سعي إسرائيل لتقويض السلطة يعني اختيار حماس وخروج الضفة عن السيطرة
سعي إسرائيل لتقويض السلطة يعني اختيار حماس وخروج الضفة عن السيطرة
بقلم:ميخائيل هراري/ معاريف
الاعتراض الإسرائيلي على بحث اليوم التالي للحرب يمس بالمصالح الحيوية العليا. ما يعقد الوضع أكثر يتعلق بأواخر حكم أبو مازن. المعنى واضح: إسرائيل ملزمة بأن تدرج “الأيام التالية” في حفنة واحدة، في إطار تفكير استراتيجي منسجم، بما في ذلك وضع انهيار السلطة الفلسطينية قبل رحيل أبو مازن جراء الضغط الذي تمارسه إسرائيل عليها، واستمرار الحرب أو رواية نجاح حماسية.
التفكير الاستراتيجي يجب أن يقوم على أربع نقاط مركزية:
إسرائيل لا تتدخل في تحديد صورة القيادة الفلسطينية. لكن لعلها تفعل إذا ما قررت تحرير مروان البرغوثي كجزء من صفقة المخطوفين، أو سمحت بعودة محمد دحلان إلى القطاع “ممتطياً أموال الإمارات”. غير أن التاريخ يثبت أن مثل هذه التدخلات لا تصمد ولا تخلق بديلاً يحظى بالشرعية الجماهيرية.
حماس ليست جزءاً من القيادة الفلسطينية. يدور الحديث عن مبدأ واضح من تلقاء ذاته في ضوء الحرب. حماس ليست مقبولة لدى إسرائيل، وعملياً أيضاً للسلطة الفلسطينية/فتح والساحة الدولية. من المهم أن نتذكر بأن حماس تطلب الانضمام إلى م.ت.ف وبذلك تسيطر على الحركة الوطنية الفلسطينية، دون أن تغير سياستها. الشكل الذي تنتهي به الحرب مهم للغاية، لأنه سيساهم في الرواية التي ستسود في الساحة الفلسطينية.
انتخابات. إجراء انتخابات في الساحة الفلسطينية واجب، ويقبع في أساس رغبة الجمهور الفلسطيني بكل أطيافه. اعتراض أبو مازن على الانتخابات يمس بالتأييد للسلطة وبشعبية رئيسها. وواضح أنها يجب أن تكون في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس. وإذا لم تكن كذلك، لن تحظى نتائجها بالشرعية اللازمة.
تدخل لاعبين خارجيين مناسبين. الطريق الوحيد للقيادة الفلسطينية لأن تحظى بالثقة والشرعية من جانب الجمهور الفلسطيني هو مسيرة داخلية لحكم ذاتي. لكن ثمة حاجة لمساعدة ودعم من جانب لاعبين مهمين وعلى رأسهم مصر والأردن ودول خليجية مركزية كالسعودية والإمارات. وللولايات المتحدة بالطبع دور مركزي. يدور الحديث عن دور غايته المساهمة في استقرار الميدان، بما في ذلك حيال إسرائيل بشكل يسمح بمسيرة مناسبة من نمو قيادة مقبولة ويقرر كياناً سلطوياً واحداً يحظى بثقة الأسرة الدولية.
إسرائيل ملزمة الآن بتقرير تفضيلها السلطوي في الساحة الفلسطينية: فهل تفضل سلطة قادرة على الحفاظ على استقرار نسبي في الميدان دون أن تفقد ثقة الجمهور الفلسطيني من جهة وثقة الأسرة الدولية من جهة أخرى؟ لهذا، من الضروري الحفاظ على شرعية السلطة الفلسطينية والضغط على أبو مازن لترسيم مسيرة نقل الحكم بشكل مرتب في حالة نزوله المفاجئ عن المنصة.
من جهة أخرى، إذا سمحت إسرائيل باستمرار المسيرة الحالية، والتي غايتها تقويض السلطة، فعليها أن تفعل هذا بعيون مفتوحة. الوضع في الضفة الغربية سيخرج عن السيطرة، وهذا لن يخدم إلا جهات متطرفة في الساحتين. التمسك بهذه السياسة معناه فرار واع يتمثل باختيار حماس (مرة أخرى) وفوضى سلطوية معناها انضمام الضفة الغربية إلى “السيوف الحديدية”.