ما مصير تهديد "اليسار الفرنسي" بتنحية ماكرون؟

ما مصير تهديد "اليسار الفرنسي" بتنحية ماكرون؟

ما مصير تهديد "اليسار الفرنسي" بتنحية ماكرون؟

أثارت دعوة زعماء حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي إلى الإطاحة بالرئيس إيمانويل ماكرون برلمانياً، بالاستناد إلى المادّة 68 من الدستور، جدلاً واسعاً في البلاد، وأدت إلى انقسامات حادة داخل الجبهة الشعبية، الفائز بأكبر عدد من المقاعد في برلمان البلاد.

ونشر جان لوك ميلانشون وماتيلد بانوت ومانويل بومبارد، في صحيفة "لا تريبيون" الأحد، وثيقة سياسية تًهدد ببدء إجراءات إقالة ماكرون من قبل البرلمان، متهمين الرئيس الفرنسي بالفشل في مهامه، من خلال عدم تعيين مرشح يساري في منصب رئيس الوزراء على ضوء نتائج الانتخابات.

كما اتهم زعماء "فرنسا الأبية" ماكرون بما وصفوه بـ"الانقلاب المؤسسي" و"إساءة استخدام السلطة"، داعين إياه إلى الاعتراف بنتيجة الانتخابات التشريعية"، التي فازت بها "الجبهة الشعبية"، وتعيين لوسي كاستيه، مرشحة اليسار، رئيسة للوزراء.

ومعروف أن الجبهة الشعبية تضم حزب "فرنسا الأبية" الراديكالي، والحزب الاشتراكي الأكثر اعتدالاً، وحزب "الخضر"، والحزب الشيوعي الفرنسي، وحزب "المكان العام" من يسار الوسط، وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى.

مشكلة الدعوة أنها تأتي بعد أن حدّد ماكرون، لأول مرة، موعداً للكتل السياسية في 23 أغسطس (آب) الجاري، لاستشارتها بشأن تسمية رئيس للحكومة، ووعد بأن يعمد إلى القيام بذلك في الأسبوع اللاحق، ورهان ماكرون على انفجار «الجبهة الشعبية» من الداخل قد لا يكون بعيد المنال، بحيث ينفصل الاشتراكيون، وربما الشيوعيون والخضر، عن «فرنسا الأبية»، وينضمّون إلى ما يسميه «القوس الجمهوري»، الذي يخرج منه الطرفان المتشدّدان يميناً ويساراً. من هنا، فإن اسم رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، قد يسهّل انشقاق الاشتراكيين، ما يعني أن رهان ماكرون قد يصبح واقعاً.

 

إزاء هذا الوضع السياسي المعقّد، اختار ماكرون أسهل الحلول، وهو الانتظار؛ تارةً بحجة الألعاب الأولمبية، وضرورة وجود حكومة وإن مستقيلة للإشراف عليها، وضمان حصولها بسلام وأمن، وتارةً أخرى بانتظار أن تتفاهم الكتل النيابية (أو بعضها) فيما بينها، للتمكن من تحقيق أكثرية تدعمها في الندوة البرلمانية، لكن ما لا يريده ماكرون هو تشارُك السلطة التنفيذية مع حكومة من اليسار تريد أن تطبق حرفياً البرنامج الحكومي الذي انتُخب نوابها على أساسه.

إزاء هذا الوضع المعقّد، وما يبدو أنه رهان ماكرون على الزمن ليفعل فعله، وتحديداً تفكّك جبهة اليسار بسبب خلافات مكوناتها الآيديولوجية وأجنداتها السياسية، لم يتردّد التشكيل الأكثر جذريةً، المتمثّل بحزب «فرنسا الأبية»، في رفع سيف التهديد بإقالة ماكرون من منصب رئاسة الجمهورية، استناداً إلى المادة 68 من الدستور التي تحدّد الآلية لذلك، ففي إعلان وقّعه زعيم الحزب والمرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون، وكذلك منسّقه العام النائب إيمانويل بومبار، ورئيسة مجموعته في البرلمان ماتيلد بانو، ونشرته صحيفة «لا تريبون دو ديمانش»، الأحد، اتهم ماكرون بتنفيذ «انقلاب دستوري»، وبـ«الاستئثار بالسلطة»، ووجّه إليه «إنذاراً رسمياً» بالعمل على تنحيته في حال «عدم قبوله نتائج الانتخابات التشريعية»، و«رفضه تسمية لوسي كاستيت رئيسةً للحكومة»، وذلك بتهمة «عدم القيام بواجباته» الدستورية. وجاء في التحذير أيضاً الإشارة إلى أن البند 68 من الدستور يتيح ذلك.

وأضاف بومبار، الاثنين، أن شرط حيازة عُشر أعضاء المجلس النيابي متوافر للحزب الذي لديه 72 نائباً، مضيفاً أن ماكرون يتمتع بدعم لا يصل إلى ثلث العدد الإجمالي للنواب البالغ 577 نائباً، وإذ رأى منسق عام الحزب «تنحية ماكرون أمراً يتمتع بالصدقية» سارع إلى القول، وبجملةٍ لا تحتمل التأويل، في حديث لإذاعة «آر تي أل»، متوجهاً إلى ماكرون: «إذا لم تفعل (ولم تسمِّ كاستيت)، فسنلجأ إلى كل الأدوات الدستورية من أجل تنحيتك».

 


Share:


آخر الأخبار