في ذلك التحليل حول محاولات اغتياله التي قد تكون مرتبطة بهذا السيناريو.
التكهنات حول عودته تبرز أيضًا من خلال التصريحات الإعلامية والقرارات السياسية التي يتخذها، إضافة إلى تأثير حملته الانتخابية على المجتمع الأمريكي.
على الصعيد المحلي، من المحتمل أن تؤدي عودة ترامب إلى إعادة تأكيد مواقفه القوية بشأن الهجرة، والتراجع عن السياسات التقدمية التي تم تنفيذها في عهد بايدن، وإعادة التركيز على خفض الضرائب للأغنياء.
كما أن موقفه من القضايا الاجتماعية مثل الإجهاض والرعاية الصحية يشير إلى أن سياساته ستنحرف بشكل حاد عن تلك التي تنتهجها الإدارة الحالية. على سبيل المثال، كان موقفه بشأن الإجهاض دائمًا معاديًا للحقوق الإنجابية، وكان منتقدًا صريحًا للإصلاحات الصحية الفيدرالية، بما في ذلك قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباما كير).
ومع ذلك، فإن عودة ترامب إلى السلطة تثير أيضًا العديد من المخاوف، خاصة في ما يتعلق بالأمن القومي. فقد كان ترامب هدفًا لعدة محاولات اغتيال طوال مسيرته السياسية، مما أدى إلى زيادة المخاوف الأمنية. هذه التهديدات، إلى جانب الانقسامات السياسية والإيديولوجية الأوسع في البلاد، قد تؤثر على استراتيجياته في الحكم. قد تشمل إدارته تدابير أمنية مشددة سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، مما قد يؤثر على قراراته بشأن السياسة الخارجية ودرجة التفاعل مع الدول المعادية.
الانقسام السياسي في الولايات المتحدة
علاوة على ذلك، نظرًا للانقسام السياسي في الولايات المتحدة، فإن فترة ترامب الثانية قد تواجه مقاومة كبيرة من الكونغرس المنقسم، مما قد يحد من قدرته على تمرير تشريعات كبرى أو دفع أجندته.
عادة ما تُعتبر فترة "البطة العرجاء" في الولايات المتحدة وقتًا يواجه فيه الرئيس القائم صعوبة في تنفيذ سياسات جديدة أو التقدم بأجندته. ومع ذلك، في حالة عودة ترامب المحتملة، فإن فترته من عدم النشاط قبل تولي السلطة قد تكون مليئة بالمناورات السياسية، والتكتيك داخل حزبه، والتكهنات حول كيفية تعامله مع القضايا الرئيسية مثل إيران وإسرائيل والمشهد السياسي المحلي. يعد دعم ترامب ومعارضوه بمواجهة مشهد سياسي مختلف بشكل كبير إذا عاد.
الولايات المتحدة في فترة عدم اليقين
في الختام، مع دخول الولايات المتحدة فترة من عدم اليقين، فإن الانتقال من بايدن إلى الرئيس القادم—سواء كان ترامب أو شخص آخ، سيؤثر بلا شك على السياسة الجيوسياسية العالمية والسياسات الداخلية.
إن التكهنات حول عودة ترامب إلى السلطة تسلط الضوء على الانقسامات الأيديولوجية المتزايدة والإمكانية لتغيير سياسة الولايات المتحدة الخارجية، مما سيؤثر على الشرق الأوسط وروسيا والصين والدول الكبرى الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التهديدات الأمنية المستمرة ضد ترامب تضيف طبقة من التعقيد إلى النقاش، مما يثير تساؤلات حول كيفية تشكيل الأمن القومي لنهجه في الحكم، ومع انتهاء الانتخابات في 2024، أيصبح المشهد السياسي أكثر شحنًا مع إمكانية حدوث تحول دراماتيكي في السياسة الأمريكية، سواء داخليًا أو دوليًا.