الأكثر إنفاقاً لكن! لماذا خسرت هاريس؟

الأكثر إنفاقاً لكن! لماذا خسرت هاريس؟

في ظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، كانت التوقعات تشير إلى أن الحملة الانتخابية الضخمة التي شنتها كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، سوف تمنحها فرصة قوية للتفوق على منافسها الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن ما حدث كان مفاجئًا للكثيرين.

رغم أن حملة هاريس أنفقت ما يقارب المليار دولار خلال أشهر قليلة، إلا أن ترامب، الذي أنفق أقل من نصف هذا المبلغ، استطاع تحقيق النص،. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التباين الكبير بين الإنفاق والنتائج؟ هل عنصرية أم ذكورية ورفض مطلق للجنس الآخر؟ وهل يعني الإنفاق الضخم دائمًا الفوز؟

 

كم تكلفة حملة هاريس؟

 

حملة كامالا هاريس كانت من بين الأكثر تكلفة في تاريخ الانتخابات الأمريكية، حيث خصصت حوالي 1 مليار دولار لمختلف جوانب الحملة، بما في ذلك الإعلانات التلفزيونية، النفقات الإدارية، جمع التبرعات، والأحداث الخاصة.

في المقابل، لم تتجاوز نفقات حملة ترامب الـ345 مليون دولار فقط، بما في ذلك التكاليف المختلفة التي تركزت على التواصل المباشر مع الناخبين من خلال التجمعات والخطب. ومع ذلك، رغم الفارق الكبير في الإنفاق، فاز ترامب في الانتخابات.

العديد من الخبراء والباحثين في مجال الحملات الانتخابية والتمويل السياسي أشاروا إلى أن الإنفاق الضخم لا يضمن دائمًا النجاح. وفي تقرير نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية، أشار الصحفيون ميغان أجنيو وجوي دورسو إلى أن هناك عدة عوامل استراتيجية خلف فشل حملة هاريس في الفوز بالرغم من الميزانية الكبيرة، بينما نجحت حملة ترامب في تحقيق نتائج إيجابية من خلال استراتيجيات أكثر بساطة وفاعلية.

 

الإنفاق على الحملة الإنتخابية
على الرغم من أن الديمقراطيين أنفقوا أموالًا طائلة على إعلانات الحملات، بلغ الإنفاق في الإعلانات فقط 690 مليون دولار، كما سجلت حملة هاريس 31.4 مليون دولار على الإعلانات الرقمية والتحليلات، إلا أن ترامب أنفق بشكل أقل بكثير على هذا النوع من الإعلانات.

وبحسب دراسة أعدتها جامعة "جون هوبكنز"، فقد أنفقت حملة ترامب فقط حوالي 172 مليون دولار على جميع أشكال الإعلام، ما يشير إلى أن فعالية الإنفاق كانت أكبر بكثير في حملة ترامب.

علاوة على ذلك، أظهرت أرقام لجنة الانتخابات الفيدرالية أن حملة هاريس أنفقت حوالي 7.5 مليون دولار يوميًا في أغسطس 2020، بينما كانت نفقات حملة ترامب تصل إلى 2.7 مليون دولار فقط. وعلى الرغم من هذا التفاوت الكبير في الإنفاق، فإن حملة هاريس لم تتمكن من تحقيق النجاح المطلوب، في حين كانت حملة ترامب أكثر استهدافًا للناخبين بشكل مباشر.

 

التباين في استراتيجيات الحملتين:

من أهم الأسباب التي ساهمت في هذه النتيجة هي الفروق في الاستراتيجيات المتبعة بين الحزبيْن. حملة هاريس ركزت على جمع البيانات والتجارب الإحصائية باستخدام خبراء ومتخصصين في تحليل الرسائل والإعلانات. كما أنها أنفقت أموالًا طائلة على توظيف مشاهير مثل بيونسيه وأوبرا وينفري لحشد الدعم، بينما اعتمدت على بيانات شديدة الدقة لتحديد الرسائل الأكثر تأثيرًا.

في المقابل، كان تركيز ترامب على التواصل المباشر مع الناخبين، فكان يفضل الظهور في تجمعات حية، حيث كان يناقش القضايا ببساطة ويخاطب المواطنين العاديين. واستخدم ترامب وسائل ترويج غير مكلفة لكنها مؤثرة، مثل الظهور في أعمال خدمية مثل العمل في ماكدونالدز أو ركوب شاحنة قمامة، ما جعله يظهر كمرشح قريب من الطبقات الشعبية.

وقد وصف جيمي كيدي، موظف سابق في مجلس النواب، استراتيجية هاريس بأنها "أخطأت الهدف"، مؤكدا أن "رسالة هاريس لم تكن فعالة بما يكفي لجذب الناخبين، بينما كانت رسالة ترامب أكثر وضوحًا وبساطة"، وهذا من بين العوامل التي جعلت حملة هاريس تخفق على الرغم من النفقات الكبيرة.

 

النتائج والأثر على الحملة:

وفقًا للتقرير، بينما خصصت حملة هاريس حوالي 90.3 مليون دولار على التكاليف الإدارية، مثل تنظيم الفعاليات والحفلات، خصصت حملة ترامب 16.4 مليون دولار فقط لهذا النوع من النفقات.
ومن خلال مقارنة العمليات الميدانية، تبين أن حملة ترامب اعتمدت على مجموعات خارجية مثل اللجان السياسية التي شاركت في حشد الناخبين، حيث وظفت 320 شخصًا فقط، بينما كانت حملة هاريس أكثر تكاليفًا من حيث الموظفين الداخليين، حيث شغلت 1200 موظف وخصصت 56.6 مليون دولار للرواتب.

 

في النهاية، يظهر أن النجاح في الانتخابات الأمريكية لا يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحجم الإنفاق، بل بكيفية تخصيص الموارد بشكل استراتيجي، والقدرة على التواصل الفعّال مع الناخبين. فبينما فشلت حملة هاريس في تحقيق فوز بالرغم من الأموال الطائلة التي أنفقتها، نجح ترامب في تعزيز دعمه من خلال استراتيجيات أكثر بساطة وأقل تكلفة، ما يبرز أهمية الرسالة الواضحة والاتصال المباشر مع الناس في الانتخابات الأمريكية.